حاتم علي: الدراما السورية فرضت نفسها لكن إشارات هذا الموسم غير مشجعة
قبل أن يعرض مسلسل عن الملك فاروق، آخر ملوك مصر، أثارت الفكرة عاصفة من الجدل والانتقادات، لا لشيء، فقط لأن سورياً سيخرجه، وسورياً آخر سيلعب دور البطولة. كما أثيرت التكهنات حول دوافع جهات غير مصرية (سعودية) في إنتاج مسلسل عن فاروق الأول والأخير. ماذا يقول المخرج السوري حاتم علي بعد أن أنهى تصوير مسلسله المصري؟ أي ظروف قابلت إنتاج المسلسل، وماذا عن هجرة السوريين إلى مصر، وهل يعودون؟ هنا حوار معه:
أنهيت أخيراً تصوير مسلسل عن الملك فاروق، هل تجد أن من اللائق أن يقوم سوري بإخراج مسلسل عن الملك المصري، خصوصاً أن الممثل البطل الذي يلعب دور الملك هو أيضاً سوري؟
{ لا أرى غرابة كبيرة في الفكرة. هناك تجارب سابقة سواء عربية أو أجنبية مشابهة، وما زلت أعتقد أن فيلم المصري توفيق صالح «رجال تحت الشمس»، المأخوذ عن رواية لغسان كنفاني بالاسم نفسه، واحد من أهم الأفلام التي تناولت القضية الفلسطينية، ليس فقط على المستوى الفكري وإنما على المستوى الفني كذلك، وفي قدرته على تجسيد الشخصية الفلسطينية. الأمر ينطبق على برهان علوية المخرج اللبناني الذي قدم أفلاماً عن فلسطين. أنا أيضاً قدمت «التغريبة الفلسطينية» وهو موضوع فلسطيني. أنا أظن أن ليس شرطاً أساسياً أن يكون المخرج أو الكاتب أو المبدع من بيئة ما حتى يكون قادراً على التعبير عنها، فالأمر يتطلب ميزات أخرى، كما يتطلب مجهوداً أكبر؛ دراسة في المراجع عن الفترة التاريخية، رغم أنني اكتشفت أن هذه المراجع لا تغني عن المعايشة الحقيقية للبيئة، لأنها تكتفي بسرد التاريخ والوقائع، ولا يمكن أن تتلمس من خلالها الوجدان الشعبي إلا عبر التماس والتواصل مع الحياة نفسها. وأنا حاولت جاهداً تلافي هذه النقيصة.
كيف؟ ماذا فعلت؟
{ كانت محاولاتي الأولى أن أدقق وأنظر إلى الحياة بتفاصيلها، وهذا كان يتطلب الخروج من الاستوديو. غالبية الأعمال المصرية انطلاقاً من ظرف الصناعة هناك يجري تصويرها داخل الاستوديو، ويتم إعادة خلق حياة عبر عناصر الديكور والاكسسوار، ولكنها غالباً ما تأتي مفتعلة وتفتقد نبض الحياة الحقيقية التي لا يمكن ملامستها إلا بفتح جدران الاستوديو، وهذا كان يتطلب كثيراً من الجهد، فنحن نتحدث عن فترة تاريخية لها عمارتها واكسسواراتها، من آليات وسيارات وملابس. لا أدري إن استطعنا تحقيق ما أردناه، فقد اكتشفنا أن الأمر في منتهى الصعوبة، رغم ما قد يبدو من أن الدراما المصرية تمتلك نظماً وتقاليد وقوانين. لكن مشكلتها أنها عبر السنوات الماضية وقعت فريسة الترهل وعدم البحث والاستسهال، حتى عندما يتم الحديث عن مدينة الإنتاج وهي مجموعة استوديوهات مغلقة ومفتوحة، ستكتشف أنها استهلكت لأنها على سبيل المثال مبنية بخراسانات من الإسمنت وغير قابلة للتعديل كما هو من المفترض.
كم ساعدك الظرف الإنتاجي هناك؟
{ قبل أن أبدأ العمل وضعت في حسابي أن العمل في بيئة جديدة، بقوانين وتقاليد مختلفة لا بد أن ينتج عنه بعض الإشكالات. حاولت التخفيف منها من خلال الاستعانة بمجموعة فنية لازمتني في الأعمال السابقة، واكتشفت أثناء العمل أنني كنت محقاً في ذلك. يحتاج العمل إلى إنتاج كبير وتعاون مؤسسات مصرية على اعتبار أن معظم الأحداث تدور في قصور الملك فاروق التي تحولت إلى قصور رئاسية أو شبه رئاسية أو أثرية، ومن دون هذه الأماكن سيفقد العمل من الناحية البصرية الكثير من المصداقية. فوجئت أن درجة التعاون كانت شبه معدومة. وجدت نفسي في مأزق؛ كيف أصنع عملاً ثرياً من الناحية البصرية وله مصداقية دون أن أحصل على مثل هذه الأماكن، ودون تسهيلات، منها مشكلة الماكياج حيث كان من المفترض أن يكون معي طاقم إيراني، هو أساساً جزء من مجموعتي الفنية في أعمالي السابقة، خاصة أننا نتحدث عن شخصيات كثير منها معروف وما زال في أذهان الناس، ومشكلة الشبه واحدة من الضرورات للوصول إلى حدود من المصداقية. نتيجة المماطلة اضطررت للاعتماد على مجموعة ماكياج مصرية وماكيير لبناني في ما يتعلق بشخصية الملك فاروق وتبدلاتها. فمما لا شك فيه ذلك أثّر على السوية الفنية. مشكلة القصور تم التحايل عليها ببناء ديكورات بذل مصمم الديكور المصري عادل مغربي جهداً طيباً في بنائها. ورغم تلك الجهود من الصعب الوصول إلى الصورة الحقيقية. المشكلة مع الإيرانيين كانت مشكلة سياسية بسبب العلاقات السيئة بين مصر وإيران.
ذرائع
كيف تلقّى المصريون فكرة أن سورياً يخرج مسلسلاً عن آخر ملوكهم؟
{ الآراء كانت منقسمة، هناك من عارض بشدة وهناك من أيد. لكن الأمر لم يمر بسلام، وتظل طوال الوقت مطالباً بتقديم إيضاحات وتبريرات لوجودك في مصر، ذرائع من قبيل أن القاهرة هي هوليوود الشرق وأنها لعبت دوراً ريادياً على المستوى الفكري والفني وأن عليها متابعة لعب مثل هذا الدور. وأن هوليوود نفسها تعتمد على خبرات ومواهب من مختلف أنحاء العالم. اضطرارك لطرح مثل هذه التبريرات بشكل أو بآخر يؤكد الإحساس العام بلا مشروعية وجودك أصلاً. شخصياً كنت أشعر بالانزعاج والنفور من كثرة ما أثير حول هذا الموضوع، فأنا أعتقد أن الزمن هو زمن التكتلات الفنية الكبيرة، فالمسلسل في زمن الفضائيات لم يعد له وطن على اعتبار أن المشاهد الآن هو المشاهد العربي، فما الذي يمنع أن تأخذ الأعمال نفسها مثل هذه الصبغة.
العمل الفني بدأ يخضع لموازين السوق والمصلحة، وإذا كانت مصلحة العمل الفني تقتضي الاستعانة بأي خبرة جيدة فهذا أمر مبرر ومشروع ومطلوب، وواحدة من ميزات الدراما السورية انفتاحها على الآخر، الاستعانة بالماكياج الإيراني مثلاً، وهي مدرسة مشهورة في العالم، ولديها خبرات كبيرة طورت من تفاصيل العمل الدرامي السوري. الأمر نفسه ينطبق على المخرجين، فأحد أبرز المشتغلين في الدراما السورية هو شوقي الماجري وهو تونسي، حتى على صعيد مصممي المعارك والتصوير. المصريون بحاجة إلى إعادة التفكير في هذه النقطة إذا أرادوا بالفعل تطوير الدراما المصرية. على سبيل المثال نقابة المهن السينمائية رغم وجود بروتوكول مع نقابة الفنانين في سوريا حصلت على مئة ألف جنيه كشرط لإعطائي تصريح لإخراج عمل، رغم أنني لا أعمل مع شركة مصرية، بل أنا صاحب المشروع وفي جيبي مع الجهة المنتجة (إم بي سي) أربعة ملايين دولار تم صرفها في مصر. مثل هذه الطريقة في التفكير هي السبب في عزوف الكثير من المشاريع التلفزيونية أو السينمائية العالمية عن مصر وهروبها إلى المغرب مثلاً.
ما هي الفوارق الأساسية بين الظرف الإنتاجي التلفزيوني في سوريا ومصر؟
{ التعميم عادة ظالم. ولا يمكن إطلاق أحكام عامة من خلال تجربة «الملك فاروق». تلمست من خلال وجودي لخمسة أشهر أن الدراما المصرية تعاني من مشاكل كثيرة ربما تتحول إلى أزمات متنوعة تبدأ بأزمة سيطرة الممثل النجم الذي تكتب وتفصّل له الموضوعات والسيناريوهات وتصل سطوته إلى حد التدخل في توزيع الأدوار وأحياناً الرؤية الفنية للمخرج. أظن أن هذه واحدة من أسباب تراجع المدرسة الإخراجية المصرية وعدم قدرتها على تجديد نفسها إلى درجة أصبح من الصعب أن تميّز ما بين مخرج وآخر، ساهم في ذلك أن المسلسل نفسه أصبح ينسب إلى بطله وليس إلى مخرجه. وكنت أشعر بالحرج في أحيان كثيرة عندما أسأل ممثلاً ماذا تعمل فيجيب بأنه يعمل في مسلسل يحيى الفخراني أو نور الشريف أو يسرا. ويصبح الأمر مثيراً للدهشة أكثر إذا كان المسلسل من إنتاج العام الماضي لأن الممثل في هذه الحال سيجد مشكلة في تذكّر اسم المخرج. وكنت أرثي لحال زملائي المخرجين المصريين وأجد أنهم يرزحون تحت غبن هائل تساهم فيه الصحافة نفسها، خاصة الصحافة السائدة متوسطة القيمة والتي تسير على المنوال نفسه في نسبة العمل الفني إلى بطله لا إلى مخرجه، وهذه واحدة من الأسباب التي لا تشجعني على إعادة التجربة في مصر، رغم أن ظرف «الملك فاروق» كان أفضل ولأكثر من سبب منها أنني لم أستدع أصلاً من قبل ممثل وأنني صاحب المشروع الأصلي وأنا من اختار الممثلين وباقي فريق العمل.
إدانة مرحلة؟
تقول إنك صاحب المشروع؟
{ بدأ المشروع حينما عرضت الـ«إم بي سي» رغبتها في إنتاج عمل عن الملك فاروق وتم استكتاب كاتب مصري واطلعت على الحلقات الأولى وهي في طور الكتابة فلم أتفق مع زاوية الرؤية التي يرى منها الكاتب إلى الشخصية. وكنت بالصدفة أثناء تحضيري لفيلم عن محمد علي باشا قرأت نصاً غير مكتمل عن الملك فاروق لكاتبة الفيلم لميس جابر، وهو مشروع قديم عمره عشر سنوات كتبتْه ليلعب زوجها يحيى الفخراني دور الملك، ولكنها لم تجد أي جهة متحمسة لإنتاجه، بدوري اقترحت النص على الجهة المنتجة، وبدأنا العمل الذي استكملت حلقاته أثناء التصوير.
ما هو سر اهتمام المحطة؟
{ للأسباب نفسها التي شجعتني لإخراج عمل عن الملك فاروق، فهو من الناحية الدرامية شخصية شديدة الإغراء: شاب يجد نفسه فجأة، إثر وفاة والده وهو بعد لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره، ملكاً على عرش بلد بأهمية مصر، ويجد نفسه في بلاط مليء بكبار رجالات السياسة. ومن ناحية أخرى فإن العصر شديد الثراء؛ الحرب العالمية الثانية، حرب فلسطين، نشوء دولة إسرائيل، عصر مليء بمخاضات سياسية وديموقراطية، صراع أحزاب، حكومات متعاقبة، وكان من الممكن لهذه التجربة أن تتخلص من عيوبها وتتطور إلى تجربة ديموقراطية حقيقية، عصر غني بالتحولات الاجتماعية برزت فيه شخصيات ثقافية فنية كبيرة ومؤثرة وجذابة كسعد زغلول ومصطفى النحاس وطه حسين، العقاد، أسمهان، أم كلثوم، وكلهم ظهروا في المسلسل.
ثمة من فهم أن في المسلسل الجديد إدانة لمرحلة ما بعد الملك فاروق؟
{ الطريقة التي تم فيها تناول المرحلة فيها الكثير من الموضوعية، وهذه الطريقة نفسها التي كانت معيار حماسي واشتغالي على أعمال سابقة، وهي قائمة على إعطاء الشخصية حقها في الدفاع عن نفسها من دون مواقف ايديولوجية أو أخلاقية مسبقة، دون محاولات تنميط الناس وتقسيمهم إلى أخيار وأشرار، خونة ووطنيين. لأن هذا هو أفضل من الناحية الدرامية وأكثر إنصافاً من الناحية التاريخية. شخصياً أعتقد أن أكثر شخصيتين ظلمتا في تاريخ مصر هما آخر ملوكها وأول رؤسائها (الملك فاروق و محمد نجيب) وهذا سبب انحيازي للنص الثاني الذي حاولت من خلاله المؤلفة التدقيق والبحث في هذه المرحلة، وتخليص هذه الشخصية من كثير من المبالغات التي لحقت بها والتي كان بعضها ضرورة سياسية في مرحلة ما. هذه الضرورة التي وصمت ليس فقط شخص فاروق وإنما عصره بالفساد. وهذا ظلم كبير لتجربة ولمرحلة تاريخية مهمة يجب أن تنصف ويعاد إليها الاعتبار. من ناحية أخرى حاولنا تجنب التطرق إلى كل رجالات الثورة، فحتى من الناحية الدرامية نحن غير معنيين بهذه الشخصيات وليس الهدف من وراء العمل الانحياز مع طرف ضد آخر.
هل ستؤثر ظروف الإنتاج الصعبة التي مررت بها في مصر على تجربتك القادمة في إخراج فيلم «محمد علي باشا»؟
{ لعل تلك التجربة ستدفعني إلى إعادة النظر في كثير من المسائل لتوفير ظرف أفضل للعمل القادم، حتى لو اضطررت للتصوير في سوريا أو المغرب أو على الأقل تصوير أجزاء كبيرة من العمل في هذين البلدين. بكل الأحوال أنا أعوّل على تجربتيْ المخرج محمد عزيزية ورشا شربتجي اللذين يقومان بتصوير مسلسلين في مصر الآن، فربما بعد ظهور النتائج تكون بداية حوار مع نوع آخر. أرى رشا مخرجة جيدة استطاعت في وقت قصير أن تطور أدواتها. وعزيزية صاحب تجربة كبيرة ومقدرة تقنية لا يشك فيها، وهما يعملان على تقديم اقتراح بصري مختلف وينتميان إلى مدرسة إخراجية لها ملامحها الخاصة. هذا يجعلني أميل إلى التفاؤل رغم معرفتي بكل المعوقات التي تصادفهما يومياً.
ما السرّ برأيك وراء استقطاب أسماء سورية إلى مصر؟
{ لست ميالاً إلى تفسير الأمر بطريقة مؤامراتية، فلا أظن أن هناك أجندة أو خطة عند أي جهة لهذا الأمر. أردّ الموضوع لمنطق السوق نفسه؛ فالدراما السورية قدمت اقتراحاً مختلفاً وجذاباً، أصبح لها جمهورها الواسع، وبالتالي المصريون يحاولون الاستفادة من هذه التجربة في استقطاب ممثلين أو مخرجين، وهي مبادرات فردية خاصة، وإذا دققنا فإن معظم هذه الأعمال التي فيها سوريون أغلبها من إنتاج القطاع الخاص في مصر، والظاهرة تعبير عن قناعات شخصية لأصحابها الذين يجدون فيها جاذبية وإغراء جديداً للجمهور، أو استفادة من خبرات فنية مختلفة ذات نكهة جديدة. واستمرار هذه الظاهرة وتطورها خاضع لمعايير السوق، الذي سيحدد نجاح أو فشل هذه التجربة.
كيف ترى إلى وضع الدراما السورية؟
{ المؤشرات لهذا الموسم غير مشجعة فعلاً، بعد ما عدت سمعت عن مشاريع تم إيقافها قبل أن تبدأ، وأخرى أوقفت أثناء التصوير، وعن شركات لم تدفع مستحقات الناس بعد أشهر من التصوير. عدا عن أن الدراما تعاني من نقص في المخرجين نظراً لعدم وجود أكاديميات تدرّس هذه المهنة ولعدم وجود حركة إيفاد إلى الخارج، هذا أدى إلى فوضى بدأت ملامحها تتوضح بظهور الكثير من الممثلين أو مساعدي الإخراج كمخرجين، رغم قناعتي أنه يجب في مثل هذه الظروف إفساح المجال أمام هؤلاء ولكن ضمن ضوابط لا تجعل هذه المهنة مستباحة.
أنت مخرج آخر حين ما يتعلق الأمر بالأعمال المعاصرة؟
{ الأعمال التاريخية عادة، نتيجة موضوعاتها أحياناً وضخامة الإنتاج أحياناً أخرى، تبدو أكثر حضوراً على الشاشات، وذلك ما يعطي هذا الانطباع. شخصياً أظن أنني بذلت جهداً كبيراً جداً في مسلسل «أحلام كبيرة»، وهو من الناحية البصرية لا يقل أهمية عن غيره.
الدراما والأدب
أي موقع تشغله الدراما التلفزيونية اليوم في حياة الناس؟
{ التلفزيون بالأخص في بلادنا العربية نتيجة انتشار الأمية وانحسار عادة القراءة وتردي حال السينما والمسرح أصبح هو مصدر المعرفة الأساسي. والدراما التلفزيونية هي جزء من من هذه المنظومة، أصبحت مادة التسلية الأولى للمواطن العربي، وفي هذا مكمن قوة الدراما وضعفها في آن؛ فهي وسيلة فائقة الانتشار، ولكنها في المحصلة، أو ربما لهذا السبب، تقع فريسة هذا النوع من الجمهور غير المنسجم الذي يبحث عموماً عن تسلية سهلة بطرائق مشاهدة غير سليمة، ورغبة هذه الدراما في إرضاء هذا الجمهور توقعها أحياناً كثيرة في التبسيط الذي يصل إلى السطحية، بحيث تبدو الدراما السورية مثلاً غير قادرة على مناقشة قضايا حقيقية بجرأة، وغير قابلة للتجريب والبحث الفني.
برايك كم خدم الأدب السوري الدراما، وكم خدمتْه؟
{ الدراما السورية كانت على خصام مع الرواية، وأظن أن من بدأ بذلك هو الروائي نفسه الذي كان ينقصه الإيمان بجدوى الدراما التلفزيونية. نادراً ما شاهدنا أعمالاً تلفزيونية تستند إلى روايات سورية. الاستفادة من الرواية السورية ربما كانت واحدة من الحلول للخروج بالدراما السورية من تكرار المواضيع والمعالجات. أكثر الروائيين حظاً كان حنا مينه، ربما لأن للحكاية في أعماله حضوراً واضحاً، وبالتالي تبدو سهلة التناول. ولكن هناك كتاب آخرون يمكن أن تكون كتاباتهم نواة لمسلسلات أو أفلام تلفزيونية، كحسيب كيالي وعبد السلام العجيلي وإلفت الإدلبي وفواز حداد وخيري الذهبي.
زملاؤك من الفنانين السوريين يتحدثون كثيراً في السياسة في ظاهرة مستجدة على الفنان السوري؟ كيف تعلّق؟
{ أنا أعبر عن أفكاري ومواقفي السياسية والاجتماعية في العمل الفني نفسه. هذا مجال لتعبيري الأساسي بقدر ما تتيح الظروف. هذا لا يعني أنها دعوة لاعتكاف الفنان وابتعاده عن العمل السياسي أو الاجتماعي. أنا لي آرائي الشخصية وعادة لا أتردد في التعبير عنها.
هل تفكر بتقديم عمل من وحي أحوالٍ سياسية راهنة؟
{ هذا طموح رغم إيماني أن الظرف لا يسمح. كانت لي تجربة في مسلسل «عصي الدمع» تناولت بعض المشكلات الاجتماعية بجرأة نسبياً، ولكنها تعرضت لمقص الرقيب ليس السوري وحسب بل وكذلك العربي، وبالتالي أظن أنه رغم الانفتاح الظاهر سواء في سوريا أو خارجها فإن فن التلفزيون نفسه لم يهيأ بعد لمناقشة موضوعات على هذا المستوى من الجرأة والمعاصرة، فالفنان حينها سوف يخوض صراعاً مزدوجاً؛ ضد الرقابات الحكومية، وأيضاً ضد رقابة المجتمع، التي تكون أحياناً أشد وأقسى، خاصة في ما يتعلق بمسألتيْ الدين والمرأة.
راشد عيسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد