مصر: سلسلة تفجيرات تضرب ثورة مصر عشية ذكراها
مع استعداد المصريين للمشاركة في الذكرى الثالثة من "ثورة 25 يناير" اليوم، وسط انقسام حاد في الشارع المصري وحالة استنفار أمني بعد ورود أنباء عن خطة أعدها التنظيم الدولي لجماعة "الإخوان المسلمين" لتفجير الوضع في البلاد، استيقظ المصريون، صباح أمس، على سلسلة تفجيرات إرهابية لم تشهدها البلاد من قبل، خلال الـ30 عاماً الماضية، ادت الى مقتل 6 اشخاص، وإصابة حوالى 90، لتدور بعدها مصادمات عنيفة مع أتباع "الاخوان" ادت الى مقتل 14 شخصاً، وإصابة حوالى 77.
البداية كانت بتفجير استهدف احد مقار مديرية أمن العاصمة في منطقة باب الخلق في القاهرة، فيما استهدفت ثلاثة تفجيرات أخرى آليات للأمن المركزي قرب محطة مترو البحوث في منطقة الدقي، ومركزاً للشرطة في منطقة الهرم، وقوة أمنية أيضاً، في حين تمكنت أجهزة الأمن من تفكيك عبوتين في محافظة الغربية.
وأصدرت جماعة "أنصار بيت المقدس"، بياناً، "طالبت فيه المصريين بأن يلتزموا منازلهم، وأن الأمن سيكون هو مهمتهم بعد الخلاص من الداخلية والجيش، وأن ما حدث هو بداية لعودة الأمور إلى مسارها كما يرونها".
وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، في بيان، "حوالي الساعة السادسة والنصف من صباح اليوم (أمس)، وقع انفجار في محيط مبنى مديرية الأمن في القاهرة، وقد أسفر عن استشهاد 3 أشخاص، وإصابة 51". ولاحقاً أصدرت وزارة الصحة بياناً أوردت فيه أن الحصيلة الأولية للتفجير هي أربعة قتلى و76 جريحاً.
وأضافت الداخلية "أسفرت موجة الانفجار عن وقوع أضرار في واجهة مبنى المديرية وواجهة المتحف الإسلامي وعدد من المحال في محيط المنطقة". ولفتت إلى أنّ "الفحص المبدئي يشير إلى أن الانفجار وقع بواسطة استخدام سيارة مفخخة، حال اقترابها من الحواجز الخرسانية التأمينية المواجهة لمبنى المديرية".
وقال وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، خلال تفقده موقع الانفجار، إن "حادث التفجير وقع حين حاولت سيارة نصف نقل اقتحام بوابة المديرية، فتبادل معها رجال الأمن إطلاق النار، وفي لحظات وقع الانفجار، الذي نتج عنه انهيار الواجهة الأمامية للمديرية". وهو ما كذبته كاميرات المراقبة في المتحف الإسلامي الموجودة في الجهة المقابلة للمديرية، حيث تبين من الفيديو الذي نشر على بعض المواقع الصحافية ان سيارة نصف نقل توقفت أمام المبنى، وكان خلفها سيارة استقلها سائق النقل، قبل فرارهما، لتنفجر السيارة بعدها بـ3 دقائق بعد أن حاول مجندان استكشاف السيارة وفحصها.
وأكد إبراهيم أنّ الحادث لن يثني الشرطة عن تنفيذ دورها في تطهير البلاد من الإرهاب. وأضاف إن عملية التفجير "محاولة خسيسة ويائسة" تستهدف النيل من عزم رجال الشرطة، مشدداً على أنّ الشرطة جاهزة للتصدي لأي محاولات من أي فصيل إرهابي. وطالب المواطنين بعدم الخوف، وحثهم على النزول للاحتفال بثورتهم.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء هاني عبد اللطيف إن السيارة التي استهدفت مديرية الأمن في القاهرة كانت متحركة وليست ثابتة في مكانها، ما قد يعزز فرضية التفجير الانتحاري. وأضاف إن الإجراءات الأمنية التي اتخذت مؤخراً هي التي "أدت إلى تقليل الخسائر، ذلك أن الانتحاري لم يستطع الوصول بسيارته إلى مبنى المديرية، كما حدث في مديرية أمن الدقهلية في المنصورة" في كانون الأول الماضي.
وأدى التفجير إلى تحطم واجهة متحف الفن الإسلامي القريب من مقر مديرية الأمن. وبحسب شهود عيان فإن التفجير تسبب بتدمير المتحف بالكامل من الداخل، خصوصاً أنه يتكون من طابق واحد. وأوضحت مديرية الآثار أن "الخسائر لا تقدر بثمن. كل شيء دُمّر".
وإلى جانب التفجير الذي استهدف مديرية الأمن في القاهرة، سُجل أيضا وقوع سلسلة من الأعمال الإرهابية في كل من الدقي والهرم وطنطا.
وقال مدير منطقة الجيزة للأمن المركزي اللواء مصطفى رجائي إنه "أثناء مرور عربة للأمن المركزي في شارع التحرير قرب محطة البحوث، استهدفها مجهولون بعبوة، ما أسفر عن مقتل مجند وإصابة ثمانية".
وذكر التلفزيون المصري أن عبوة انفجرت في محيط قسم شرطة الطالبية في منطقة الهرم، من دون أن يبلغ عن وقوع إصابات.
وفي محافظة الغربية، قال مدير في إدارة الإعلام والعلاقات في مديرية الأمن، إن خبراء المتفجرات تمكنوا من إبطال مفعول عبوتين، وضعت إحداهما داخل دورة المياه في المسجد الأحمدي في طنطا، والثانية قرب سور ديوان المحافظة.
وفي شارع الهرم، انفجرت عبوة بمجموعة تابعة للأمن المركزي، أثناء عودتها من فض تظاهرة، ما أسفر عن مقتل مدني وإصابة سبعة مجندين.
واعتبر عدد من الخبراء الأمنيين والسياسيين أن التفجيرات هي فشل لوزير الداخلية محمد إبراهيم، الذي عين في عهد الرئيس المطاح به محمد مرسي، خاصة مع إعلانه قبل 4 أيام عن تنفيذ خطة أمنية مشددة لتأمين احتفالات ذكرى "ثورة 25 يناير"، مختتماً حديثه في مؤتمر صحافي بأن "الأقسام والسجون مسلحة بأسلحة ثقيلة وللي عاوز يقرّب يجرّب". وطالبوا بإقالته وتجديد الدماء في وزارة الداخلية في محاولة لصد العمليات الإرهابية ووقفها، خاصة مع تزايدها بعد عزل مرسي وفض اعتصامي رابعة العام الماضي.
وفور وقوع التفجيرات اتخذت قوات الشرطة والجيش إجراءات أمنية مشددة، تحسباً لوقوع المزيد من الأعمال الإرهابية، حيث تم إغلاق المنطقة المحيطة بمقر وزارة الداخلية في وسط القاهرة، ومقر قطاع الأمن في مدينة نصر. كما تم إغلاق ميدان التحرير وميدان "رابعة العدوية" أمام حركة السيارات والمشاة. وتمركزت آليات عسكرية مدرّعة أمام النصب التذكاري لشهداء حرب أكتوبر على طريق النصر المؤدي إلى ميدان رابعة في مدينة نصر، فيما تمركزت آليات عسكرية مدرّعة على جميع مداخل ميدان التحرير لجهة المتحف المصري وشوارع البستان وقصر النيل والفلكي ومحمد محمود وكوبري قصر النيل.
وأدان رئيس مجلس الوزراء حازم الببلاوي حادث التفجير في القاهرة، واصفاً إياه بأنه "محاولة خسيسة يائسة من قوى الإرهاب لإفساد ما حققته مصر من نجاح في خريطة المستقبل"، مؤكداً أن بعض الدول الأجنبية لا ترى حتى الآن بـ"عين منصفة" ما يحدث في مصر من إرهاب ضد الدولة ومواطنيها.
وفي واشنطن، أدان البيت الأبيض التفجيرات وحث الجميع على تجنب العنف. وقال المتحدث باسمه جاي كارني "يتعين إجراء تحقيق كامل في هذه الجرائم وتقديم مرتكبيها للعدالة".
واعتبر شيخ الأزهر أحمد الطيّب أنّ "التفجيرات التي شهدتها مديرية أمن القاهرة هي ضد الدين والوطن، وتمثل الجبن والخسة والوحشية"، مشدداً على أن "هذه الأعمال الإرهابية لن تزيد المصريين إلا إصراراً لاستكمال خريطة الطريق".
من جهته، رأى مؤسس "التيار الشعبي" حمدين صباحي، في تغريدة على "تويتر"، ان "التفجير الإرهابي في باب الخلق تفكير يائس وسلوك بائس لن يزيد المجرمين إلا عاراً وحصاراً، ولن يزيد الشعب إلا إصراراً ومصر ستهزم الإرهاب".
بدوره، حذر نائب رئيس "لجنة الخمسين" ممثل "التيار الإسلامي" فيها كمال الهلباوي من أن "منفذ التفجير الذي شهدته مديرية أمن القاهرة يحاول جرّ مصر إلى سيناريوهات العراق وأفغانستان".
ووقعت بعد التفجيرات مصادمات عنيفة بين القوات المصرية ومواطنين من جهة وأنصار "الإخوان" وأتباع مرسي من جهة ثانية. وأعلنت وزارة الصحة "قتل 14 شخصاً، وأصيب 77، في اشتباكات مع أنصار جماعة الإخوان المسلمين، في محافظات دمياط، والإسكندرية، والجيزة، وبني سويف، والشرقية، والقاهرة، والفيوم، والبحيرة، والمنيا، والإسماعيلية، وقنا". وقال مصدر امني إن اشتباكات عنيفة وقعت في 11 محافظة، بعد أن تصدت قوات الأمن لتظاهرات الجماعة.
وسيظهر اليوم الانقسام الواضح في الشارع المصري، حيث سينزل فريق لتأييد ترشح وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي وآخر إخواني للمطالبة بعودة "الشرعية" وإسقاط ما يسمونه الانقلاب العسكري، وآخر ثوري يهتف بمطالبه القديمة "عيش..حرية..عدالة اجتماعية".
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد