ممثّلو المسلحين في وفد المعارضة: ولاء للسعودية وأدوار عسكرية فاشلة
«موكيّون» نسبة إلى «غرفة عمليات ألموك» التي أسبغت عليهم الدعم بصواريخ «التاو» أميركية الصنع. و«سعوديون» بسبب العلاقات الوثيقة التي طالما جمعتهم مع الاستخبارات السعودية.
ولكن ليست هاتان السمتان فقط ما يميّز الشخصيات التي تمّ اختيارها لتمثيل الفصائل المسلّحة ضمن وفد المعارضة السورية إلى محادثات جنيف المزمعة الأسبوع المقبل. فهناك سمات أخرى، قد يكون أهمها النزعة السلفية التي قادت بعضهم إلى تعاون مريب مع تنظيمات مصنّفة ضمن قوائم الإرهاب الدولية، وكذلك تشدّد بعضهم ضد الأكراد، علاوة على قضايا الفساد التي اتهمهم بها أقرانهم من المعارضين أو نشطاء الفصائل.
وبحسب التشكيلة التي أُعلن عنها، أمس، تقرّر أن يمثل الفصائل المسلحة كل من العميد أسعد عوض الزعبي رئيساً للوفد، ومحمد مصطفى علوش كبيراً للمفاوضين، وعضوية كل من العقيد عبد الباسط طويل والمقدم محمد العبود.
وإذ لوحظ غياب تمثيل «حركة أحرار الشام الإسلامية» في تشكيلة الوفد، وهو ما يؤكد انسحابها من هيئة التفاوض العليا وعدم التزامها بمخرجات مؤتمر الرياض، بدا واضحاً أن اختيار هؤلاء راعى تمثيل أهم الجبهات القتالية في سوريا. فالزعبي يمثل «الجبهة الجنوبية»، وطويل يمثل «الجبهة الشمالية» حيث شغل سابقاً منصب قائد هذه «الجبهة في هيئة أركان الجيش الحر»، كما شغل العبود منصب قائد «الجبهة الشرقية» في دير الزور والحسكة. أما علوش فإنه يمثّل جبهة دمشق عسكرياً، لكن الأهم أنه يمثل الفصائل الإسلامية المرضي عنها سعودياً وغربياً نوعاً ما. بينما لم يضم الوفد أي ممثلين عن جبهات الوسط أو الساحل.
ويشغل محمد علوش منصب رئيس المكتب السياسي في «جيش الإسلام»، وهو الفصيل المعروف بكونه الذراع السعودية الضاربة في محيط دمشق. وكان قائده الراحل زهران علوش قبل مقتله يتمتع بشبكة علاقات واسعة مع أجهزة الاستخبارات السعودية، وعدد كبير من رجال الدين المتنفذين في المملكة. وقد ورث ابن عمّه محمد علوش بعض هذه العلاقات من بعده. وفور الإعلان عن اختياره صرّح بأنه «لن نذهب لمفاوضات جنيف إلا بعد تنفيذ إجراءات حسن النيات، ومنها فك الحصار وإيصال المساعدات»، وهي الذرائع نفسها التي ردّدها العديد من المعارضين خلال الأسابيع الماضية، في مسعى لتأجيل انعقاد مؤتمر جنيف ريثما تتغير موازين القوى التي فرضها الجيش السوري بتقدّمه الميداني في ريف حلب واللاذقية.
بل من غير المستغرب أن يكون تعيين محمد علوش ككبير المفاوضين قد جاء في سياق هذه العرقلة، نظراً للموقف الروسي والسوري الرافض للتفاوض مع تنظيمات إرهابية، والمقصود هنا بشكل خاص «جيش الإسلام» و «أحرار الشام».
وبينما لم يمارس العميد المنشق أسعد الزعبي، الذي اختير رئيساً للوفد، أي نشاط قتالي ضمن الأراضي السورية منذ انشقاقه منتصف العام 2012، حيث فرّ بطائرته إلى الأردن، فإن كلاً من العقيد المنشق عبد الباسط طويل والمقدّم المنشق محمد العبود كان لهما أدوار معروفة في بعض قطاعات القتال. فالأول كان يتولى «قائد المنطقة الشمالية» في «هيئة أركان الجيش الحر»، وقد فشل فشلاً ذريعاً في وقف تقدم الفصائل الإسلامية، وعلى رأسها «أحرار الشام» و «جبهة النصرة» أواخر العام 2013، ومنعها من السيطرة على مستودعات الأسلحة التابعة لـ «الجيش الحر» على معبر باب الهوى مع تركيا.
كما فشل العبود، الذي كان يشغل «قائد المنطقة الشرقية» في وقف تقدم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» في دير الزور. وقد أقرّ، في أحد لقاءاته الصحافية في العام 2013، أنه «كان يتحاشى الصدام مع تنظيم داعش لأن هذا ما يريده النظام». ومن المعروف أن عدداً كبيراً من قادة «الجيش الحر» في دير الزور هم من سهّل دخول «داعش» إلى المحافظة من خلال المبايعات السرية. وقد طالبت عشرات الفصائل، التي شكلت ما سُمّي «تجمع مجاهدي دير الزور» مطلع العام 2014، بإقالة العبود ومحاسبته على تصرفاته المشبوهة.
أما العقيد عبد الباسط طويل فقد شكّل بعد انشقاقه بأسابيع «لواء ذي قار»، الذي سرعان ما حظي بثقة أميركية، فكان من الألوية التي استحقت مكرمة «التاو». لكن المفاجئ أن «لواء ذي قار» تهاون في تقدير هذه المكرمة الأميركية، وآثر في ظل الحملة التي قادتها «جبهة النصرة» ضد فصائل الشمال، أواخر العام 2014، أن يفتح مستودعاته ويسلم أسلحته، بما فيها صواريخ «التاو» إلى «جبهة النصرة» المصنّفة أميركياً على قائمة الإرهاب. ومن غير الواضح هل قام بذلك من باب الخوف أو بسبب نزعته السلفية التي كانت من الوضوح لدرجة أن قناة «الجزيرة» أشارت إليها في أحد تقاريرها عن الرجل، وعرّفت عنه أنه «مقرّب من السلفيين في المنطقة» أي إدلب.
كما وُجَّهت إلى طويل اتهامات عديدة بالفساد وسرقة المساعدات المالية، التي كانت تغدقها السعودية وقطر وتركيا على الفصائل المنضوية تحت قيادته، ولكن الأخطر أن العقيد طويل كان ضالعاً في عمليات الخطف التي طالت العشرات من الأكراد في ريف حلب منتصف العام 2013، وقد قام بتسليم بعضهم إلى السلطات التركية بذريعة انتمائهم إلى «حزب العمال الكردستاني» بينما اكتفى بأخذ فدية من الآخرين مقابل عدم تسليمهم. وكانت الفدية تصل إلى مليون ليرة سورية.
عبد الله سليمان علي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد