14 آذار تلاقي رايس بالتصعيد ضد إيران وسوريا وحزب الله
لم يكد وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير يغادر بيروت، ويدلي بتصريحاته السلبية عن دور إيران وسوريا في لبنان، بالتزامن مع إعلان وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس عن صفقات تسليح لدول خليجية ومصر وإسرائيل من أجل مواجهة ما سمّته «تهديدات سوريا وإيران والقاعدة وحزب الله»، حتى لاقت قوى 14 آذار التصعيد الأميركي الجديد بتصعيد مماثل ضد «حزب الله»، فخرج رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط عن صمت طويل نسبياً ليجدّد اتهامه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله بأن جدول أعماله «ليس لبنانياً، بل إيراني ـــــ سوري»، رابطاً الحل في لبنان بـ«تغيّر» الظروف الإقليمية، فيما كرّر النائب سعد الحريري أن حكومة فؤاد السنيورة «خط أحمر» واصفاً الاتهامات بحق رئيسها بـ«الكاذبة والمغرضة» و«تعبّر عن حقد وفشل كل من يتفوّه بها».
يأتي ذلك فيما بقي السجال السياسي على غاربه على وقع الانتخابات الفرعية المقررة الأحد المقبل، من دون استبعاد إمكان بروز تطورات ما، يمكن أن تلغي هذا الاستحقاق وخصوصاً في المتن الذي ترتفع فيه درجة الاحتقان بفعل غياب المساعي التوفيقية التي اصطدمت بمواقف الطرفين المتنافسين.
وقال جنبلاط في حديث الى محطة «الجزيرة» مساء أمس إن «إيران تستخدم السيد نصر الله لتحسين شروط التفاوض مع أميركا وإسرائيل». وتساءل: «عن أية إيجابيات يتحدث الرئيس فؤاد السنيورة في خطاب نصر الله»، مجدّداً رفضه تأليف حكومة وحدة وطنية، ومبشراً بأن «الشلل الحاصل سيكمل إلى أن تتغير الظروف الإقليمية، أو ربما تندمج المقاومة في إمرة الدولة ويعترف السيد نصر الله بأنه لبناني».
كلام جنبلاط ترافق مع تصعيد مماثل للحريري أمام جمع من مناصري «المستقبل» في بيروت زاره في قريطم، أمس، فوصف الاتهامات التي يسوقها البعض بحق رئيس الحكومة بـ«الكاذبة والمغرضة، وتعبّر عن حقد وفشل كل من يتفوّه بها»، واصفاً السنيورة بـ«القومي العربي، المقاوم، والصديق الوفي للرئيس الشهيد رفيق الحريري»، إضافة الى كونه «واجه الحرب الإسرائيلية بكل شجاعة، ولم يفرّط بسيادة لبنان، وهو يبذل كل ما في وسعه من أجل المحافظة على الوطن»، مكرراً أن يوم الخامس من آب سيكون «استفتاءً ضد سياسة القتلة والمجرمين والسفّاحين».
المتن
وفيما استنفرت «قوى 14آذار» ماكيناتها الانتخابية في المتن استعداداً لخوض المعركة يوم الأحد المقبل الى جانب الرئيس أمين الجميل لـ«تحجيم» النائب ميشال عون بحسب تلميح أحد أقطاب هذه القوى، تتطلع الأوساط السياسية الى الموقف الذي سيصدر عن الاجتماع الشهري لمجلس المطارنة الموارنة برئاسة البطريرك نصر الله صفير غداً في الديمان. وقال بعض المطارنة لبعض مراجعيهم في مصير المسعى الذي تقوم به لجنة المطارنة إن الأمر بات في يد رأس الكنيسة المارونية، «فإما يبادر الى الطلب من المرشحين في دائرة المتن الشمالي سحب ترشيحاتهم لتصبح الانتخابات لاغية تلقائياً، وإما يستمر في الوعظ على ما هو عليه في كل أحد من كل أسبوع».
وقال مصدر مشارك في المساعي لـ«الأخبار» إن فكرة أن يتخذ مجلس الوزراء قراراً بتأجيل الانتخابات أو إلغائها استبعدت لأن السنيورة، على ما نُقل عنه، لا يريد لحكومته أن تناقض نفسها في قرار اتخذته.
وفي المواقف، كشف رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي توعد «الذين قتلوا بيار الجميل بتلقينهم درساً» أن الجميل «لم تكن لديه حتى اللحظة الأخيرة نية الترشح للانتخابات التي فرضت عليه فرضاً، ونحن جميعاً ساهمنا في إقناعه»، فيما كان الرئيس الأسبق قد نفى ما يقال عن أن بعض حلفائه دفعوه الى خوض هذه المعركة لتحجيمه سياسياً وإلغائه من معادلة الاستحقاق الرئاسي، مؤكداً أن قرار ترشحه اتخذه بملء إرادته.
ومن جهته، اتهم رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون الجميّل بأنه «يحاول تحويل الروح العدائية ضدنا لا ضد قتلة ابنه»، متمنياً عليه تسمية هؤلاء القتلة الذين يقول إن الجميع يعرفهم». وأكد أن موضوع انتخابات المتن «معقّد، ولم نقفل باب الحل، ولكننا طرحنا أن يكون الحل سليماً بالمعنى الحقوقي والعاطفي».
في غضون ذلك، أجرى وزير الخارجية الاسباني ميغيل أنخيل موراتينوس جولة محادثات شملت أقطاب طاولة الحوار، وأكد أنه وجد خلال هذه اللقاءات «أن هناك إرادة لبنانية لتخطي الوضع الراهن في لبنان». وحيّا «الجهود التي يبذلها الرئيس نبيه بري على وجه الخصوص ولا سيما بعد لقائه وزير الخارجية الفرنسي حيث طرح أفكاراً واقتراحات وصيغة في رأيي أنها جيدة، إذا ما طوّرت فستؤدي الى الإجماع الذي نطمح إليه جميعاً». ورأى أن «الحل يتحقق من خلال تحمّل اللبنانيين مسؤولياتهم وإرساء الحوار والتوصل الى حكومة اتحاد وطني وحصول مصالحة وطنية، ومن خلال مساعدة المجتمع الدولي للشعب اللبناني».
وقالت مصادر قريبة من بري إنه أعاد على مسامع موراتينوس طرح الأفكار نفسها التي عرضها مع وزير الخارجية الفرنسي، وهي أن تؤلف حكومة جديدة بثلث ضامن للمعارضة يتفق على عناوين بيانها الوزاري، وأن المعارضة لا تمانع أن تكون هذه العناوين مقررات مؤتمر الحوار الوطني والقرار 1701 وباريس ـــــ3. وأكد أنه يضمن ألا يستقيل وزراء المعارضة منها. وبعد أن تؤلف الحكومة يبدأ البحث في انتخابات الرئاسة وإذا كان لدى الموالاة مرشحون فلتطرح أسماءهم، ولتُؤلف لجنة مشتركة من الموالاة والمعارضة لدرس ملف الاستحقاق الرئاسي شرط أن يتم احترام الدستور لجهة اعتماد نصاب الثلثين لجلسة الانتخاب فيتم العمل على تأمين المستلزمات المطلوبة لإنجاز هذا الاستحقاق في الوقت الذي تكون الحكومة تمارس عملها في تسيير شؤون البلاد ومعالجتها.
وأشار نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم الى أن لدى موراتينوس مقترحات تتناغم مع المسعى الفرنسي حول سبل الوصول الى حكومة وحدة وطنية، وأكد التزام «حزب الله» تأليف حكومة وحدة وطنية تكون المخرج للأزمة القائمة، وأن الحزب لا يريد إلغاء أحد ولا يقبل أن يلغيه أحد» مشيراً الى أن موراتينوس «يؤكد أهمية حكومة الوحدة الوطنية».
وعبّرت أوساط قريبة من العماد عون عن ارتياحها لأجواء المحادثات التي أجراها الوزير الإسباني في الرابية، «إذ ظهر جلياً أن هناك تفهّماً أوروبياً جديداً وبنّاءً لكيفية معالجة المشكلة اللبنانية، والتعاطي مع القرار 1701 وكذلك نزع سلاح حزب الله». وذكرت هذه الأوساط أن موراتينوس «زوّده من التقاهم من فريق 14 آذار بمعلومات مغلوطة عن رؤية المعارضة لسُبل حل الأزمة اللبنانية، لدرجة أن هناك من صوّر له أنها ترفض تأليف حكومة وحدة وطنية».
وتعليقاً على كلام موراتينوس عن أنه «يأمل من سوريا أن تكون جزءاً من الحل لا جزءاً من المشكلة»، قال وزير الإعلام السوري محسن بلال إن وزير الخارجية الإسباني «يعرف أكثر من غيره أن سوريا هي من عملت وتعمل دائماً من أجل الحل حتى باتت تمثّل عامل استقرار في المنطقة، ولأنها كذلك فهو يأتي إليها».
الى ذلك، انتقدت طهران تصريحات كوشنير أول من أمس بأنه ينبغي الضغط على سوريا وإيران لمنع حرب جديدة في لبنان. وأمل الناطق باسم الخارجية الإيرانية محمد علي حسيني «أن تكون ترجمة تصريحات كوشنير غير صحيحة، والا يمكننا التشكيك في واقعية (الوزير الفرنسي) ومدى تفهمه الشؤون اللبنانية». وأضاف إن «كوشنير يعلم تماماً أن الاميركيين وحلفاءهم هم العائق الرئيسي أمام إيجاد الحلول» للأزمة اللبنانية. ورداً على سؤال عن زيارة وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل لطهران، قال حسيني إن هذا الموضوع «يتطلب استمرار المشاورات والإعداد وفي إطار المحادثات يُحدّد موعد الزيارة».
وفي جديد معارك نهر البارد، أبلغ متحدث عسكري لبناني وكالة فرانس برس «اننا نتقدم ونسيطر كل يوم على مبان جديدة بعد أن نستكمل تنظيفها من الألغام»، وأن «المسلحين باتوا يسيطرون على 15 ألف متر مربع فقط» مقابل 22 ألف متر مربع الجمعة الماضي و45 ألفاً قبل أسبوع. وأشارت مصادر عسكرية إلى معلومات لديها عن «وجود متفجرات في أيدي المسلحين، منها c4 الشديدة الانفجار، وقد يقررون استعمالها إذا قرروا الانتحار الجماعي إذا ما دخلت عناصر الجيش إلى المخابئ التي يتحصنون فيها».
ووجّه قائد الجيش العماد ميشال سليمان، لمناسبة عيد الجيش، أمر اليوم إلى العسكريين، وجاء فيه: «ثقوا بأن التضحيات الجسيمة التي قدمها الشهداء والجرحى من رفاقكم الأبرار، في مواجهة الإرهاب المتلاقي مع العدو الإسرائيلي في استهداف أمن الوطن واستقراره، قد رسمت بالدماء حداً فاصلاً بين لبنان الواحد السيد المستقل (...) وإن اللبنانيين الذين دعموا الجيش وأجمعوا على دوره الوطني، لن يعجزوا عن إيجاد الحلول لمختلف القضايا العالقة، لتحصين الوحدة الوطنية وجعلها بمنأى عن المخاطر والتحديات المحدقة بالبلاد».
المصدر: الاخبار
إضافة تعليق جديد