السيسي يدخل النفق السعودي ــ الترامبي؟
اتفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع قادة دول الخليج، خلال اللقاءات المكثفة التي جرت في الفترة الماضية، على سياسة تتضمن تسويات للأزمات الإقليمية مستقبلاً، في مقابل تنازلات عربية جديدة من أجل تطبيع العلاقات مع إسرائيل. هذا المسار تدعمه بشكلٍ أساسي عودة مصر كوسيط في «عملية السلام» في ظل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كذلك يُعدّ هذا التوافق خطوة تعزز من سياسات الرئيس دونالد ترامب، الرامية إلى إنشاء تحالف جديد في الشرق الأوسط، يرفع راية العداء لإيران وليس إسرائيل.
«لا مساس بأمن الخليج». الجملة التي كررها السيسي في زياراته على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية لكل من السعودية والإمارات والكويت والبحرين، لم تكن شكلية؛ فالتسويات التي يجري التوافق بشأنها خلال الفترة الحالية، بتنسيق مع الإدارة الأميركية، تشمل ملفات يُراد لها أن تكون بداية مرحلة جديدة من تطبيع العلاقات العلنية مع إسرائيل. هذه العلاقات ستخرج إلى العلن بصورةٍ رسمية بعد سنوات من العمل في الخفاء، في خطوة ستستند في الظاهر إلى المبادرة العربية للسلام التي أطلقت في قمة بيروت قبل 15 عاماً.
حتى الآن يبقى جزء من الخطة غير واضح المعالم، وهو الجزء المرتبط بهضبة الجولان السورية. فالاتفاق بين الدول الحليفة لواشنطن في المنطقة، الذي من المفترص «أن يُنهي الاحتلال ويقيم حل الدولتين»، لم يتطرق إلى الجولان المحتل، خصوصاً في ظل الأوضاع غير المستقرة في سوريا بعدما نجحت السعودية في تغيير وجهة النظر الأميركية تجاه دمشق، وسط وعود بتدخلات عسكرية أميركية وفي ظل سعي تحالف دولي لتمكين المعارضة وإنهاء الصراع. وهو التحرك الذي لا يُرضي القاهرة في الوقت الحالي، فهي ترى أنه سيدفع بالأوضاع على الأرض إلى مأساة تشبه ما يحدث في العراق منذ سقوط نظام صدام حسين.
من نقاط الخلاف أيضاً المشهد في اليمن؛ فقد حصلت السعودية على وعد أميركي بمناهضة حركة «أنصار الله»، في خطوة ترى فيها مصر تعقيداً للمشهد ودخول البلد العربي في صراعات داخلية قد لا تنتهي. مشهد جديد يزيد الفرقة، بينما تبقى مفاتيح اللعبة الأساسية بين القاهرة والرياض وعمّان وواشنطن، لا سيما أن الأخيرة تطالب السعودية «بفتاوى دينية تساعد على تطبيع العلاقات العربية مع تل أبيب باعتبار أهلها أهل كتاب».
كذلك، حصلت السعودية على وعد أميركي بـ«تحجيم» طهران وفرض مزيد من الإجراءات الاقتصادية عليها ومنع وصول السلاح إليها والمساعدة في التخلص من أنصارها. وتنظر القيادة السعودية إلى هذه الوعود على أنها «تؤسّس لإسقاط النظام الإيراني على المدى القريب»، وهي تحظى بدعم من وليّ وليّ العهد محمد بن سلمان، الذي يفاوض باسم المملكة في هذه الاتفاقات.
ووفق مصدر دبلوماسي عربي شارك في بعض اللقاءات العربية التي جرت في واشنطن، فإن الموقف الأميركي الجديد «يتفهّم الطبيعة الدينية للشعوب العربية ويلعب على مخاطبتها، وهو ما يحتاج إلى مشاركة سعودية بشكل فعال». ومن شأن مشاركة كهذه أن تعزز العلاقات بين البلدين وتغلق نهائياً صفحة التباينات التي كثرت في عهد باراك أوباما، بينما سيكون المال السعودي موفراً لصفقات السلاح التي ستقوم بشرائها المملكة وتجري مفاوضات بشأنها.
ويشير المصدر إلى أن مصر «ترغب في خطة تعتمد في الأساس على الاحتفاظ بمبدأ سيادة الأرض، وأن يكون القرار للشعوب في ما يتعلق بالحكام، وهو ما يصطدم مع الرؤية الأميركية ــ السعودية بشأن اليمن وسوريا». وفي ما يخص ليببا، «تبدو وجهة النظر المصرية هي الأقرب إلى القبول من غيرها، لا سيما في ظل استماع جميع الأطراف المتناحرة على السلطة إلى القيادة المصرية».
أما الأردن، فرغم التنسيق المكثّف بينها وبين مصر في الفترة الأخيرة، «لكنها تميل إلى تأييد الحل السعودي في ما يتعلق بالرئيس السوري بشار الأسد». وقد يزيد ذلك من فرص الرياض لفرض رأيها وقرارها «في مواجهة القاهرة التي لا تُمانع إجراء انتخابات رئاسية جديدة بإشراف دولي، مع التأكيد على حق الرئيس السوري في خوض الانتخابات، إذا رغب في ذلك، وعدم إقصاء أي فصيل سياسي».
ويقول مصدر مصري آخر إن «المخاوف من الفشل لا تزال قائمة، خصوصاً أن التحركات الإسرائيلية غير جدية، إضافة إلى مماطلة تل أبيب في اتخاذ أي تحرك على أرض الواقع». ويتوقع المصدر أن «تتعثر الخطة إذا حدث خلاف عليها في الداخل الإسرائيلي، لا سيما أنها ستؤدي إلى الانسحاب من أراض فلسطينية محتلة بمساحات كبيرة، وهي خطوة ستجد معارضة في الداخل الإسرائيلي»، مشيراً إلى أن مراجعات «حماس الأخيرة، والتنسيق المكثّف مع مصر، ساهما في تقديم مقترحات جديدة لآليات تنفيذية، لكن مخاوف الفشل لا تزال قائمة حتى الآن».
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد