موسكو: العقوبات الأميركية على سورية باتت تضر بمصالح روسيا الاقتصادية

09-09-2012

موسكو: العقوبات الأميركية على سورية باتت تضر بمصالح روسيا الاقتصادية

أماط وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس اللثام عن مبادرة سياسية جديدة تجاه سورية تتمثل في الدعوة إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي على المستوى الوزاري نهاية الشهر الجاري يصدق على اتفاق جنيف، لكن نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون ربطت موافقة بلادها على ذلك بتهديد سورية بفرض عقوبات ضدها إذا لم تلتزم، ما اعتبره الوزير الروسي بلا جدوى، محذراً لأول مرة من أن العقوبات الأميركية على سورية باتت تضر بمصالح روسيا الاقتصادية.
 
في المقابل، برز خلاف في الرأي بين روسيا والأمين العام للأمم المتحدة حول أداء مجلس الأمن الدولي تجاه الأزمة في سورية، وأكدت موسكو أن المجلس ليس «مشلولاً»، حسب ما ذهب إليه بان كي مون.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد مباحثاته مع نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون أمس على هامش قمة منظمة «أبيك» المنعقدة في فلاديفوستوك الروسية: إن «ثمة مشروعاً لعقد اجتماع خاص لمجلس الأمن الدولي بمشاركة الوزراء حول المسألة السورية»، مشيراً إلى أنه سيعقد نهاية أيلول الجاري.
وأوضح لافروف أن «روسيا ستصر على أن يصدق مجلس الأمن على بيان جنيف»، مبيناً أن موسكو تدعم الاتفاقات التي تم التوصل إليها في جنيف إلا أن أوروبا والولايات المتحدة ترفضان إقرار هذه الاتفاقات في مجلس الأمن.
وأكد أن تلك الاتفاقات تمثل «البديل الحقيقي لاستمرار العنف»، مذكراً أنها تقضي بضرورة قيام كل من المعارضة والحكومة بتحديد مفوضين للمفاوضات، مشيراً إلى أن الحكومة السورية قد فعلت ذلك.
واتفقت مجموعة العمل حول سورية (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وتركيا والعراق والكويت وقطر) أواخر شهر حزيران الماضي، في جنيف على مبادئ انتقال سياسي في سورية. ولكن الوزيرة الأميركية أكدت خلال لقائها نظيرها الروسي أن بلادها منفتحة أمام أي محاولة جديدة لطرح قرار دولي يستند إلى خطة جنيف، لكنها شددت على أن مثل هكذا قرار يجب أن يرفق بعقوبات في حال لم تلتزم به دمشق، حسب ما أفاد مسؤول أميركي.
وقال المسؤول الرفيع المستوى، طالباً عدم ذكر اسمه: إن كلينتون أبلغت لافروف أنه «في الظروف الحالية التي تشهد تصعيداً في العنف، علينا فعل المزيد، إذا أمكننا الأمر، في مجلس الأمن لتوجيه رسالة قوية»، لكنها لفتت إلى أن أي قرار دولي «لن يدفع الأمور قدماً إلا إذا نص على عواقب فعلية في حال عدم الالتزام به» مثل عقوبات اقتصادية.
وأضاف المسؤول الأميركي الرفيع: إن كلينتون شددت أمام نظيرها الروسي على أنه في ظل انعدام الضغوط الدبلوماسية الجدية على دمشق فإن الولايات المتحدة تبقى ملتزمة «تسريع وتيرة العمل مع الدول التي تشاطرها المواقف نفسها لإنهاء النظام السوري» .
ورد لافروف على ذلك في تصريحاته مؤكداً أن بلاده ترفض العقوبات في سورية لأنها لن تأتي بأي نتيجة، وأشار إلى أن العقوبات الغربية الأحادية الجانب على سورية، فرضت دون تشاور مع بلاده أو حتى إبلاغها بها، وأضاف: «إن الغرب لم يستخدم لذلك الآليات الجماعية بما فيها مجلس الأمن الدولي»، وتابع قائلاً: «الآن وبعد مرور وقت من عمل العقوبات يبدأ الغرب يتهم روسيا والصين بإعاقة توحيد المجتمع الدولي». ولفت إلى أن روسيا ليست لديها مصالح عمل في سورية، مشيراً إلى أن حجم التعاون الاقتصادي التجاري وكذلك العسكري بين موسكو ودمشق لا يمكن أن يقارن بالمصالح الاقتصادية الغربية لدى سورية (وكذلك ليبيا)، محذراً في الوقت نفسه من أن العقوبات الأميركية المفروضة على سورية وإيران تبدأ تمس المصالح المباشرة لقطاع الأعمال الروسي وخاصة البنوك الروسية.
وكرر الوزير الروسي الإشارة إلى وجود تطابق بين موسكو وواشنطن حول الهدف النهائي في سورية، مؤكداً أنهما ترغبان في أن تصبح سورية دولة حرة وديمقراطية ومزدهرة بقيادة حكومة منتخبة من قبل الشعب، لكنه شدد على ضرورة قيام القوى الخارجية المؤثرة بالضغط على أطراف النزاع في سورية من أجل إرغامها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وشدد لافروف على أن الدعوات إلى القتال «حتى النصر» غير مثمرة، متهماً الأوروبيين بتحريض المعارضة السورية على رفض الحوار ومواصلة القتال، قائلاً: «إن شركاءنا الأوروبيين للأسف يسعون إلى ذلك بالتحديد في الوقت الذي نتمسك نحن بخطة كوفي أنان» ذات النقاط الست.
وأكد أن موسكو تدعم مبادرة هيئة التنسيق الوطنية لعقد مؤتمر لكل أطياف المعارضة في دمشق، المقرر عقده في 12 من الشهر الجاري.
وفي ذات السياق، نقل شدد بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية عن لافروف قوله: إن روسيا لا تتفق مع تصريحات كي مون بشأن دور مجلس الأمن في سورية، التي قال فيها: إن «شل مجلس الأمن الدولي يضر بالشعب السوري ويقوض ثقة المجلس».
وأشار البيان إلى أن الأزمة السورية تبقى في مركز اهتمام مجلس الأمن وأن الأمين العام للأمم المتحدة يعلم ذلك جيداً، مؤكداً أن الإجراءات التي اتخذها المجتمع الدولي (قرارا مجلس الأمن الدولي 2042 و2043 وخطة أنان وبيان جنيف) تفتح الطريق لوقف العنف في سورية وإطلاق حوار سياسي شامل، داعياً شركاء روسيا في مجلس الأمن الدولي للعودة إلى المواقف التي تم إقرارها في بيان جنيف.
لكن الخارجية الروسية أشارت إلى أن موسكو «ترى أن هذه الخطوات لم تنفذ على أرض الواقع ويعمل الجانب الروسي على تنفيذها»، مؤكدةً أن الخروج من الأزمة يمكن فقط من خلال توحيد الجهود الرامية إلى وقف العنف من كل أطراف النزاع بأسرع ما يمكن وتوفير الظروف الملائمة لإطلاق العملية السياسية التي سيديرها السوريون بأنفسهم.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...