الانتخابات في زمن الحرب: من ابراهام لينكولين إلى بشار الأسد
الجمل ـ كاليب موبين ـ ترجمة عبد المتين حميد:
في العام 1864 عقدت الولايات المتحدة الأمريكية انتخابات رئاسية في خضم حرب أهلية دموية كانت مستمرة منذ ثلاث سنوات تحت قيادة ابراهام لينكولين المنتمي للحزب الجمهوري. كان برنامج لينكولن الانتخابي يقوم على منع تمدد العبودية. اندلعت الحرب الأهلية في العام 1861 حين رفع ملاك العبيد الأغنياء السلاح في وجه الحكومة الفيدرالية على أمل الحفاظ على ملكيتهم للملايين من الأفارقة-الأمريكيين. بينما أيّد الرأسماليون الصناعيون في الشمال الأمريكي إنهاء عهد العبودية. قُتل خلال الحرب أكثر من 750 ألف جندي بينما لا تزال أعداد وفيات المدنيين غير مؤكدة. تبادل الطرفان الاتهامات بارتكاب جرائم الحرب الوحشية و استخدام التجويع و التعذيب و قتل المدنيين الممنهج. هُوجم لينكولين لإجرائه الانتخابات خلال الحرب. لم تُجرَ الانتخابات في الولايات الجنوبية لكونها تقع تحت سطوة العدو. واجه لينكولين خصمين لدودين في الاقتراع, أولهما الديمقراطيون الذي لعبوا على وتر "تحقيق السلام" الذين يعتقدون بوجوب تسليم البلد لمتمردي الجنوب و استمرار العبودية في الجنوب. ثانيهما الديمقراطيون الراديكاليون الذين خاضوا الانتخابات معتبرين بأن لينكولين لم يكن شديداً بما فيه الكفاية و كان عليه أن يتخذ خطوات سريعة لإلغاء العبودية. كان لينكولين خائفاً من عدم إعادة انتخابه, فصاغ خلال حملته الانتخابية شعار " لا تغيّروا الأحصنة في منتصف الجدول ". كانت النتيجة إعادة انتخابه, و تابع قيادة أمريكا لقمع المتمردين حتى انتصر عليهم. تم إلغاء العبودية رسمياً و تحرّر ملايين الأفارقة-الأمريكيين من العبودية.
يواجه الرئيس بشار الأسد وضعاً مشابهاً للرئيس لينكولين. فقد واجهت الجمهورية العربية السورية تمرّداً مسلّحاً دمويّاً مموّلاً من قبل أمراء و ملوك الخليج و بالذات السعودية و قطر. تدفق المال أجنبي و السلاح و أنشئ "الجيش السوري الحر" و توافد أعضاء القاعدة تحت مسميّات مختلفة و ذبح الناس في الشوارع و قطعت رقابهم و جُنّد الأطفال و خّطف المدنيين لطلب الفدية و العديد غيرها من جرائم الحرب الإرهابية. يفرض المتمردون سطوتهم في مناطق عديدة من البلاد مثل حلب و إدلب و درعا و الرقة و حمص و يعملون جاهدين على إلغاء الحرية الدينية و التنوّع اللذان ميّزا سورية طوال العقود الماضية. خلافاً للحرب الأهلية الأمريكية, غالبية المتمردين في سورية ليسوا مدنيين بل مرتزقة أجانب أّحضروا من الخارج.
وقفت سورية إلى جانب الشعب الفلسطيني, و دعمت نضالهم ضد الكيان الصهيوني. يتميز الاقتصاد السوري بسلطة الدولة عليه فلا إمكانية للرأسمالية العالمية على التلاعب به من الخارج, فكان الليبراليون هم حصان طروادة لتهديمه من الداخل في الحقبة "الدردرية". تُقدم سورية لشعبها الرعاية الصحية و التعليم مجاناً. في سورية يعيش السنة و المسيحيون و العلويون و الشيعة و الدروز و غيرهم جنباً إلى جنب في تناغم لا مثيل له. كل هذا جعل من سورية هدفاً للرأسمالية العالمية لجعلها سعودية أخرى أو قطر أو البحرين حيث يمكن للغرب التحكم بها عبر حكام مستبدين جهلة. لذا تم توجيه المتمردين لشنّ حملة من الرعب و العنف لزعزعة البلد و تمزيق وحدة سورية. السوريون ملتفّون حول رئيسهم رافضين التمرّد المدعوم خارجياً. فإلى جانب الجيش العربي السوري تشكّلت لجان شعبيّة لمواجهة المتمردين و المرتزقة التكفيريين.
عندما قامت "اللجنة الوطنية المتحدة ضد الحرب" بالتعاون مع "مركز الفعل الدولي" في أمريكا بالدعوة للتظاهر أمام البيت الأبيض, تجمهر حوالي 1000 سوري لرفع علمهم ذو النجمتين الخضراويتين, حاملين لافتات عليها صورة الرئيس بشار الأسد. سوريون-أمريكيون من بنسلفانيا و نيوجيرسي و كاليفورنيا و غيرها من الولايات هتفوا "نحن نحب رئيسنا بشار الأسد... نحن نريد رئيسنا بشار الأسد".
مثلما كان لينكولين محقّاً في إجراء الانتخابات الرئاسية عام 1864, فإنّ الرئيس الأسد محقٌّ في عقدها في الثالث من حزيران. لا بد من عقد هذه الانتخابات لأنّه من حق الشعب السوري أن يُسمع صوته للعالم على الرغم من الحرب المرعبة التي تدور حوله.
الجمل
إضافة تعليق جديد