من يستمع لأنين مجتمع يسعى للعيش بكرامه في وطنه

07-02-2007

من يستمع لأنين مجتمع يسعى للعيش بكرامه في وطنه

الجمل:مصطفى علوش : قبل الخوض في الانقلاب الذي سيحدث على هيئة مكافحة البطالة وبعدها التنموي الاجتماعي، نقول: إن الفقرة (أ) من المادة (4) في الأهداف العامة للبرنامج ضمن القانون (71) التي أُحدثت الهيئة بموجبه عام 2001 ينص على: (دراسة وتمويل وتنفيذ مجموعة من الأنشطة الإنتاجية والخدمية التي من شأنها المساهمة في توليد الدخل وتوفير فرص عمل، وإيجاد مجالات جديدة للعمل والإنتاج وتنويع هيكل القطاع الاقتصادي والخدمي واستيعاب قوة العمل المتوافرة والداخلة إلى سوق العمل لأول مرة).
كما نصّت الفقرة (9) من المادة (4) على: (المساهمة في الحدّ من مشكلة البطالة في المناطق الريفية والصحراوية، من خلال تخصيص 20% من موارد البرنامج كمِنَح تعطى للمشاريع الجماعية التي تحقق ذلك).
ولمن لا يعلم نقول: إن برنامج تنمية المشروعات في هذه الهيئة قد أمّن /169578/ فرصة عمل للمشروعات الصغيرة والأسرية، و/4044/ فرصة عمل في المشاريع النوعية ة/280/ فرصة عمل ضمن القروض الإضافية. وضمن المشروعات الأسرية وحدها موّلت الهيئة /51513/، وأمّنت /64390/ فرصة عمل. والفئات الاجتماعية المستهدفة ضمن هذه المشروعات الأسرية تعتبر الأمس حاجة لقروض الهيئة لأنها الأكثر فقراً، والمشروع الأسري، وحسب تعريف الهيئة: هو نشاط اقتصادي منتج يوفّر فرصة عمل، ويدرّ دخلاً، وله صفة الاستمرارية في نطاق الأسرة، بما لا يتجاوز شخصين في الأسرة وبسقف (100) ألف ل.س، ويعطى مبلغ القرض دفعة واحدة بفائدة بسيطة 4% سنوياً، ونشرح هنا هذه التفاصيل المتعلقة بالمشروعات الأسرية لتدرك حجم الانقلاب الذي جرى التحضير له في المرسوم التشريعي (39) ومسودة نظام الإقراض الجديد حيث قضيَ نهائياً على هذه القروض الأسرية، وبالتالي الشرائح المستفيدة منها، وجاء رفع سقف الإقراض ليتحدث عن مئة ألف وحتى مليون ونصف للمشروعات بالغة الصغر والأسرية، وهذا يعني عدم استفادة أهم شريحة هي بحاجة لهذه القروض.
في المرسوم التشريعي رقم (39) الصادر في 14/9/2006 انتقلت الوزارة المختصة لقيادة الهيئة من وزارة الدولة لشؤون التخطيط إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
وفي التحضير لهذا المرسوم تمّ استخدام خبرات عربية وأجنبية وبمشاركة فردية من مدير عام الهيئة د.بيان حرب، واستبعاد مقصود لكل خبرات وكوادر الهيئة التي عملت لمدة خمس سنوات وحين حضر اثنان من هذه الخبرات أحد الاجتماعيات التحضيرية للمرسوم (39) طلبت السيدة الوزيرة د.ديالا الحاج العارف منهما عدم حضورهما لاحقاً، وحين سألت د.بيان حرب عن مشاركة الهيئة في المرسوم (39) قال: أنا شاركت في صياغة المرسوم. فقلت له: لماذا تم استبعاد كل خبرات الهيئة الوطنية عن صياغة هذا المرسوم؟ قال: أنا خلاصة الأفكار الموجودة في الهيئة، وحين أقول أنا فذلك يخص كل الخبرات في الهيئة.
تغيّر اسم الهيئة في المرسوم الجديد من هيئة مكافحة البطالة إلى (الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات) والواضح تماماً أن تغيير الاسم لم يكن شكلياً، فالبعد الاجتماعي التنموي للهيئة بات في آخر اهتمامات وأهداف الهيئة وسنوضح ذلك بالتفاصيل، ولكن قبل ذلك يحدثنا السيد أحمد عبد الرزاق خليل مدير تنمية المشروعات عن عدة نقاط إيجابية في هذا المرسوم أهمها تحول عمل الهيئة إلى عمل دائم بعد أن كان إحداثها في القانون 71 ينص لمدة خمس سنوات فقط، وهناك مسألة إحداث مركز النافذة الواحدة لتسهيل عملية الحصول على التراخيص من قبل المستفيدين، كما لحظ المشروع وضع برنامج لتدريب وإعادة تأهيل خريجي المدارس الفنية والمهنية، وخليل يوافقنا على ضرورة استمرار الجانب التنموي والاجتماعي في الهيئة، ويوافق على هذه الإيجابيات أيضاً السيد المدير العام للهيئة د.حرب. ويتحدث خليل عن إيجابية بفتح سقف الإقراض ليرتفع من 3 ملايين إلى 15 مليوناً، وكنت قد وضحت –والكلام لنا- أن فتح هذا السقف جاء ليخدم شرائح ميسورة ليست أصلاً بحاجة لهذا القرض، وأهم محور يجري القضاء عليه، وذلك ضمن مسودة الإقراض الجديد، التي يعدّها السيد المدير العام د.بيان حرب، هو الانتقال من الفائدة المدعومة من الدولة 4 إلى 5% خلال العام مع فترة سماح ورعاية للمشروع، إلى العمل وفق نظام المصارف أي: إلى العمل وفق الفائدة الجارية والتي تحصّلها المصارف، وهذا يعني التخلي عن أهم محور تنموي اجتماعي جاء إحداث الهيئة بسببه، فإذا كانت المؤسسات التمويلية الموجودة حالياً في السوق تقوم بمنح التمويل بأسعار الفائدة الجارية في السوق، وقامت الهيئة بمنح التمويل بالأسعار نفسها فإن الجدوى من هذه العملية ستكون ضعيفة، وإذا كانت استراتيجية الهيئة التوجه نحو الفئات التي لا تستطيع الحصول على التمويل وفق شروط مؤسسات التمويل الأخرى وبالتالي المساهمة في التشغيل وتخفيض نسبة البطالة فإن اللجوء إلى استخدام أسعار الفائدة السائدة يشكل عائقاً أمام أهداف الهيئة التنموية والاجتماعية.
كما نصّت الخطة الخمسية العاشرة صراحة على دعم المشروعات بتقديم قروض بفائدة مدعومة من الدولة، حيث تتحمل وزارة المالية الفرق بين سعر الفائدة المدعوم وسعر الفائدة السائد في السوق.
ونصّ المرسوم (39) على تنفيذ برامج تمويل المشروعات البالغة الصغر والمشروعات الأسرية عبر الجمعيات الأهلية غير الربحية، وهنا نبين أن أكثر من 90% من قروض الهيئة سابقاً من حجم تمويل 1،5 مليون فما دون، أي أن الشريحة الأعظم المستهدفة سيكون تمويلها عن طريق الجمعيات الأهلية غير الربحية، لذلك لابدّ من توضيح أن هذه الجمعيات ليس لها خبرات في مجال عمل الهيئة وتنمية المشروعات، وأيضاً يجب الانتباه إلى عدم إمكانية منح تمويل للفئات التي ستتوجه إليهم من خلال الجمعيات الخيرية الإسلامية إذا تمّ التعامل بالفائدة.
وهنا نتساءل وبقوة: لماذا جرى استبعاد خدمات الوحدات الإرشادية في سورية من المرسوم (39)؟ (هل الاتساع الجغرافي الكبير لعمل الهيئة المتعلق بالمشروعات الأسرية وصعوبة متابعة تحصيل أموال الهيئة واحتياجاتها إلى مجموعات قانونية وبنكية كبيرة) حسب توضيح د.بيان حرب يكفي لإلغاء تجربة عمل الوحدات الإرشادية، الناجح إجمالاً في الخبرة والتجربة الميدانية طيلة خمس سنوات.
ناقشت د.بيان حرب مطولاً في موضوع تخلّي الهيئة في مسودة الإقراض التي تعد الآن عن أهدافها التنموية والاجتماعية فحدّثني مطولاً عن ضرورة الانتباه إلى أن الهيئة- مؤسسة اجتماعية واقتصادية، وبيّن أهمية تحصيل الهيئة لأموالها، ونحن بدورنا لا نقول عكس ذلك إطلاقاً، لكن نذكّره بالتحول والانقلاب الذي يجري تحضيره والمتعلق بإلغاء البعد التنموي والاجتماعي في مسودة الإقراض فيقول د.حرب: (عن الهيئة هي جزء من نظام كلي وهي تعمل حسب استطاعتها، وإن تمويل المشروعات عن طريق البنوك هو إلغاء لحلقة بيروقراطية) ويرى أيضاً أن نظام الإقراض عن طريق الجمعيات الأهلية غير الربحية من أموال الهيئة هو البديل عن طريقة الإقراض التي مارستها الهيئة. ويرى في هذه التفاصيل الجديدة استجابة للعنوان الأساسي لعمل الحكومة في الخطة الخمسية العاشرة، وهو التحول إلى اقتصاد السوق الاجتماعي، ونعتقد أن هذا التوجه هو عكس استراتيجية الحكومة في خطتها الخمسية العاشرة.
وفي دفاعه عن التعامل بسعر الفائدة الجاري في البنوك بدل الفائدة المدعومة التي كانت الهيئة تقدمها، يرى أنه لابدّ من خلق آلية عمل في السوق دون أن يكون هناك تأثير على هذه الآلية من خلال تحديد سعر فائدة معين، وتسهيل الإجراءات لقطاع معين، لأن الأمر يستوجب أن تكون هناك آلية عمل ناظمة للسوق بشكل شامل، وبالتالي فإن قانون العرض والطلب في نظام السوق الاجتماعي هي التي تحدد شروط العمل لكل من يرغب وحسب النشاط الاقتصادي، ولابدّ لنا أن نعلّق على هذا الأمر الخطير في رأي د.حرب، بقولنا: (إن الباحثين عن دعم الهيئة مالياً وتدريبياً هم أضعف الناس مالياً ومادياً ولا يمكن لهم أن يتركوا عراة لسوق الاقتصاد الاجتماعي، فهذه الشرائح المستهدفة تبحث عن عمل وعن تمويل وعن دعم ومساندة ورعاية، وبالتالي هي ليست قطاعاً استثمارياً يمتلك الملايين والمليارات لينافس ويصمد، ولاشك أن تطبيق سعر الفائدة الجاري عليها وتسليمها لإجراءات القروض لنظام البنوك يعني إفراغاً شبه كامل لعمل هيئة مكافحة البطالة في بعدها التنموي، الاجتماعي).
وحين أعدت التأكيد على هذا البند الاجتماعي وضرورة البقاء ضمن هذه السياسة الاقتصادية ذكر د.بيان: انه لابدّ أن يكون هناك دعم لبعض المجالات الاقتصادية، لفترات زمنية محددة.
وفي الإطار ذاته حول الدور الاجتماعي التنموي للهيئة، عاد ليؤكد د.حرب على أن الهيئة مؤسسة اقتصادية إضافة إلى أنها مؤسسة اجتماعية، وبدورنا نقول له: يجب ألا تتحول الهيئة إلى بنك جديد في سوق الاقتصاد الاجتماعي، وثمة نقطة مهمة جداً في الأنظمة الجديدة التي تعدّ على نار هادئة وبرعاية وإشراف مباشر من وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هو التدريب بأجور معينة رغم أن المرسوم (39) وكل تفاصيله لا تنص على ذلك لا تصريحاً ولا تلميحاً، وبالتالي فإن اللجوء إلى تحصيل أجور من المستفيدين من قروض الهيئة وفق نظامها (الاجتماعي) الجديد هو مخالفة قانونية صريحة، ولم يقنعنا جواب د.حرب حول هذا الموضوع.. فقد رأى أن المسألة في جانب منها ذات بعد نفسي فإذا تم فرض أجور رمزية فيعني ذلك اهتمام المتدربين بالدورة، أمام  إحساسهم بأن الدورة مجانية فهذا يعني أن كل شيء لا يساوي شيئاً. هكذا وصف الأمر مدير عام الهيئة، وزعم أن أجور المدربين عالية.
طبعاً في نهاية اللقاء مع المدير العام وجهت له عدة ملاحظات حول عمله، منها: محاولته تكوين وتشكيل مجموعة تابعة له في الإدارة، والتفرد باتخاذ القرار (واعتبر ذلك اتهاما)، والبيروقراطية في العمل.. فأجاب بأن الهيئة تعمل وفق (فريق عمل). وهنا نسأله: إذا كنتم في الهيئة تعملون كذلك؟ لماذا لم يشارك غيركم في الهيئة قي إعداد المرسوم (39)؟ وهل تفكير فريق العمل يتم تلخيصه بشخصك الكريم فقط؟ مع العلم أن الهيئة تمتلك أفضل الخبرات والكفاءات المهنية والاقتصادية وتعتبر تجربة الهيئة رائدة على مستوى المنطقة.
وفي هذا السياق نسأله، كما نسأل السيدة الوزيرة د.ديالا الحاج عارف: لماذا يتم تعطيل عمل مجلس الإدارة لأكثر من سنتين؟
لماذا يتم استقدام عناصر جديدة موافقة لمزاج المدير ومزاجك مع العلم أن الحاجة لهذه العناصر غائبة في وجود عدد مهم من كفاءات الهيئة؟ ولمصلحة من يتم التركيز على موضوع التدريب على حساب التمويل؟ ومن سعى ليجعل الهيئة مصرفاً استثمارياً؟؟
وفي البال أسئلة كثيرة لا يمكن الإجابة عليها الآن، فقد تم تمرير مواد المرسوم (3) بهدوء شديد على صاحب القرار، وتم تغليف مواده بكثير من الإنشاد المخيف على حساب مضمونه الفعلي.
لذلك نطالب صاحب القرار الفعلي في سورية إعادة النظر بكامل المرسوم (39) وأبعاده، وتفصيلاته، والعودة عن العمل وفق أسعار الفائدة الجاري لأن فقراء سورية الذين تجاوزوا الخمس ملايين حسب اعترافات الحكومة ينتظرون الاحتضان والدعم.
وبالتأكيد إذا تم الانتباه لما ورد في تحقيقنا فإن الأمر يحتاج إلى إشراك خبرات الهيئة المدافعة عن خطها التنموي والاجتماعي، واستبعاد من يريد تحويل الهيئة إلى مصرف استثماري جديد يُضاف إلى سلة المصارف التي تعمل الحكومة ليل نهار على خدمتها.
طبعاً لم ننس الحديث عن تأخر صدور التعليمات التنفيذية ونظام الإقراض الجديد، لأننا نأمل توقيف كامل المرسوم وإصدار مرسوم جديد ينسجم والبعد الاجتماعي والتنموي، ولاشك أن آلاف الناس التي تراجع فروع الهيئة في شتى مناطق القطر والجواب البارد الذي تلقاه من عدم وجود تعليمات تنفيذية وأموال هو ما حرّضنا على إجراء هذا التحقيق.
فهل من يستمع لأنين مجتمع سوري بكامله يسعى للعيش بكرامة في وطنه؟
أم أن البلد بكامله يُعاد تفصيله على قدر مصلحة حفنة من التجار؟
بالتأكيد التفاؤل هو دافعنا وغايتنا وإلا لما كتبنا ما كتبناه.

 

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...