أنظمة السعودية والإمارات والبحرين تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع مشيخة قطر
تصاعدت حدة الأزمة بين ممالك ومشيخات الخليج على خلفية الصراع الحاد على النفوذ ووصلت لمرحلة قطع العلاقات واغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية بينها حيث أعلنت كل من انظمة السعودية والبحرين والإمارات اليوم قطع العلاقات الدبلوماسية مع مشيخة قطر واغلاق الحدود معها.
ونقلت وكالة أنباء النظام السعودي عن مصدر مسؤول قوله.. إن “الرياض اتخذت هذا القرار حماية لأمنها الوطني من مخاطر الإرهاب والتطرف ونتيجة الانتهاكات الجسيمة التي تمارسها السلطات في الدوحة سرا وعلنا طوال السنوات الماضية بهدف شق الصف الداخلي السعودي”.
ووفق الكثير من المراقبين فإن صراعا كبيرا بين ممالك ومشيخات الخليج يدور منذ فترة بسبب الخلاف حول حجم الأدوار والقدرة على التأثير في مسار المخططات التي تستهدف دول المنطقة وكذلك الهيمنة والسيطرة على التنظيمات الارهابية في سورية والعراق وغيرها من الدول والتي تكفلت هذه الممالك والمشيخات بدعمها وتمويلها وتسليحها بإيعاز من الإدارة الأميركية وحلفائها الغربيين والعمل على نشر الفكر الوهابي المتطرف في العالم.
بدوره أعلن النظام البحريني قطع علاقاته الدبلوماسية مع مشيخة قطر وإغلاق المجالين الجوي والبحري أمام الملاحة من والى قطر ومنع مواطنيه من السفر إلى المشيخة وامهال القطريين الموجودين في البحرين 14 يوما لمغادرة الأراضي البحرينية.
وقالت حكومة النظام البحريني في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية.. إن هذه القرارات تأتي بسبب “مضي الدوحة في زعزعة الأمن والاستقرار في البحرين والتدخل في شؤونها والاستمرار في التصعيد والتحريض الإعلامي ودعم الانشطة الإرهابية المسلحة”.
من ناحيتها أعلنت الامارات في بيان رسمي نشرته وكالة أنباء الإمارات أنها “قررت قطع العلاقات مع قطر بما فيها العلاقات الدبلوماسية وإغلاق كل المنافذ البحرية والجوية أمامها بسبب مواصلة الدوحة دعم وتمويل واحتضان التنظيمات الإرهابية”.
كما أعلنت شركة طيران الاتحاد التابعة للنظام الإماراتي تعليق رحلاتها المتوجهة الى قطر والقادمة منها اعتبارا من يوم غد وذلك بعيد قرار السلطات الاماراتية قطع العلاقات مع الدوحة.
كما أعلنت قيادة تحالف العدوان على اليمن الذي يقوده نظام بني سعود انهاء مشاركة قطر فيه بسبب “ممارساتها التي تعزز الإرهاب”.
وعلى الفور أعلنت الحكومة الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي “تأييدها” للخطوات التي اتخذتها قيادة التحالف بإنهاء مشاركة قطر فيه وقررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة.
وقالت الحكومة في بيان لها.. ان ذلك جاء “بعد اتضاح ممارسات قطر ودعمها للجماعات المتطرفة في اليمن”.
وكانت الأزمة بين ممالك ومشيخات الخليج برزت بشكل واضح نهاية الشهر الماضي عبر حرب إعلامية استعرت بين مشيخة قطر من جهة ونظام بني سعود ومشيخة الإمارات من جهة ثانية على خلفية تصريحات نسبت لأمير مشيخة قطر انتقد فيها بشدة سياسات ممالك ومشيخات الخليج وتفاخر فيها بأن قطر نجحت في بناء علاقات قوية مع أميركا لا يمكن لأي إدارة تغييرها.
وردا على ذلك أصدرت وزارة إعلام النظام السعودي في حينه قرارا بحجب كل الصحف القطرية وموقع قناة الجزيرة عن جميع المستخدمين كما قامت مشيخة الإمارات باتخاذ إجراء مماثل حيث أصدرت قرارا حجبت بموجبه موقع قناة الجزيرة القطرية للمستخدمين من داخل دولة الإمارات مشيرة إلى أن محتويات الموقع تم تصنيفها ضمن المحتويات المحظورة التي لا تتطابق مع معايير هيئة تنظيم الاتصالات الإماراتية.
ولم يقتصر قطع العلاقات على ممالك ومشيخات الخليج بل توسع ذلك إلى مصر التي أعلنت اليوم أيضا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع مشيخة قطر وذلك بسبب “المسلك المعادي” لها من قبل النظام القطري ودعمه “التنظيمات الإرهابية وخصوصا جماعة الاخوان المسلمين”.
وقالت الخارجية المصرية فى بيان لها.. إن “القاهرة قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر في ظل إصرار الحكم القطري على اتخاذ مسلك معاد لمصر وإغلاق حدودها الجوية والبحرية أمام كل وسائل النقل القطرية”.
وأكدت الخارجية المصرية فى البيان فشل كل المحاولات لثني مشيخة قطر عن دعم التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابي و” إيوائها قيادا ت جماعة الإخوان المسلمين الصادرة بحقهم أحكام قضائية في عمليات إرهابية استهدفت أمن وسلامة مصر” إضافة إلى “الترويج لفكر تنظيمي القاعدة و”داعش” الإرهابيين ودعم العمليات الارهابية فى سيناء والاصرار على التدخل في الشؤون الداخلية لمصر ودول المنطقة بصورة تهدد الأمن القومى العربى وتعزز من بذور الفتنة والانقسام داخل المجتمعات العربية”.
يشار إلى أن النظام القطري دأب منذ سنوات على دعم التنظيمات الارهابية في العديد من الدول العربية ولا سيما في سورية والعراق وساهم بشكل كبير في تمويلها وتسليحها ودعمها والترويج لها إعلاميا عبر القنوات التي تسهم في سفك دماء الأبرياء كما دعم جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية في مصر والتي ارتكبت جرائم عديدة بحق الشعب المصري.
وفي رد فعلها على قطع العلاقات الدبلوماسية معها أعربت وزارة خارجية النظام القطري عن أسفها لهذا القرار مدعية أن هذه الإجراءات غير مبررة وتقوم على مزاعم لا أساس لها من الصحة.
وزعمت الخارجية القطرية في بيان لها اليوم نقلته وسائل الاعلام أن قطر تعرضت إلى حملة تحريض تقوم على افتراءات وصلت حد الفبركة الكاملة ما يدل على نوايا مبيتة للإضرار بالدولة.
وجاء في البيان القطري “إن اختلاق أسباب لاتخاذ إجراءات ضد دولة شقيقة في مجلس التعاون لهو دليل ساطع على عدم وجود مبررات شرعية لهذه الإجراءات التي اتخذت بالتنسيق مع مصر والهدف منها واضح وهو فرض الوصاية على قطر وهذا بحد ذاته انتهاك لسيادتها كدولة وهو أمر مرفوض قطعيا”.
إلى ذلك علقت الخطوط الجوية القطرية رحلاتها إلى السعودية كرد فعل على الإجراءات التي اتخذت بحق مشيخة قطر فيما برزت آثار قرار قطع العلاقات معها على الأسواق المالية القطرية اليوم حيث تراجع مؤشر البورصة القطرية في بداية تعاملاتها بأكثر من 7 بالمئة أي بمقدار 718 نقطة ليصل إلى مستوى 9202 نقطة بتداولات بلغت نحو 235 مليون ريال.
وفي ردود الافعال الدولية سارعت الولايات المتحدة للتدخل في محاولة منها لمنع تدهور العلاقات بين حلفائها في ممالك ومشيخات الخليج.
ودعا وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في تصريح له من مدينة سيدني الاسترالية اليوم الأنظمة الخليجية إلى “الحفاظ على وحدتها والعمل على تسوية الخلافات بينها” حسب تعبيره.
وقال تيلرسون.. “بالتأكيد نشجع الاطراف على الجلوس معا ومعالجة هذه الخلافات واذا كان هناك اي دور يمكن ان نلعبه لمساعدتهم على ذلك فاعتقد أن المهم لمجلس التعاون الخليجي ان يحافظ على وحدته”.
يذكر ان الأزمة بين ممالك ومشيخات الخليج ظهرت بشكل جلي مباشرة بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الاميركي دونالد ترامب إلى الرياض وعقد خلالها “قمتين خليجية واسلامية” وعاد منها بمئات المليارات من الدولارات من نظام بني سعود الأمر الذي اعتبره العديد من المراقبين رغبة من النظام السعودي في استغلال مفاعيل هذه الزيارة وفرض نفوذها كحليف واشنطن الأول في المنطقة بعد أن حاولت مشيخة قطر أن تحظى بهذا الدور على مدى السنوات الماضية.
وكالات
إضافة تعليق جديد