دير الزور: خصوم «داعش» يستغيثون
حقق تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش») خلال الأسبوع الماضي تقدماً ميدانياً مهماً في أرياف دير الزور ضد خصومه في «مجلس شورى مجاهدي الشرقية»، وخصوصاً بعد سيطرته على مدينة خشام.
ويشير نداء الاستغاثة الذي وجهه «مجلس الشورى»، أمس الأول، وبالتزامن مع إطلاق ناشطين مؤيدين له حملة «دير الزور تستغيث»، إلى أن الكفة تميل لمصلحة «داعش». إلا ان ذلك لا يعني أن المعركة قاربت على الانتهاء، حيث من المتوقع أن تطول لأسابيع، وربما لأشهر، قبل أن تصل إلى مرحلة الحسم، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من معاناة مواطني دير الزور الذين تتقاذفهم الويلات من كل جانب، من مجازر دموية ترتكبها جميع الأطراف بحقهم، إلى هموم النزوح عن الديار ومصاعب إيجاد مأوى، وليس انتهاءً بتأمين لقمة العيش في ظل الحصار المفروض على مناطق سكناهم.
وأطبقت التطورات الميدانية بثقلها على كاهل «مجلس الشورى»، الذي ضاقت به الحال، خصوصاً بعدما تمكّن «داعش» من السيطرة بسهولة على مدينة خشام، لدرجة أنه لم يحاول مداراة هزيمته، بل على العكس أقرّ بها بشكل غير مباشر عبر إطلاقه نداء استغاثة، في محاولة أخيرة للتعلق بقشة «نخوة الفصائل الأخرى» التي يعتقد أن بإمكانها إنقاذه من الغرق في مستنقع الهزائم.
وكان من اللافت أن ممن وجّه إليهم «مجلس الشورى» استغاثته «أهل السنة الغيارى في الخليج العربي»، فهل يقصد بذلك عموم مواطني الخليج أم حكومات الدول الخليجية، لا سيما في ظل المعطيات التي تشير إلى أن «مجلس الشورى» تأسس بناءً على توجيهات من بعض رجال الدين ورجال الأعمال المقربين من أجهزة الاستخبارات السعودية والكويتية على وجه الخصوص.
وطالب البيان «أبناء الأمة عموماً، وأبناء المنطقة الشرقية خصوصاً، في الداخل والخارج بأن يتحملوا مسؤولياتهم ويساندوا إخوانهم في مجلس الشورى ويغيثوهم بما يستطيعون ليقوموا بواجبهم تجاه المنطقة»، وذلك بعدما شرح الحال التي وصلت إليها محافظة دير الزور بسبب الهجمة الشرسة، والتي قال ان «النظام الأسدي وعصابة (زعيم داعش أبو بكر) البغدادي المارقة» يقومان بها ضد المدينة وأهلها، مشيراً إلى «حصار خانق تعيشه المنطقة منذ أشهر».
والجدير بالذكر أنه لا توجد أي قوات من الجيش السوري في مناطق الأرياف التي تشهد المعارك بين الطرفين.
وفور صدور بيان الاستغاثة، أطلق ناشطون مقربون من «مجلس الشورى» حملة إعلامية تحت عنوان «دير الزور تستغيث»، في استعادة لحملة يقوم بها ناشطو الرقة تحت عنوان «الرقة تذبح بصمت»، وهي عبارة عن «حملة تجمع أكبر عدد من الإعلاميين والناشطين والحقوقيين والفاعلين على الأرض من أبناء دير الزور، وهدفها إنساني وإعلامي في آن واحد، على أمل أن ينضم إليها من يستطيع خدمة بلدنا» كما جاء في البيان الذي أصدره المشرفون على الحملة.
وتتلخص أهم أهداف الحملة، بحسب البيان، بالمطالبة «بفك الحصار عن دير الزور، وعدم الاكتفاء بذلك، بل أخذ ضمانات بأن الحصار لن يتكرر مرة أخرى، والحشد الإنساني والإعلامي لوضع حد للجرائم والتجاوزات المرتكبة بحق المحافظة، ومحاسبة الفاعل أياً كان، وكذلك الدعوة إلى أن تكون معاناة الناس ومشاكلهم المعيشية أساسا لاهتمام نشطاء وإعلاميي المحافظة، وليس فرعاً».
وحمّل الناشطون «داعش» مسؤولية الحصار المفروض على المدينة بشكل غير مباشر، عبر إشارتهم إلى مرور ستة أيام على بدء الحصار، وهو التاريخ الذي سيطر فيه «الدولة الاسلامية» على مدخل دير الزور الشمالي (جسر السياسية) والذي يعتبر المعبر الوحيد إلى أحياء المدينة التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة.
وتزداد معاناة المواطنين في دير الزور يوماً بعد يوم، في ظل المعارك الدموية التي تخوضها الفصائل الإسلامية ضد بعضها البعض، حيث تنام المدينة على خبر سيارة مفخخة في أحد أحيائها، لتصحو على خبر مجزرة طالت عشرات المدنيين، وذلك في ظل حصار خانق مفروض عليهم بطبيعة الحال، سواء أغلق مدخل المدينة أم لم يغلق، لأن المعارك المستمرة كفيلة بإيقاف أي نشاط تجاري أو أية حركة في الشوارع، ناهيك بخلو غالبية القرى والبلدات من أهلها الذين اضطروا بسبب الاشتباكات العنيفة إلى النزوح عن منازلهم وبيوتهم للبحث عن مكان آمن يحفظ لهم حياتهم. وتشير المعلومات إلى أن عدد النازحين في ريف دير الزور بلغ حوالي 250 ألف شخص منذ بداية الأحداث.
وانقطعت الكهرباء مرة جديدة عن المدينة بسبب العطل الذي أصاب معمل «كونيكو» للغاز، جراء سقوط قذائف الهاون على أحد توربينات المعمل وتعطيلها.
ويقول بعض الناشطين انه لا أمل بعودة الكهرباء قبل عشرة أيام، لأن إصلاح العطل في المعمل يحتاج إلى خبرات عالية غير متوفرة في المحافظة حالياً، بينما سرت أنباء غير مؤكدة حتى الآن عن توقف جميع الأفران في المدينة عن العمل ما تسبب بانقطاع الخبز، وتوقف غالبية المطاعم عن تقديم خدماتها.
وقد يكون ارتفاع سعر مادة البنزين، الذي وصل حتى 400 ليرة سورية، سبباً في امتناع أصحاب الأفران من تشغيلها.
عبد الله سليمان علي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد