انتهاء حصار الحسكة: روسيا تثبّت نفوذها
أيهم مرعي:
نجحت الجهود السورية - الروسية المشتركة، التي بُذلت على مدار عشرين يوماً من حصار "قسد" لأحياء في وسط مدينتَي الحسكة والقامشلي، في فكّ الحصار عن هذه المناطق، والبدء بإدخال الطحين والمحروقات والمواد الغذائية إليها، كإجراء أوّل، مع استمرار النقاش حول فكّ احتجاز "قسد" لمباني الكليات الجامعية، وإعادة تسليمها لإدارة جامعة الفرات في المحافظة. ويبدو أن الهجمات التركية المتصاعدة على مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية"، على امتداد الشريط الحدودي من حلب مروراً بالرقة والحسكة، دفعت الأخيرة إلى استعجال الاتفاق مع الدولة، لوجود تهديد تركي حقيقي بشنّ هجمات جديدة على تلك المناطق التي تقع ضمن مساحة التنسيق الروسي - التركي، ولا تشهد أيّ تواجد للأميركيين. وأبدت موسكو اهتماماً كبيراً بضرورة إنهاء التوتر الذي استجدّ في الحسكة، وضمان عدم حصول أيّ صدام عسكري بين الجيش و"قسد"، وهو ما أثبت للأخيرة، أن الدور والتأثير الروسيَين في سوريا عامة وشرق الفرات خاصة، لم يتغيّرا بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وأن الحديث عن انسحاب روسي وشيك أثبتت الوقائع على الأرض عدم صحته.
وجاء اتفاق فكّ الحصار بعد اجتماعين منفصلين عُقدا في حلب والقامشلي بين ممثّلين عن الحكومة و"قسد" برعاية روسية، وانتهيا إلى حلّ توافقي، فتح الباب أمام إنجاز تفاهمات أخرى تتعلّق بملفّ الجامعة. وبعد ساعتين من الإعلان الحكومي عن التوصّل إلى اتفاق، أزالت "قسد" المظاهر المسلحة في محيط أحياء وسط مدينتَي الحسكة والقامشلي، وفتحت كافة الطرقات المؤدية إليها، وسمحت بدخول الطحين والمحروقات وصهاريج المياه.
وفي هذا الإطار، يؤكد محافظ الحسكة، غسان حليم خليل، في تصريح إلى "الأخبار"، أن "الاتفاق حصل بعد جهود حكومية وروسية حثيثة، تمّ عبرها فكّ الحصار عن الأحياء والأرياف المحاصرة في مدينتَي القامشلي والحسكة، لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه". ويلفت المحافظ إلى أن "المحافظة كجهة حكومية تحرص على تقديم كلّ التسهيلات، بما فيها الاستعداد لتقديم الخبز المدعوم لكافة أبناء المحافظة بكامل جغرافيتها، شريطة أن تعيد ميليشيات قسد كلّ ما يتعلّق بإنتاج الرغيف، من صوامع وأفران ومطاحن، إلى سلطة الدولة، بعدما استولت عليها في فترات سابقة".
في سياق متصل، يُتوقّع أن تعلن وزارة التعليم الحكومية استئناف الامتحانات الجامعية في كليات الحسكة ومعاهدها بعد عطلة عيد الفطر، في أعقاب تعليقها منذ مطلع شهر شباط الفائت، نتيجة استيلاء "قسد" على مباني كليات الهندسة المدنية والاقتصاد والزراعة والمعهد التقاني وإدارة فرع الجامعة، إثر هجوم "داعش" على سجن الثانوية الصناعية. وأفادت مصادر حكومية، "الأخبار"، بأن "اجتماعات بين ممثّلين عن جامعة الفرات واتحاد الطلبة وممثّلين عن قسد، عُقدت برعاية روسية، لدراسة مشكلة توقّف الدوام والامتحانات الجامعية، لكن من دون التوصّل إلى حلول نهائية". وكشفت المصادر أن "ميليشيات قسد ترفض تسليم مباني الاقتصاد والهندسة المدنية وفرع الجامعة، بحجّة أنها باتت مواقع عسكرية، لملاصقتها سجن الثانوية الصناعية الذي يحوي معتقلي داعش، مع التعهّد بتسليمها في حال زالت الأسباب الأمنية، وهو أمر مستبعد في المدى القريب". ولفتت إلى أن "قسد قدّمت أربع مدارس لتكون بديلة لمباني الكليات الجامعية، وهو ما رُفض حكومياً بسبب استحالة استخدام مدرسة كبديل عن مبنى جامعي مجهّز بتجهيزات ومعدّات ومخابر وقاعات كبيرة". بدوره، أوضح مصدر في جامعة الفرات، لـ"الأخبار"، أن "هناك دراسة لاستئناف الامتحانات بعد العيد، كبادرة حسن نية حول التمسّك الحكومي بضرورة استمرار التعليم الجامعي في الحسكة، وعدم اتخاذ قرار بنقل 30 ألف طالب جامعي إلى خارج المحافظة، مع عدم التنازل مطلقاً عن مطلب إعادة كافة المباني الجامعية المستولى عليها"، مشيراً إلى أن "فترة استئناف الامتحانات ستكون كوقت إضافي لقسد للانسحاب من الكليات وتسليمها لإدارة الجامعة". واعتبر المصدر أنه "في حال استمرّت قسد في عنادها، فإن قرار النقل سيكون وارداً، بسبب إصرارها على عسكرة المباني الجامعية وإدخالها في الصراعات السياسية والعسكرية".
أمْا في ملف محطة علوك، فقد شهدت المحطة حالة من عدم استقرار في الضخّ طيلة الأسبوع الفائت؛ بسبب تعدّي الفصائل المسلحة على خطّ الكهرباء المغذّي لها، في ظلّ تطمينات حكومية إلى وجود تنسيق حكومي روسي لإدخال عمّال المحطة إليها مجدداً اليوم السبت، وفحص جاهزيتها، وإزالة التعديات على خطّ الكهرباء، وإعادة الضخّ منها بشكل طبيعي.
الأخبار
إضافة تعليق جديد