عشرات الأسر لا تزال مشرّدة: المنظّمات غائبة عن السمع
تسبّبت الأحداث الأخيرة التي شهدها سجن الثانوية الصناعية في مدينة الحسكة، بموجة نزوح لعشرات العائلات، التي تَوجّه بعضها إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية في المدينة، فيما رحلت أخرى إلى منازل أقاربها في الأحياء التي كانت توصف آنذاك بـ"الآمنة". وبحسب مدير الشؤون الاجتماعية في المحافظة، إبراهيم خلف، فإن "30 أسرة لا تزال تقيم في مركز الإيواء الأخير بعد أن عاد غالبية النازحين إلى منازلهم". ويوضح خلف، في حديث إلى "الأخبار"، أن هؤلاء هم أصحاب المنازل المدمّرة بفعل المعارك، أو بسبب قيام "قوات سوريا الديموقراطية" بهدم بيوتهم بحجّة تمركز خلايا من «داعش» داخلها، أو بزعم أن أحد أفراد الأسرة منتمٍ إلى التنظيم. ويبيّن أن عدد النازحين في وقت الذروة كان قد وصل إلى 4000 أسرة بواقع 20 ألف شخص، دخل منهم ما يقارب 800 أسرة إلى مراكز الإيواء التي أوجبت استنفار الجمعيات الخيرية وفعاليات المجتمع المدني فيها بإدارة من الحكومة السورية، واصفاً استجابة المنظّمات الأممية العاملة في الأراضي السورية بـ"الخجولة وغير المُلبّية للتوقعات"، إذ لم تدخل على خطّ العملية الإغاثية حتى اليوم السابع أو الثامن من المعارك، فيما لم تكن هذه الاستجابة المتأخّرة بالحجم المطلوب.
وتفيد معلومات بأن 60 جمعية خيرية وهيئة دينية في سوريا استجابت لأزمة النزوح الأخيرة، بتنسيق من غرفة عمليات شكّلتها الحكومة، فيما يؤكد عدد من المصادر والناشطين من داخل الحسكة أن "المفوضية السامية لشؤون اللاجئين" تأخّرت حتى اليوم الثالث لإرسال بعض المساعدات العاجلة عبر شركائها، قبل أن يصل "فريق الميسرين" التابع لها، في اليوم الخامس، إلى مراكز الإيواء لتقييم حجم الاحتياجات. أمّا عمل منظمة "اليونسيف" في الأيام الثلاثة الأولى، فانحصر بـ"توزيع سندويشات وعبوات مياه"، ومن ثمّ نزل فريقها في اليوم الخامس إلى الأرض، لكن الاستجابة العملية لم تكن بحجم ما جاء في التقارير التي وضعها الفريق، على رغم أن اليوم السابع شهد قيام بعض الشركاء المحليين للمنظّمة بجولات طبابة واستجابة لحالات سوء التغذية. وبينما أمدّت "منظّمة الصحة العالمية" العيادات بالأدوية، ولبّت حالات الإسعاف والولادات في المستشفيات المعتمَدة من قِبَلها، حصر "صندوق الأمم المتحدة للسكان" مهمّته بـ"الاستجابة للحالات النسائية وتوزيع سلال متكاملة ملبّية لهذه الاحتياجات"، في حين غاب "برنامج الغذاء العالمي" عن المشهد حتى اليوم الثامن، حيث قام بتوزيع سلال غذائية على النازحين بالتعاون مع "الهلال الأحمر السوري". وعلى رغم أن "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" معنيّ بـ"ملفّات سبل العيش والتعافي المكبر وتأهيل البنى التحتية والتماسك المجتمعي"، إلا أن استجابته كانت محصورة منذ اليوم الثاني بعمليات التنظيف وتعقيم مراكز الإيواء ومحيطها بمعدّل مرّتين يومياً، كما تزويدها بـ"خزانات مياه وحاويات قمامة ولوازم إنارة"، فيما لم تنسّق أيّ من المنظمات مع "منظّمة الأمم المتحدة لتنسيق جهود الإغاثة"، وغابت منظّمة "أرض الإنسان" الإيطالية، و"المجلس النرويجي" عن الحدث نهائياً.
أمّا "اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، فتفيد بأن "الهلال الأحمر السوري" طلب منها تزويده بالمواد الإغاثية والأدوية، إلّا أنها لم تستجب لطلبه، ما اضطرّه إلى توزيع مساعدات من مخزونه من المواد العائدة للجنة (فرشات وبطانيات ومصابيح طاقة شمسية)، والتي فاضت عن الاستجابة لأزمة نزوح المدنيين من مدينة رأس العين والمناطق التابعة لها إبّان الحملة التركية عليها في تشرين الأول 2019. كذلك، لم يُسجَّل نشاط مهمّ لـ"الصليب الأحمر" حتى اليوم العاشر، حيث زارت طواقم منه مراكز الإيواء لتُنفّذ في بعضها جلسات دعم نفسي للأطفال، وتوزّع عليهم دفاتر للرسم وأقلام تلوين. وكان محافظ الحسكة، غسان خليل، اتّهم اللجنة بالتقاعس في الاستجابة، الأمر الذي استدعى ردّاً من مدير مكتبها في الحسكة، أندريا باسكاريللي، الذي دافع بأن «الصليب الأحمر يعمل بالتعاون مع الهلال الأحمر السوري على تقديم المساعدات، وأن كلّ ما قدّمه الهلال هو بدعم من الصليب"، مستدركاً بأن "الوضع الأخير في الحسكة كان وضعاً استثنائياً، ولم نستطع تقديم كلّ ما هو ممكن للنازحين لأنّنا نعاني من نقص كبيرٍ في المواد". لكنّ مصادر "الأخبار" تكشف أن ما تمّ توزيعه من المواد الإغاثية من قِبَل الجمعيات الخيرية كان من "مخازن الاستجابات المجدولة"، فيما لم تُعوَّض المواد المستهلَكة من "مخازن الطوارئ أو المخازن الاستراتيجية" حتى الآن، ما يقلّل من صدقيّة حديث بعض المنظّمات عن كوْن استجابتها جرت من خلال شركاء محلّيين. أيضاً، تفيد المعلومات بأن المستودعات الخاصة بالمنظّمات الدولية بالقرب من مطار القامشلي، تحتوي على كميات كبيرة من المواد الإغاثية المخزّنة، ما يعني أن الحديث عن أن قوافل المساعدات عالقة في دمشق أو على المعابر البرّية، غير مستوفٍ للدقّة، على الأقلّ.
«الهلال السوري» يدخل جنوب الحسكة
تمكّنت منظّمة "الهلال الأحمر السوري" من إقناع "قوات سوريا الديموقراطية" المسيطِرة على حيّ غويران في مدينة الحسكة، بضرورة دخولها إلى الحيّ، وتقديم الدعم الإنساني لسكّانه المتضرّرين من الاشتباكات التي شهدها محيط سجن الصناعة، قبل ثلاثة أسابيع. وبحسب معلومات «الأخبار»، فقد بدأ «الهلال» مهمّته من الأطراف الشمالية لـ«غويران»، على أن يكون «السكن الشبابي - الزهور» هدفه التالي. ويُعدّ «الهلال» أوّل منظمة إنسانية تدخل الأحياء الجنوبية من المدينة، بعد المعارك الأخيرة بين «قسد» وتنظيم «داعش». ومن المقرّر أن يتمّ تقديم دعم إضافي للمتضرّرين من قِبَل "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" خلال الأسبوع الحالي، فيما تستمرّ الاتصالات مع بقيّة المنظّمات لتأمين انخراطها في عملية الإغاثة.
الأخبار
إضافة تعليق جديد