ما هو شكل الحرب الإسرائيلية القادمة في مراكز الأبحاث
الجمل: برغم هزيمة الجيش الإسرائيلي على يد مقاتلي حزب الله اللبناني في حرب الصيف الماضي، وبرغم الانتقادات داخل وخارج إسرائيل، فإن مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية الإسرائيلية ظلت تقوم طوال الفترة الماضية بإعداد البحوث والدراسات وتنظيم استمارات وورش العمل وعقد الندوات التي في ظاهرها التقييم والنقد لأداء إسرائيل خلال حرب الصيف الماضي، وفي باطنها البحث والتلمس من أجل استكشاف واستطلاع الأسلوب والطريقة المثلى التي يمكن أن تقوم بها إسرائيل بشن حرب عدوانية جديدة... ضد لبنان.
- خارطة مراكز الدراسات:
يوجد في إسرائيل العديد من مراكز الدراسات والتي تتميز بالتركيز في عملها على قضايا مثل مشاكل ومستقبل إسرائيل، علاقاتها الخارجية، اليهود واليهودية، وقضايا الصراع العربي الإسرائيلي... وتتميز مراكز الدراسات الإسرائيلية بارتباطها وتأثيرها على عملية اصنع القرار الإسرائيلي، إضافة إلى أنها تجد الكثير من دعم ومساندة الأطراف الأخرى مثل المؤسسات العامة ومنشآت القطاع الخاص الأمر الذي جعل هذه المراكز مستقرة في أوضاعها المالية هذا ويبلغ عدد المراكز الأكثر نشاطا في إسرائيل أكثر من تسعة عشر مركزا، يأتي في مقدمتها الثمانية مراكز الآتية:
مركز بيجن- السادات للدراسات الإستراتيجية.
معهد هاري ترومان لبحوث تطوير السلام.
مركز البحوث والمعلومات الإسرائيلي – الفلسطيني.
مركز جافي للدراسات الإستراتيجية.
معهد ليونارد ديفيس للعلاقات الدولية.
مركز موشي دايان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا.
مركز تامي شتابنمبنر لبحوث السلام.
معهد السياسة الدولية لمكافحة الإرهاب.
- موازنة وتقويم المفاهيم:
نشر مركز جافي للدراسات الإستراتيجية، الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب مجموعة كبيرة من الأوراق البحثية التي حملت عنوان (تخمينات إستراتيجية) تناولت موضوع حرب لبنان من زاوية نقاط القوة ونقاط الضعف، بتركيز على استغلال (الفرص) التي توفرها نقاط القوة، ودرء (المخاطر) التي تترتب على نقاط الضعف، وفي هذا الصدد تقول ورقة حملت عنوان (من غزة إلى لبنان، والعودة مرة أخرى) الآتي:
إن التدقيق المتوازن للانجازات الإستراتيجية يتطلب تفكيك الأهداف والغايات الإستراتيجية إلى مكونات ثانوية واختبار وتدقيق لما تم إنجازه، هذا وقد أسقطت الورقة ذلك على حرب الصيف الماضي على النحو الآتي:
- وقف أنشطة الإرهاب ضد إسرائيل المنطلقة من الأراضي اللبنانية: وتشير الورقة إلى أن الفترة التي أعقبت حرب الصيف الماضي تعتبر الأكثر هدوءا منذ عام 1982 وحتى قبيل وقوع الحرب.
- مسؤولية لبنان وسيطرته على جنوبه: وتشير الورقة إلى أن الوضع تغير بقدر كبير بحسب وجود القوات الدولية ونشر قوات الجيش اللبناني وابتعاد حزب الله عن المناطق الحدودية.
- إلحاق أكبر الأضرار بحزب الله: وتشير الورقة إلى أن حزب الله خسر عدداً من القتلى، وتم تدمير الكثير من القرى والمنشآت، إضافة إلى الأضرار التي لحقت بخطوط إمدادات حزب الله الموجودة في منطقة بعلبك.
- تشديد الضغوط من أجل إعادة الرهائن: وتشير الورقة إلى إن إنجاز هذا الهدف يعتبر مستحيلا وغير مكن.
وبرغم النقاط السابقة وما ورد في تحليلها من مغالطات تخلص الورقة إلى أن تركيز الحوار والنقاش العام على الغش في حرب لبنان الثانية وتجاهل إنجازاتها بالكامل يمكن أن يؤثر على قدرة الجيش الإسرائيلي في أخذ الدروس والعبر واستنباط الاستنتاجات الصحيحة، إضافة إلى أن تسليط الضوء على حرب لبنان، واستخدام اللغة الإستراتيجية التي تتجاهل تعقيدات الحرب على الإرهاب، ولا تقدم آي تحليل نقدي لأداء أنظمة الأمن في قطاع غزة، سوف لن يسهم في التحسين والتطوير المطلوب من اجل مواجهة الافتقار للنجاح الإستراتيجي المطلوب في الجنوب (أي قطاع غزة).
الورقة الثانية حملت عنوان: (تدفقات مفهومية على الطريق إلى حرب لبنان الثانية) وتناولت حرب الصيف الماضي من منظور آخر بالتركيز على ثلاثة نقاط تقوم على أساس أن الحرب أدت إلى النتائج الآتية:
- زيادة الثقة داخل لبنان ضد نشاط حزب الله العسكري، وبالذات بواسطة معارضي وخصوم سوريا، والمطالبة بنزع وتجريد سلاح حزب الله.
- قام المجمع الدولي بزيادة ضغوطه المفروضة ضد سورية وإيران اللتان تدعمان حزب الله.
- إضعاف سورية.
وتخلص الورقة إلى أن حزب الله، قد قام بتسريع نشاطه بعد الحرب، ليعيد اكتساب قدراته التي كانت له في فترة ما قبل الحرب ونشرها على طول الحدود.
وعموما إن معايرة تقارير مراكز الدراسات الإسرائيلي، على أساس اعتبارات تحليل المضمون هي معايرة تشير إلى أن هذه المراكز تعمل على تقييم الأداء في حرب الصيف الماضي، وفي المواجهات داخل الأراضي الفلسطينية، على أساس اعتبارات (النجاحات التي حققتها) وذلك على النحو الذي يعزز نزعة الاعتماد على القوة العسكرية الإسرائيلية كوسيلة ذات مصداقية في تحقيق الأهداف الإسرائيلية ويقلل من شأن الانتقادات التي وجهت لعوامل الضعف باعتبارها انتقادات تركز على جانب الإخفاقات وتهمل جانب النجاحات... ويمكن إدراك مضمون هذه الدراسات جيدا من خلال ملاحظة إغفالها لمدى أهمية استخدام الوسائل السياسية مثل المفاوضات والمحادثات في معالجة المشاكل الشرق أوسطية وهذا الإغفال يشكل جوهر مضمون الرسالة والتي تحاول هذه المراكز دفع مراكز صنع القرار في إسرائيل التقاط إشاراتها.
الجمل قسم الترجمة والدراسات
إضافة تعليق جديد