الاستحقاق اللبناني يهيمن على نهائيات مؤتمر جوار العراق
عكست الاجتماعات الثنائية والجماعية، على هامش مؤتمر وزراء خارجية الدول المجاورة للعراق في اسطنبول في اليومين الماضيين، مساعي لتقديم «مقاربة شاملة» للأوضاع في الشرق الاوسط عبر ربط بين حل المشكلة الامنية في العراق بالازمة بين ايران والمجتمع الدولي والاستحقاق الرئاسي في لبنان والتحضيرات للمؤتمر الدولي للسلام في انابوليس.
وجديد مشاكل الشرق الاوسط، الأزمة القائمة بين انقرة و «حزب العمال الكردستاني» التي شغلت حيزاً كبيراً من المناقشات الاميركية - التركية - العراقية خلال المؤتمر، في مقابل تشجيع المسؤولين الاميركيين وزراء خارجية الدول العربية على «زيادة الحضور» في العراق ليصبح هذا البلد «عالماً عربياً وليس عالماً ايرانياً».
وفيما «هيمن» الاستحقاق الرئاسي اللبناني على جدول اعمال اللقاءات الثنائية و «الاجتماع السباعي» بين عدد من الوزراء العرب والغربيين، «تناول» الوزراء المؤتمر الدولي للسلام المقرر في انابوليس قبل بدء وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس جولتها في الاراضي الفلسطينية واسرائيل.
وكان واضحاً «اجماع» محاوري وزير الخارجية السوري وليد المعلم على «تشجيع» سورية على حضور المؤتمر الدولي، وسط تأكيد المعلم ان بلاده «تجد صعوبة» في الحضور ما لم تطرح قضية الجولان على جدول اعمال الاهتمام الدولي بالسلام.
وكانت هذه المواضيع حاضرة بدرجة متفاوتة في معظم اللقاءات. اذ تقدم الموضوع اللبناني الى الواجهة في لقائي وزير الخارجية السوري وليد المعلم مع وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ورايس، قبل ان يكون «الملف الرئيس» في «الاجتماع السباعي» الذي ضم رايس وكوشنير و «الرباعية العربية» أي وزراء خارجية السعودية الأمير سعود الفيصل ومصر احمد ابو الغيط والاردن عبد الاله الخطيب والامارات عبدالله بن زايد والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى.
وقال أحد الذين حضروا هذا الاجتماع، ان رايس حددت الهدف من الاجتماع بـ «ارسال رسالة جماعية الى الجميع»، بضرورة تمرير الاستحقاق الرئاسي اللبناني من دون «ترهيب او تهديد». وانه عندما جرى التصويت بين الوزراء على دعوة المعلم، حصل اجماع. وعلم ان احد الحاضرين اتصل بالوزير السوري بعد خمس دقائق من خروجه من «قصر تشيران» الى المطار، غير ان المعلم رد على المتصل :»انا لا ادعى في آخر لحظة. هذا موضوع لبناني يقرره اللبنانيون. هذا هو الاحترام الحقيقي لسيادة لبنان واستقلاله».
واستغرب مصدر ديبلوماسي «عقد اجتماع عن لبنان بغياب لبناني وبحضور يميل لصالح طرف على حساب الآخر»، مع «استغراب آخر لحضور ممثل الجامعة العربية التي تمثل التوافق العربي وليس أي طرف».
وكانت رايس اطلعت الوزراء على مضمون اجتماعها مع المعلم الامر الذي فعله ايضا كوشنير. وكان لافتا ان كلا من كوشنير ورايس والمعلم قدم «روايته» لمضمون اللقاء. اذ في مقابل تأكيد الجانبين الفرنسي والاميركي على توجيه «رسالة حازمة وصريحة» الى دمشق في شأن «عدم التدخل في الاستحقاق الرئاسي، اعلنت (سانا) ان المعلم «اكد موقف سورية الداعي الى ضرورة تشجيع اللبنانيين للتوصل الى مرشح توافقي واجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها ووفق الاصول الدستورية وبعيدا من التدخل الخارجي» وعلى «ضرورة ان يكون الحل لبنانيا معتبرا ان وضع مواصفات مسبقة لشخص الرئيس القادم من قبل بعض الدول يعتبر تدخلا في شؤون لبنان الداخلية، منبهاً الى ان من لا يشجع اللبنانيين على التوافق في ما بينهم فإنه لا يريد وحدة لبنان واستقراره».
وبينما كان الوفد السوري في طائرة العودة الى دمشق اعلن السفير الاميركي رايان كروكر اللقاء مع المعلم. وقال ان «اللقاء لم يكن مقررا ان يكون سريا، بل اعلن في شكل طبيعي».
وكان لافتاً ان رايس بحثت مع المعلم في مواضيع اخرى. اذ في مقابل تركيزها في اللقاء السابق في شرم الشيخ على «أمن العراق» تناولت هذه المرة مواضيع لبنان والعراق والمؤتمر الدولي. وفي مقابل «إقرار اميركي ببعض التقدم» في اجراءات ضبط الحدود و «المطالبة بالمزيد»، فإن الجانب السوري اكد «ضرورة الحفاظ على وحدة العراق ارضا وشعبا موضحا مساهمة سورية في تحقيق الامن والاستقرار في العراق الشقيق».
وكما كان المؤتمر الدولي «حاضرا» في اللقاء، قالت المصادر السورية ان المعلم «شدد على ضرورة ادراج الجولان السوري على جدول اعمال هذا الاجتماع للتأكيد على ان الهدف هو إحلال السلام العادل والشامل فى المنطقة».
وفهم من مصادر ديبلوماسية عدة ان «المجتمع الدولي متفائل اكثر باحتمال حضور سورية» المؤتمر الدولي. كما بات الخطاب السوري يركز الآن على «مواصفات الحضور وليس شروط الغياب».
وكان «الملف الايراني» حاضرا في المحادثات. اذ باستثناء «الكلمات الودية» بين رايس ومتقي على مأدبة العشاء مساء اليوم الافتتاحي، لم يحصل أي لقاء ايراني - اميركي على عكس اجتماع الخبراء الذي حصل في مؤتمر شرم الشيخ. بل ان مؤتمر اسطنبول شهد «حضاً اميركياً» للدول العربية على «مواجهة النفوذ الايراني». ودعا السفير ديفيد ساترفيلد مستشار وزيرة الخارجية الاميركية الدول العربية الى «زيادة حضورها» في العراق لمواجهة «النفوذ الايراني». وقال كروكر نريد للعراق ان يكون «عالما عربيا وليس عالما ايرانيا».
وكان السفيران ساترفيلد وكروكر يجيبان على اسئلة في ختام المؤتمر. واشار ساترفيلد الى ان وزيرا عربيا رد في النقاشات الوزارية على «مطالب ايران بالانسحاب الفوري، وان باقي الوزراء قالوا الموقف ذاته، ليسألوا اذا كانت ايران تريد عراقا مسالماً ام اهدافاً اخرى». وزاد: «هناك قلق من النفوذ الايراني. نفهم هذا ونعتقد ان أفضل طريقة هي بزيادة الحضور العربي في العراق والتعامل مع الحكومة العراقية بدل عزلها»، وذلك بعدما اشار الى «تقدم أمني واقتصادي في الوضع العراقي» منذ مؤتمر شرم الشيخ.
ولا شك في ان الأزمة بين «الكردستاني» وانقرة، كانت الملف الجديد في «مؤتمر الجوار الموسع». وأوضح ساترفيلد ان رايس عقدت سلسلة من الاجتماعات مع الجانبين العراقي والتركي لتحديد «آلية تستهدف انهاء وجود الارهاب والهجمات الارهابية». وزاد: «لن نقبل ان يقوم الارهابيون بالانطلاق من دولة صديقة للاعتداء على مواطنين في دولة صديقة اخرى»، قبل ان يدعو الى «العمل بسرعة» من قبل الحكومة العراقية وحكومة مسعود بارزاني لـ «اغلاق مكاتب الحزب ومعسكراته وتشديد الاجراءات في مطاري اربيل والسليمانية وحرمانه من المصادر». ومن هناك تطل ايران مجدداً عبر تأكيد متقي على ضرورة «الانسجام والموضوعية» بحيث تتخذ اجراءات ضد منظمة «مجاهدي خلق» الايرانية المعارضة في العراق مماثلة للاجراءات المتخذة ضد «الكردستاني».
إبراهيم حميدي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد