شيفرة دافنشي فيلم باهت عن رواية مثيرة
الجمل :
هذا الفيلم ليس تسجيلياً ولا هو مأخوذاً من الواقع. على العكس هذا فيلم خيالي وأطلب من المشاهد أن يعتبره كذلك.
توم هانكس بطل فيلم شيفرة دافنشي
بسرعة قياسية وصل الفيلم المثير للفضول "شيفرة دافنشي " فبعد يومين من إطلاقه استطاع بعض القراصنة تصوير الفيلم عن طريق كاميرا منزلية أثناء عرضه في إحدى دور السينما وفي اليوم التالي كان متاحاً لكل الناس عندما وضع على شبكة الانترنت لمن يرغب بتحميله وبعد يوم واحد استطاع أحد مكاتب توزيع الأفلام ترجمته ...إن هذا بالتأكيد احد مباهج العولمة
كما هو معروف يرتكز فيلم شيفرة دافنشي على رواية بنفس العنوان لدان براون ولمن لا يعرف تتحدث الرواية عن عالم في علم الرموز الايقونية هو روبرت لانغدون تستدعيه الشرطة الفرنسية لحل أحد الألغاز حول مقتل أمين متحف اللوفر جاك سونيير بعد أن حاول إرسال إشارة عمن قتله عن طريق استعماله لبعض الرموز الدينية في اللحظات الأخيرة قبل موته .
تبدأ رحلة روبرت لانغدون عندما يلتقي بعالمة رموز فرنسية هي صوفي نوفو تعمل مع الشرطة الفرنسية وهي بنفس الوقت حفيدة جاك سونيير وتبدأ رحلة الاثنين في محاولة تقصي سلسلة أسرار تقودهم إلى الاستدلال على جماعة تدعي السيون كان من عناصرها حسب الرواية " اسحق نيوتن وفيكتور هوجو وجان كوكتو والأهم الرسام الايطالي ليوناردو دافنشي.." وتدعي هذه الجماعة أنها ما تزال تحافظ على سر كبير يمكن أن يهز عرش الكنيسة ويعيد كتابة تاريخ المسيحية من جديد وهو أن السيد المسيح كان متزوجاً من مريم المجدلية وكانت حاملا منه عندما تم اعتقال السيد المسيح وسافرت إلى مرسيليا وهناك وضعت مولودها فعاشت بحماية هذه الجماعة التي تركت بعضاً من أفكارها حول هذه القصة عن طريق التماثيل واللوحات الفنية التي كانت لوحة العشاء السري التي رسمها ليوناردو دافنشي احد تجلياتها .
و أصبح من ذريتها عائلات استلمت مقاليد الملكية في فرنسا والنمسا وان هذه العائلة ما تزال موجودة وهي تسعى إلى حكم أوروبا كلها بعد توحيدها .
قام روبرت لانغدون حسب الرواية بفك الأسرار ضمن جو صعب من المواجهة فالفاتيكان المتضررة من هذه السر تعطي الأوامر لأفراد من جماعة أوبوس داي الدينية المتعصبة لتصفية هذه الجمعية فيصلون إلى قائدها الذي هو جاك سونيير حالياً ويتابع روبرت لانغدون متابعة حل كل الأسرار الغامضة إلى أن يفاجئنا أن أن آخر من بقي من سلالة مريم المجدلية لم يكن سوى صوفي نوفو التي تعود إلى جماعة السيون ليحموها ويصونوا دمها الملكي .
طبعاً هذا تلخيص بسيط لرواية تتجاوز الأربعمائة صفحة مثيرة بسرد بوليسي لم يتورع عن استخدام أسماء مثيرة في روايته من مثل دافنشي وكوكتو وميتران واتهم جمعيات حقيقية مثل الاوبوس داي ليحاول إقناع القارئ بتصديق الرواية هذا بالإضافة إلى الإثارة المتحققة للقارئ عندما يقارب عالم الرموز و ألغازه
دفعت سوني بيكتشر لدان براون ستة ملايين دولار من أجل تحويل الرواية إلى فيلم وكلفت عاكيفا جولدسمان مهمة كتابة السيناريو و رون هاورد الحائز على الأوسكار بإخراج الفيلم و الممثل الكبير توم هانكس في دور لانغدون و الممثلة الفرنسية أودري توتو في دور صوفي نوفو
حاول السيناريو أن يكون أميناً للرواية فنقلها بشكل متوازي تقريباً وهنا بدت مشكلة الفيلم فالرواية بنمط التعاطي معها سيترك للقارئ الخيال في الاكتشاف والتمعن في بعض الألغاز وهذا ما لا يحدث في الفيلم فبدا السيناريو عديم الموهبة فقير الخيال بليداً غير قادر على الإثارة وساهم الإخراج ضائع ا لبوصلة في تحول الفيلم إلى مجرد مطاردة بوليسية باهته واختفت من الفيلم عناصر جاذبية الرواية في مقاربة الألغاز وفك الشيفرات
وأكثر ما يفاجئ في هذا الفيلم هو الأداء الباهت الذي قدمه توم هانكس وأودري توتو الممثلان الرائعان في أفلام أخرى مما يوحي بأن المناخ الإبداعي الذي ساد الفيلم لم يكن على المستوى المطلوب وبأن روح الحماس كانت مفقودة فبدا الأداء خاليا من أية حرارة . وبدت عيون الممثلين الرئيسيين تائهة وكأنها أضاعت طريقها فلم نستطع كمشاهدين أن نكون معنيين بقضيتهما .
بالرغم مما قلناه حصل الفيلم في عطلة نهاية الأسبوع الأول لعرضه في أميركا وحدها على أكثر من 77 مليون دولار وهذا ما لم يحدث مع أي فيلم في هذا العام والسبب يعود إلى موقف الكنيسة المتشنج ضد الفيلم والذي لولاه ربما لما كان لهذا الفيلم أي راغب بإنتاجه وتحمل نفقاته وهذا هو الدرس الأكبر المستفاد من هذا الفيلم ففي بعض الأحيان يكون تجاهل ما يقوله الآخرون هو أحسن أساليب المواجهة .
منصور الديب
إضافة تعليق جديد