عن الرئاسة والرئيس
الجمل- بشار بشير:
بعد خمسة آلاف سنة من التجارب والتطور وصل بعض البشر إلى ما ظنوه نظام الحكم الأفضل والأمثل وهو دولة المؤسسات الديموقراطية وذهب هؤلاء بالدعاية لهذا النموذج بعيداً بحيث أرادوا إزاحة الأشخاص تماماً لصالح المؤسسات أو ما أصبح يعرف باسم مؤسسة الحكم متناسين أن المؤسسة تقوم على الأشخاص. ساعد على إنتشار الدعاية للمؤسسة (مؤسسة الحكم) وخفوت الدعاية للأشخاص وتراجع دورهم ندرة وجود الزعيم القائد، بحيث أصبح خيار الناس فيمن يحكمهم هو بين دكتاتور باهت وبين مؤسسة أكثر ديكتاتورية (و- أو) أكثر بيروقراطية (يمكننا أن نرى دكتاتورية المؤسسة في أمريكا التي تعتمد النظام الرئاسي ولكنها محكومة فعلاً من قبل مؤسسة ديكتاتورية تسعى دائماً لنفي صفة الديكتاتورية عنها ولتحسين صورتها عبر الإعلام الذي تسيطر عليه بطريقة غاية في الديكتاتورية!) خيار الناس سيتجه دوماً نحو أهون الشرين أي المؤسسة حتى لو كانت بيروقراطية ومترهلة. لكن ثبت أن شك الناس في خيارهم هذا قائم دائماً وأن حنينهم الدائم هو لوجود زعيم قائد على رأس المؤسسة يقودها ويوجهها ومعها كل الدولة، فالتجربة التاريخية أثبتت للناس أن المؤسسة بدون القائد المتمكن تصبح هلامية وتقود الدولة لتصبح بلا شخصية وبلا موقف ويقتصر عملها (المؤسسة والدولة) على إدارة الوضع القائم دون القدرة على التفاعل و المبادرة والخلق . مؤسسة الحكم تحت إدارة موظف برتبة رئيس تصبح هي والدولة مثل فرنسا هولاند، وروسيا يلتسين، وبريطانيا بلير, ومصر مبارك، ولبنان ميشيل سليمان .
مؤسسة الحكم تحتاج لزعيم قائد يعمل لرفعة بلده ولمجدها ولفتح أبواب التاريخ لها مهما كان فتحها صعباً ولا يجلس منتظراً مرور التاريخ بأقل أضرار ممكنة، هذا هو امتحان الزعماء الذي مر به ماو تسي تونغ، و هوشي منه، وتيتو، وديغول، وكاسترو، وعبد الناصر، وتشافيز، وحافظ الأسد ...
وهنا نصل إلى سورية في زمن المؤامرة والحرب الكونية (وهي فعلياً ليست مرتبطة بزمن فهي لم تتوقف عبر التاريخ) والتي تحولت بعد فشل نسختها الأخيرة إلى حرب " الهبش " أي أن المتآمرين عليها أصبحت خطتهم أن يهبشوا ما يستطيعونه من سورية والهبشة الآخيرة التي يظنون أنهم سيطالوها هي أن يقنعوا سورية أنها استنفذت حظها من القيادة التاريخية عبر االرئيس حافظ الأسد وأن الحل المتاح لها حالياً هو إما الفوضى أو أن تقبل أن يُعين لها "رئيس" مرضي عليه من أعداء سورية وعمله أن يكون شاهداً على مايجري لا فاعلاً، لكن حظ وقدر سورية قيض لها بشار الأسد.
ما سأذكره هنا وقائع لا دخل للآراء ولا للعواطف بها: يقود سورية اليوم رئيس شاب صحيح البدن والعقل والفكر في قمة عطائه حاد الذكاء منطقي التفكير واسع الثقافة عالي التعليم محب للناس ولشعبه خاصة، شعبيته الواسعة تتعدى حدود بلده، مؤمن بوطنه وقضايا وطنه لا يساوم ولا يلين لا للضغوط ولا للإغراءات، لديه الإحساس الذي يختزنه كل سوري أصيل بأن سورية دولة عظمى بتاريخها وبدورها وبتفردها . أليس وقوفه وحيداً في وجه أميركا ضد غزو العراق عندما أنحنى لها العالم كله أكبر تعبير عن مبدئيته وثباته . ألا يكفي وقوفه في وجه وزير خارجية أميركا عندما أتى سوريا حاشداً وراءه الجيش الأميركي الذي ركع له كل الرؤساء فوجد أن مفاصل رئيس سورية لا يمكن ثنيها . أليس تفكيك المؤامرة العالمية على سورية في لبنان هو عين الذكاء و حسن التصرف وبعد النظر. هل قَرأ أو خَبر أحد في كل تاريخ البشرية أن دولة صغيرة ورئيسها تعرضت لحرب شاركت فيها أقوى و أغنى مئة دولة في العالم وأن هذه الدولة رغم هذا انتصرت .
وهل حصل أن جُنّدت كل وسائل الإعلام قاطبة لمحاربة وشيطنة شخص واحد وكانت النتيجة أن حشود من ملايين الأشخاص في أقطار الأرض أكثرهم ليسوا بمواطنيه يهتفون بأسمه ويرفعون صوره و يعتبرون انتصاره انتصارا لهم . إن لم تكن هذه هي الزعامة التاريخية فكيف تكون، وإن لم يكن بشار الأسد خيارنا للرئاسة (الزعامة) فمن يكون .
الجمل
التعليقات
خيارنا بشار الاسد لأنه كرامة
إضافة تعليق جديد