واشنطن: مهندسو انقسام الشرق الأوسط يواجهون الانقسام الداخلي
الجمل: تربع الديمقراطيون على أجهزة صنع واتخاذ القرار التشريعي في الولايات المتحدة الأمريكية، ولم يعودوا يرضون بمجرد البقاء في قاعات الكونغرس (مجلس النواب) من أجل مناقشة تقارير البيت الأبيض والإدارة الأمريكية، حول قضايا الشرق الأوسط، ثم المصادقة على توصياتها، ويعود الفضل في تمرد الديمقراطيين وخروجهم على خط الإدارة الأمريكية إلى الإدارة الأمريكية نفسها، وذلك لأن النتائج السلبية التي أدت إليها التقارير الكاذبة التي قدمتها إدارة بوش إلى الكونغرس الأمريكي حول هجمات أيلول وحرب أفغانستان، وحرب العراق، والأراضي الفلسطينية، والأزمة اللبنانية.. وقد قضت تماماً على مصداقية وموثوقية كل ما تقوم به الإدارة الأمريكية.
والآن خرج الديمقراطيون، وبعض الجمهوريين، بحثاً عن الحقائق الميدانية، ولن تكون نانسي بيلوزي الأخيرة، بل تشير كل التوقعات إلى أن مطار دمشق سوف يستقبل هذا العام الكثير من المسؤولين الأمريكيين الباحثين عن الحقيقة.
وعلى خط نانسي بيلوزي صرح النائب الأمريكي الديمقراطي توم لانتوس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب الأمريكي واصفاً اجتماع الأسد- بيلوزي في دمشق، بأنه (مجرد نقطة البداية لحوارنا البنّاء مع سوريا، ونأمل مواصلة البناء على هذه الزيارة).
كذلك دافع المكتب الصحفي لنانسي بيلوزي عن زيارتها لسوريا، وقال المتحدث الرسمي باسمها: (إن أسلوب الكتف البارد الذي تستخدمه الإدارة الأمريكية إزاء سوريا لم يثمر عن شيء سوى المزيد من تصلّب السوريين).
الفعل السياسي، أي فعل، تترتب عليه أكثر من ردود الأفعال والتداعيات، وخلال فترة اندلاع حرب الصيف الماضي، وعلى خلفية الانقسام والخلاف بين بعض الأنظمة العربية حول الموقف من حزب الله، تناول دينيس روس (مبعوث السلام الأمريكي السابق في الشرق الأوسط) القلم والورقة، وكتب تحليلاً نشره موقع معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى التابع للوبي الإسرائيلي قائلاً بضرورة أن تتحرك الإدارة الأمريكية من أجل توظيف واستثمار الفرصة السانحة، وبناء مظلة أمنية عربية تضم الأطراف العربية المعارضة لحزب الله وسوريا.
وبالفعل أعقب ذلك تحركات الإدارة الأمريكية ووزارة الخارجية الأمريكية، على النحو الذي أدى لميلاد تحالف (المعتدلين العرب)، والذي ضم: مصر، الأردن، السعودية، حكومة السنيورة، حكومة محمود عباس، والدول الخليجية.
كذلك استطاعت الإدارة الأمريكية أخذ (قطيع) المعتدلين العرب إلى دوائر أخرى، أبرزها: التعاون والتنسيق الامني والاستخباري والسياسي مع إسرائيل، والتحالف مع أمريكا وإسرائيل ضد إيران، وتأييد الوجود الأمريكي في العراق، إضافة إلى معاداة سوريا، حماس، حزب الله، وغيرها من الأطراف العربية الرافضة للمشروع الأمريكي- الإسرائيلي.
وقياساً على مبدأ هذه بتلك، فإن الانقسام بين الأطراف الشرق أوسطية حول قضايا الشرق الأوسط، قد دخل مرحلة التنفيذ العكسية، والآن أصبحت الإدارة الأمريكية التي قامت بهندسة انقسام الشرق الأوسط، ف مواجهة مرحلة الانقسام الداخلي الأمريكي حول قضايا الشرق الأوسط، وذلك من جراء نشوء التكتل السياسي الجديد، الذي استطاع أن يلتف على السياسة الخارجية الأمريكية، باستخدام الدبلوماسية العامة بدلاً عن الدبلوماسية الرسمية، وذلك من أجل صنع سياسة خارجية أمريكية حقيقية واقعية ترفض الأطروحات المثالية التي الإدارة الأمريكية تقوم بتصميم نماذجها وفقاً للتقارير الكاذبة التي تعدها جماعة المحافظين الجدد وأصابع اللوبي الإسرائيلي.
برغم الإيجابية في أسلوب الدبلوماسية العامة، إلا أن إسرائيل تظل المشكلة والعقدة الدائمة في السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية، فالديمقراطيون يمكنهم معارضة الوجود الأمريكي في العراق، ومعارضة الحرب ضد إيران، ولكن لا يمكنهم المضي قدماً لمسافة أكبر في معارضة إسرائيل، والمطلوب حالياً المزيد من الحوار ومد جسور الثقة والمصداقية مع كل من يطلب الحقيقة، لأنه كما قال السيد المسيح عليه السلام: بالحقيقة وحدها يتحرر الإنسان، وبالحقيقة وحدها يمكن أن تتحرر أمريكا من قبضة جماعة المحافظين الجدد واللوبي الإسرائيلي.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد