نصرالله: السيارات المفخخة أديرت من الرياض
لم تثن الحملة السعودية على لبنان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن مواقفه. بهدوء سعى من خلاله إلى طمأنة اللبنانيين إلى الوضع الأمني، أعاد الالتزام بموقفه من العدوان السعودي على اليمن، إذ قال إن خطابه في اليوم الثاني للعدوان هو أفضل ما قام به في حياته.
والخطاب الذي ذكره نصرالله، كان فاتحة عهد جديد من أداء حزب الله الإعلامي تجاه السعودية، عنوانه المواجهة والتخلي عن سياسة الصمت. هذه السياسة تحدّث عنها الأمين العام لحزب الله أمس، لافتاً إلى أن الحزب التزمها، رغم أن اعتداءات النظام السعودي على المقاومة وبيئتها ليست جديدة، مذكّراً بالموقف السعودي في حرب تموز 2006، وكاشفاً أن السيارات المفخخة التي كانت تنطلق من منطقة القلمون السورية نحو البقاع والضاحية في الأعوام الثلاثة الماضية، كانت تُدار من الرياض «ولديّ أرقام الهواتف». وأكّد نصرالله أن السعودية وإسرائيل تريدان فتنة بين السنّة والشيعة في لبنان، والحزب لن ينجرّ إليها، ولن يشهد «لا 7 أيار ولا قمصان سود». واستنكر السيد الهتافات التي أطلقها بعض المعترضين على فيلم قناة «ام بي سي» الساخر منه، وخاصة منها الهتافات المذهبية، مذكّراً بالفتاوى التي تُحرّم سبّ الصحابة والرموز الإسلامية. ودعا جمهور المقاومة إلى عدم الانجرار خلف ردود الفعل وقطع الطرق حتى لو كان هو (السيد نصرالله) المستهدف في نقد أو سخرية أو تهجّم.
حزب الله لا يحضّر لـ7 أيار ولا لـ«قمصان سود» ولن نقلب الطاولة
واستهل الأمين العام لحزب الله كلمته بالتوجه بالتعزية والمواساة إلى «عوائل الشهداء، ومن بينهم الشهيد القائد علي فياض، الذين استشهدوا أثناء مساهمتهم في فك الحصار عن مدينة حلب» التي قطع تنظيم «داعش» الطريق إليها، قبل أن يستعيده الجيش السوري والمقاومة قبل يومين. وأعلن أنه سيتحدّث في الأيام المقبلة عن هذا الأمر بالتفصيل.
وفي شأن الأزمة السعودية مع لبنان، قال إن الاعلان السعودي عن وقف العمل بالهبتين إلى الجيش اللبناني «أدخل لبنان في مناخ من التوتر على الصعيدين الاعلامي والشعبي. منذ 19/2/2016، يوم إعلان وقف الهبات، دخلنا في مرحلة جديدة واضحة رافقها تصعيد سعودي. حصلت عدة أمور، من بينها توزيع بيانات مجهولة المصدر معروفة الخلفية تطلب من أهل السنّة في الضاحية الانتباه، وأن طريق الجديدة مستهدفة، وذهبت الى حد التمادي الاعلامي في هذا الامر». ورأى أن هدف هذه البيانات كان للعمل على الفتنة بين الشيعة والسنّة، إضافة الى إعلان السعودية منع سفر رعاياها الى لبنان لأسباب أمنية، منتقداً ذلك «لأن لا أسباب توحي بحصولها. أما الاعلام فأخذ مداه في تأجيج الفتنة والادعاء أن 7 أيار جديد سيحصل». وقال: «لنعترف بأن ردّ الفعل الشبابي على برنامج (أم بي سي) ساعد في إثارة المخاوف والقلق في الاوساط الشعبية اللبنانية». وأصرّ على الحفاظ على السلم في لبنان، نافياً أي إعداد لـ7 أيار ولا لـ»قمصان سود»، أو لأي توتير.
وتمنى وقف القتال في سوريا واستمرار الهدنة والذهاب الى حل سياسي، «ولكن تركيا وإسرائيل لا تريدانه، وربما أميركا، ولكن رغم كل ما يجري بيننا وبين السعودية يجب تحييد هذا البلد، بما فيه النزول الى الشارع». ورفض الادعاء أن «حزب الله يريد قلب الطاولة، لأننا نريد التواصل حولها، ولكن من يريد أن يقلبها فليتفضل». وأكد «اننا لا ننوي الاستقالة من الحكومة، والبقاء فيها مصلحة وطنية، رغم أنها حكومتكم»، مؤيداً استمرار الحوار مع تيار المستقبل، «لأن المصلحة في الحوار بمعزل عن نتائجه».
وتعليقاً على التحركات في الشارع استنكاراً للفيلم الذي استهدفه، رأى نصرالله أن «هذا الاسلوب غير صحيح وغير مناسب». وطالب مسؤولي حزب الله بتوعية الشبان الذين شاركوا في التظاهرات، والطلب إليهم عدم تكرارها، مستنكراً الدعوات إلى التظاهر أمام السفارة السعودية، لأن ذلك يعرّض البلد لخطر الفتنة، «ويخدم قتلة الشيخ النمر الذين أعدموه لإشعال فتنة سنية ــ شيعية». ووصف التعرّض بالشتم للرموز الدينية الإسلامية بـ»الخطيئة والعيب والحرام وغير الجائز ويؤذي المقاومة ووحدة المسلمين وصوابية المعركة»، مذكّراً بفتوى السيد علي الخامنئي بحرمة شتم الرموز الدينية، «إضافة الى ذلك، فإن من يشتم إنما يسيء الى الدين والمسلمين ومقدساتهم، وهذا يخدم إسرائيل والسعودية». ورأى أن «هذا الاسلوب إنما هو أخطر طريقة لتأجيج الفتنة في ظل إعلام مفتوح».
ولفت إلى أن تجميد العمل بالهبتين السعوديتين إلى الجيش تم بعد وفاة الملك السعودي السابق عبدالله بن عبدالعزيز، «ولكن في ظل أزمة مع حزب الله ذهبت السعودية الى وقف الهبات وتحميل المسؤولية لحزب الله، واختاروا التوقيت كي يحمّلونا المسؤولية. وما استجدّ هو تهديدات السعودية بالقيام بإجراءات جديدة بعد وقف الهبات والطلب الى رعاياها عدم المجيء الى لبنان ومغادرته، إضافة الى تبرّع البعض بتقديم اقتراحات للسعودية للقيام بها، مثل وقف رحلاتها الجوية، وخفض المستوى الدبلوماسي وسحب الودائع وطرد اللبنانيين من السعودية». وأضاف: «فتحوا معركة عروبة لبنان والهوية العربية، وما الذي تغيّر؟ وهل شعرتم بأن عروبة لبنان مهددة؟». ودافع عن موقف وزير الخارجية جبران باسيل في مجلس وزراء الخارجية العرب ومؤتمر القمة الإسلامية، لافتاً إلى أن الهجوم على باسيل يأتي في سياق «الضغط على حليفنا».
مستمرون في الحوار مع المستقبل ولو لم يفض إلى نتائج
وخاطب نصرالله السعوديين بالقول: «مشكلتكم معنا، وليست مع حلفائنا. لكن المطلوب (سعودياً) من الحكومة واللبنانيين والمغتربين أن يضغطوا ويقاتلوا حزب الله لإجباره على التراجع عن موقفه من السعودية، حتى وإن أدى الامر الى سقوط الحكومة ووقوع فتنة». وعبّر عن اعتقاده بأنه نتيجة لتجربة الحرب الاهلية وما يجري في المنطقة، لن يستجاب للسعودية، والأمر يقتصر على الصراخ.
واستذكر مواقف السعودية واستهدافها للمقاومة، منذ سنوات، مروراً بحرب تموز 2006. وذكّر بأن حزب الله «لم يفتح معركة معها»، حتى عندما دخلت دباباتها إلى البحرين لسحق الحراك السلمي. «ورغم أن السعودية كانت تدير الحركة وتطحن العظام وتمسح وتدمر في سوريا، وقبلها العراق من خلال السيارات المفخخة بتمويل منها، لكننا كنا ساكتين. وأيضاً حتى السيارات المفخخة التي انفجرت في لبنان كانت تدار من السعودية، ولديّ أرقام الهواتف».
وتابع: «في اليمن ترتكب المجازر، حتى إن بان كي مون لم يستطع السكوت عنها. يومياً يرتكب النظام السعودي مجازر في اليمن. من يُرد أن يسكت فهو حر، أما نحن في حزب الله، إنسانياً وعربياً وعروبياً وجهادياً، وحتى بالمصلحة الوطنية اللبنانية، لم يكن بإمكاننا السكوت عن المجازر في اليمن، لذلك سنتابع الحديث عنها ولن نسكت. لا بحسابات الدنيا ولا بحسابات الآخرة يمكننا أن نسكت. وهنا وقع المشكل، إذ إن الأمراء في السعودية يحق لهم ارتكاب المجازر والجلوس علناً مع الاسرائيلي، لكن يحل الغضب على من يتكلم على ذلك». وقال: «هذه هي جريمتنا، ولكنها جريمة نفتخر بها. وإذا سئلت عن أعظم وأفضل شيء قمت به في حياتي، أقول إنه الخطاب الذي قلته عن السعودية في اليوم الثاني لبدء العدوان على اليمن. وهو أعظم من حرب تموز، إذ إن الشعب اليمني تجاوز بمظلوميته الشعب الفلسطيني. وعندما ترى شعباً بهذه المظلومية، فأنا أرى، (من خلال) انتمائي الاسلامي الى النبي والحسين، ضرورة أن نأخذ هذا الموقف. وعندما يتم السكوت عن السعودية عمّا تفعله في عدوانها على اليمن، فهذا يعطيها شرعية كي تشنّ حرباً في أي بلد عربي».
(الأخبار)
إضافة تعليق جديد