ميتشل: خطة سلام أميركية خلال أسابيع
بعد خمسة أشهر من تسلمه هذا المنصب وتجنبه التفاعل مع الإعلاميين في واشنطن، تحدث المبعوث الأميركي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل، أمس، عن «استئناف فوري وانتهاء مبكر» للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
كان ميتشل بهدوئه وخبرته في مناطق النزاع متحفظا على الدخول في كل تفاصيل قضايا الوضع النهائي، وطرح معادلة لبناء الثقة واستئناف المفاوضات تجمع بين وقف الحكومة الإسرائيلية لأنشطة الاستيطان مقابل تحمل السلطة الفلسطينية مسؤولية الأمن والعمل على وقف التحريض ضد الدولة العبرية.
ذكر ميتشل إن الإدارة الأميركية ستعلن قريبا رؤية لعملية السلام، وان هذه الخطة ستطرح «في أسرع وقت ممكن. بالنسبة لي هي مسألة أسابيع وليس أشهر».
وأعرب عن أمله بالتوصل إلى «حل مبكر بطريقة مقبولة لكل الأطراف»، لكنه أوضح انه «لا جدول زمنيا لنهاية مسار لم نبدأ به بعد، لكن المسار ليس مفتوح الأمد»، ما قد يعني أن الرئيس الأميركي باراك اوباما قد يوقف السعي إلى السلام مع انقضاء العام الثاني من ولايته.
الملفت أيضا تركيز ميتشل على «خريطة الطريق» بحيث اعتمدها قاعدة لإطلاق المفاوضات، لا سيما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ارييل شارون وافق عليها عام 2003، ما يعطي الإدارة الأميركية ورقة لإقناع رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو الالتزام بها.
وكرر ميتشل موقف الإدارة الأميركية من وقف الاستيطان، موضحا انه لا يوجد «تعريف عالمي للنمو الطبيعي»، مشيرا إلى أن ما يسمعه من المسؤولين الإسرائيليين هو حديث عن معدلات الولادة. ورأى انه «ينبغي أن تكون الخطوات متبادلة». وأضاف «ليس فقط من مسؤولية» الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني الوفاء بالتزاماتهم لتحقيق السلام بل انه «من مصلحتهم».
وكان ميتشل زار المنطقة أربع مرات منذ تسلمه هذا المنصب، مشيرا إلى أن مشاوراته في المنطقة «ليست منازعات بين خصوم، إنها مباحثات بين حلفاء نتشاطر معهم أمل السلام»، مشيرا إلى أن هناك حاجة إلى «عمل صعب وخطوات ملموسة» لتحقيق هذا الأمر. وتابع «الحل الوحيد القابل للحياة لهذا النزاع هو تلبية طموحات الطرفين عبر دولتين، يضمن هذا الأمر امن إسرائيل على المدى الطويل، ومن مصلحة الولايات المتحدة وكل المنطقة»، داعيا إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية.
وتحدث عن زيارته إلى سوريا بقوله «انها جزء من جهودي في السير بهدف الرئيس (اوباما) لنرى تقدما على كل المسارات». ولم يستبعد ميتشل عقد واشنطن مؤتمرا دوليا على غرار انابوليس «حين يحين الوقت، وإذا ما اعتقدنا انه يجب حصول هذا الأمر»، مشيرا إلى أن الإدارة الأميركية ستبني رؤيتها على «أفضل ما في الماضي» من مقاربات عملية السلام.
وعن خطاب نتنياهو، قال ميتشل «رئيس الوزراء طرح عددا من الأهداف التي تسعى إليها إسرائيل عبر المفاوضات، والأمر نفسه بالنسبة إلى الفلسطينيين، وجهدنا أن نبدأ مفاوضات جوهرية حيث ستكون هذه القضايا جزءا من المفاوضات». وأضاف «ما يهم في خطاب نتنياهو انه تضمن دولة فلسطينية». ورأى أن لا تناقض بين دولة فلسطينية «منزوعة السلاح» كما طرحها نتنياهو، ودولة فلسطينية «قابلة للحياة» كما طرحها اوباما.
وعن حركة حماس، قال ميتشل «نرحب بمشاركة أي طرف مستعد لتلبية شروط الحوار الديموقراطي». وأضاف «على حماس أن تأخذ بالاعتبار إذا كان بوسعها اتخاذ خطوات للمشاركة في العملية».
وحول ما إذا ستكون المفاوضات «رهينة» موقف حماس، رد ميتشل «سنمضي قدما». وشجع جهود الوحدة الفلسطينية التي تقودها مصر «شرط أن تقبل الحكومة وكل أعضائها بمبادئ الرباعية الدولية»، وهذا موقف جديد نوعا ما لان الإدارة الأميركية تحدثت سابقا عن التزام الحكومة الفلسطينية بمبادئ الرباعية في بيانها الوزاري وليس أعضاء الحكومة بالضرورة.
ورأى ميتشل أن انتخاب اوباما وخطابه في القاهرة والتزامه المبكر بعملية السلام وجهود وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون «أدت إلى فارق دراماتيكي في المواقف في المنطقة»، مشيرا إلى أن «الخطر الإيراني وفر فرصة فريدة لإمكانية تأسيس مصلحة مشتركة» بين الدول العربية وإسرائيل.
وقال بتفاؤله المعهود «ارفض فكرة انه إذا كان هناك خلاف حول موقف أو بعض المواقف، بان هذا يعني انه لن يكون (هناك) اتفاق. عليك أن تبدأ على افتراض انه من مصلحة كل الأطراف، الطويلة الأمد، وحاجة شعوبهم للتوصل إلى اتفاق عادل يرضي الجميع... لما كنت قبلت هذه المهمة إذا لم اعتقد أن هناك فرصة واقعية لتحقيق السلام. سنستخدم كل الأدوات في هدفنا لتحقيق هذه الأمر».
وتطرق ميتشل إلى صعوبة المواقف على الأرض، موضحا «في كل مفاوضات شاركت فيها اتخذت الأطراف مواقف لا يمكن التوفيق بينها». وتابع «من المبكر وضع تقييم نهائي»، مشيرا إلى أن تطورات المنطقة تتحول بسرعة «وأنا متردد في أن أكون محددا في توقع الأحداث».
وهو لا يعتقد «بإجراء المفاوضات عبر الإعلام»، وكثير من مصداقية الإدارة الأميركية الحالية في عملية السلام تعتمد على شخص ميتشل وقدرته على أن يعيد إلى الولايات المتحدة حدا أدنى من الموضوعية لمقاربة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي الذي تعمق في العقد الأخير.
جدد ميتشل في إيجازه الصحافي استقلاليته عن كلينتون، بحيث كان مؤسسة قائمة بذاتها داخل وزارة الخارجية مع باب لا يغلق مع الرئيس الأميركي. والمعروف عن ميتشل انه لا يواصل جهودا من دون أفق لتحقيق الأهداف، فلا احد يعرف بعد متى سيتعب ويستقيل أمام تعقيدات المنطقة أو متى يحدث اختراقا لا يتوقعه احد.
جو معكرون
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد