واشنطن تفوض تل أبيب بإعداد بيان مؤتمر السلام القادم
الجمل: نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية افتتاحية حملت عنوان (اجتماع السلام الذي تم انتظاره طويلا) وتقول الافتتاحية:
نرحب بقرار الرئيس بوش بتضمين سورية على قائمة البلدان المدعوة في نوفمبر لاجتماع سلام الشرق الأوسط.
إن نفور الرئيس بوش من هذه الجهود هو نفور يقل قليلا عن نفوره إزاء سورية ولكننا نأمل أن يكون بوش ومساعدوه ومعاونوه أصبحوا جاهزين بشكل نهائي لدفع كل الأطراف للقيام بالمساومات الضرورية اللازمة للتحرك باتجاه السلام الإسرائيلي – الفلسطيني.
إذا اختارت دمشق أن لا تحضر الاجتماع فإنها سوف تكون قد أكدرت مرة أخرى دورها كواحدة من أخطر السلبيين في المنطقة- أما- إذا اختارت المجيء فإن الفرص من أجل السلام من الممكن أن تتزايد والدعوة (أي دعوة دمشق) بالتأكيد سوف تجعل من السهل بالنسبة لمصر والسعودية العربية هو أمر حاسم- المجيء إلى هناك (أي إلى المؤتمر). ومن الممكن أن يكون السيد بوش مازال يتوجب عليه الاستمرار في لي الأذرع للتغلب على مخاطرة نفور السعوديين وعدم حضورهم للاجتماع.
أما بالنسبة للأسباب، لماذا المرونة الفجائية من جانب (البيت الأبيض) فإن الحكمة التقليدية تتمثل في أن وزيرة خارجية السيد بوش كوندوليزا رايس قد رغبت في محاولة إنقاذ إرث الرئيس وارثها هي أيضا- بالتوصل إلى صفقة سلام يمكن أن تساعد في تحقيق استقرار المنطقة التي كان لحرب السيد بوش في العراق دورا مدمرا فيها.
وسوف يتطلب حدوث ذلك الكثير من الدبلوماسية الخلاقة وبالفعل فإن الجولات الستة التي قامت بها السيدة رايس والتي تعلقت بجهود السلام الصغيرة جدا والمتأخرة جدا كان للسيدة رايس فيها الكثير من المتاعب والمشاكل مع إسرائيل حليفة أمريكا اللصيقة بما يفوق المشاكل التي واجهتها رايس مع الفلسطينيين.
يلح ويشدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأن يقوم الإجماع بإصدار إعلان كامل حول القضايا والمسائل الأكثر حساسية وصعوبة: الحدود، القدس، وحتى سوف يحصل الفلسطينيون على الدولة المستقلة التي وعدهم بها الرئيس بوش قبل خمس سنوات.
أما اهتمام إسرائيل فيتمثل في أن السيد محمود عباس في غاية الضعف وعدم القدرة على ضمان أمن إسرائيل غير الراغبة في عمل الكثير من أجل دعمه وتقويته وفي هذا الاهتمام الإسرائيلي إشارة واضحة إلى أن إسرائيل مهتمة ومعنية فقط بتحقيق القليل جدا جداً من الخطوات في المؤتمر.
تشدد السيدة رايس بأنها لا تبحث عن عملية التقاط صورة أخرى ولكنها على ما يبدو قد تركت - الصورة- للإسرائيليين والفلسطينيين وحدهم بحيث يقوموا بالعمل من أجل التوصل لوضع البيان المشترك المتوقع صدوره من اجتماع تشرين ثاني المقبل وعلى ما يبدو فإن السيدة رايس ماضية قدما في تشمير أكمامها وإثبات المزيد من حماسة مزاجها الدبلوماسي. أما الرئيس بوش- برغم نفوره واشمئزازه من فكرة السلام- فإنه مواجه بأنه يتوجب عليه أن يكون موجود شخصيا- مهما كان كارها- وإضافة لذلك أن يقوم بالمشاركة.
إن التوصل إلى اتفاق سلام شامل هو أمر يمكن أن يكون غير واقعي وبرغم ذلك على السيدة رايس أن تسعى من أجل دفع كلا الطرفين من أجل التوقيع على الوثيقة الرسمية الشكلية التي تطرح بقدر الإمكان تفاصيل سياق وإطار العمل من أجل حل القضايا والمشاكل الجوهرية الأساسية المتعلقة بمسائل الحدود واللاجئين والقدس.
لقد أصبح سجل أمريكا الأخير في الشرق الأوسط سجلا مصابا بالفشل في العراق في ترقية وتطوير الديموقراطية الصحيحة في إيقاف إيران من نشر صيغة إسلامها المسلح الذي يتنافر مع الغرب.
إن المنطقة (أي منطقة الشرق الأوسط) ليست محتاجة إلى إخفاق وفشل آخر جديد ولا تريد أمريكا سمعة سيئة أخرى جديدة وما تريده كل الأطراف هو الخروج من مؤتمر تشرين ثاني بشعور بأن شيئا ما أساسيا قد تغير في الشرق الأوسط- وبشكل نهائي باتجاه ومن أجل الأفضل.
وعموما لم تشر افتتاحية نيويورك تايمز إلى المشروطيات الإسرائيلية إزاء مشاركة سورية في مؤتمر سلام تشرين ثاني المقبل والتي افترض فيها الإسرائيليون بأن توافق سورية مسبقا على ما لم تقم به سورية، وإنما قام به (أنور السادات) و(الملك حسين) و(ياسر عرفات) وعلى ما يبدو فإن الافتتاحية قد أشارت تلميحا إلى ذلك عندما تطرقت لنفور بوش إزاء فكرة مشاركة سورية واستمرارية جهود مساعديه ومعاونيه الهادفة إلى إحباط نجاح مؤتمر سلام تشرين ثاني وربما إلى استخدام (الأساليب الذكية) التي تدفع سورية إلى عدم المشاركة حتى إذا تم توجيه الدعوة إليها!!!.
كذلك تطرقت افتتاحية النيويورك تايمز إلى أن وزيرة الخارجية الأمريكية قد تركت للإسرائيليين (أي اولمرت وباراك وتسيبي ليفني) وللفلسطينيين (أي إلى سلام فياض ومحمود عباس) أمر إعداد البيان المشترك الختامي الذي سوف يقوم المؤتمر بإصداره وبكلمات أخرى فإن صحيفة النيويورك تايمز- برغم ما يؤخذ عليها- قد تكرمت وكشفت للرأي العام الأمريكي والدولي والعربي بأن بيان مؤتمر سلام الشرق الأوسط الذي سوف ينعقد في تشرين ثاني المقبل هو بيان برغم أنه نهائي ويتوجب أن يصدر بعد النقاشات والمداولات قد تركت إدارة بوش للإسرائيليين أمر إعداده، ودفع سلام فياض ومحمود عباس على الموافقة عليه واعتماده قبل انعقاد المؤتمر وكما يقولون (هكذا تكون الدبلوماسية الوقائية الاستباقية)..!!.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد