مهدي علي الراضي ينهي حياته احتجاجاً على ما يجري في العراق
أقدم الروائي والصحفي العراقي مهدي علي الراضي على الانتحار بشنق نفسه في شقته بدمشق، بعد أن ترك "ورقة بخط يده تشير إلى مدى إحباطه من حياته وما يحصل في العراق"،
ويُفسّر انتحار الأدباء والكتاب عادة على أنه تعبير عن ألمهم إزاء ما يجري في بلادهم وفشل أقلامهم في إخراجهم من حالة اليأس والقلق الدائم والأوضاع المادية المزرية، خاصة وأن الكثيرين منهم توفي ولا يمكلون تكاليف دفنهم التي يتبرع بها قراؤهم.
وكانت عجلة انتحار المثقفين حول العالم توقفت في مصر في تسعينيات القرن الماضي عندما انتحرت الكاتبة أروى صالح بعد "اكتشاف أوهام الشيوعية والناصرية" كما ذكر متابعون لسيرة حياتها. وقبلها انتحر الشاعر اللبناني خليل حاوي احتجاجا على "مؤامرة الصمت" عندما اجتاحت إسرائيل لبنان عام 1982. وقبل ذلك بسنوات طوال انتحر الروائي الياباني يوكويو ميشيما لانسياق اليابان وراء أمريكا، وانتحر الروائي الأمريكي "همنغواي" بعدما فقره.
وفي تفاصيل انتحار المثقف العراقي، عثر جهاز الأمن الجنائي بسوريا يوم الاحد الماضي 18-2-2007 على جثة الروائي العراقي مهدي علي الراضي في شقته بمنطقة جديدة عرطوز إحدى ضواحي العاصمة السورية دمشق حيث يقيم منذ سنوات.
وأوضحت مصادر عراقية في العاصمة دمشق يبدو أن الراضي شنق نفسه قبل تاريخ العثور عليه بثلاثة أيام وعندما انتشرت رائحة جسده ووصلت لمنازل جيرانه أبلغوا الأمن الجنائي الذي دخل شقة الراضي ووجده مشنوقا.
وولد الراضي عام 1951 في مدينة العمارة ( جنوب بغداد) وعمل في الصحافة الادبية ومحررا في صحيفة "الجمهورية" ومجلة "الف باء"، وغادر العراق نهاية السبعينيات إلى بيروت.
ونالت روايته ( العراقي المهجور) جائزة "Bood Locker" للأعمال الروائية في الولايات المتحدة عام 2001. وأسس جريدة بغداد المعارضة للنظام العراقي في دمشق عام 1992. ثم هاجر الى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1997 عبر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في دمشق قبل أن يعود للعراق عام 2003، ويبرز في كتابة كتاب الأعمدة الثقافية صحيفة "الصباح" الحكومية قبل ان يغادر مجددا إلى سوريا منذ ثلاثة أشهر.
وقال جابر الجابري، وكيل وزارة الثقافة العراقية، إن انتحار مهدي الراضي سابقة في تاريخ المثقفين العراقيين بالخارج. وأضاف "بعد سقوط النظام عاد للعراق وعمل في الصباح واحتفى به اتحاد الكتاب والأدباء العراقيين وبقي فيها إلا أنه كما يبدو إن لم يتح له الوضع في بغداد أن يستمر وعاد لدمشق".
وقالت المصادر، التي عرفت الراضي عن قرب، إن الأمن الجنائي السوري عثر على ورقة تشبه الوصية تركها في غرفته. وأضافت: كتب على الورقة "أرجو ألا تُحمل تبعات إقدامي على هذا العمل لأي طرف".
وأوضحت "ربما قصد من ذلك ألا يتهم أي جهة بشنقه وفعلا خرجت مواقع عراقية لتتهم سوريا على خلفية مقالاته في صحف عراقية انتقدت سوريا، إلا أن هذا غير منطقي لأنه يوجد صحفيون عراقيون بدمشق تحدثوا عن توتر العلاقات السورية العراقية بتطرف أكثر من الراضي ولم يحصل لهم شئ ولم يتم حتى توقيفهم".
وزادت المصادر: كان يعاني الراضي من أوضاع نفسية صعبة فهو مفترق عن زوجته وأوضاعه المالية متردية جدا وزاد من شربه للعرق علما أنه مدمن على شرب العرق منذ السبعينيات، والأوضاع في العراق لا تسمح له بالعودة. كان يحترق وهو يرى العراق بهذا الشكل والشئ الوحيد الذي يمكن أن يقوم به احتجاجا على ما يحصل هو أن يشنق نفسه. كان يعاني كآبة شديدة جدا وكان لديه حلم بالعودة للعراق ولم يعد يحتمل ما يحصل.
ورأى حسن العلوي، الذي يعتبر عميد السياسيين العراقيين المقيمين بالعراق، أن انتحار مهدي الراضي "جزءا من مأساة الإعلاميين العراقيين الذين حرموا من أي شئ بينما أموال الإعلام العراقي في عهد صدام بنيت بها مؤسسات ومجلات في دول عربية والآن أموال العراق تنهب بطريقة أخرى والصحفي العراقي لا يملك ثمن جنازته وهذا الرجل مات ولا يملك ثمن جنازته ودفع قراؤه تكلفة دفنه".
حيان نيوف
المصدر: العربية نت
إضافة تعليق جديد