إسرائيل تتنكر لمهندس كامب ديفيد وزعماؤها يرفضون لقاءه
الجمل: أربك الأمريكيون الرأي العام العالمي بدعمهم اللامحدود لإسرائيل واعتداءاتها السافرة ضد العرب.. وفي الوقت نفسه أربك الأمريكيون الرأي العام العالمي أكثر فأكثر بتحركاتهم الدبلوماسية الناشطة تحت مزاعم البحث عن سلام الشرق الأوسط..
• جيمي كارتر وجزاء سمنار:
برغم الجهود الحثيثة التي سبق أن بذلها الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، خلال فترة إدارته التي امتدت من عام 1977 وحتى عام 1980، والتي أسفرت عن التوقيع في 26 آذار (مارس) 1979 لاتفاقية كامب ديفيد بين الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيجين، وبرغم أن الاتفاقية شكلت اختراقاً جيوبولتيكياً كبيراً لإسرائيل، التي مازالت تنعم بثماره.. فإن الرئيس جيمي كارتر يواجه حالياً، حقد الإسرائيليين وحقد عناصر اللوبي الإسرائيلي، وصقور الإدارة الأمريكية..
يتميز جيمي كارتر حاكم ولاية جورجيا السابق والرئيس الأمريكي السابق بخلفيته المسيحية المعمدانية.. وتأثير هذه الخلفية على توجهاته، ومالا يعرفه الكثيرون عن جيمي كارتر أنه كان مهموماً ومنهمكاً في بواكير شبابه بـ(التبشير المسيحي).
تحول كارتر من التبشير المسيحي الاحترافي إلى التبشير بالسلام الصهيوني، الذي أوصل الإسرائيليين إلى محطة اتفاقية كامب ديفيد، وبرغم خروجه من الإدارة الأمريكية فقد ظل يحاول الاستمرار في جهوده الهادفة لإحلال السلام.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وتفكك نظام القطبية الثنائية.. وصعود جماعة المحافظين الجدد، لم تعد إسرائيل (في الشرق الأوسط) ولا اللوبي الإسرائيلي (في أمريكا) يقبلان بـ(الصهيونية) التي ترعرعا على يديها ورضعا من ثدييها، وعلى خلفية صعود مذهبية الليكود، تآمرت إسرائيل واللوبي الإسرائيلي على الحركة الصهيونية، وعلى وجه الخصوص بعد الدراسة التي أعدها ريتشارد بيرل وديفيد فورمزر وبردو رئيزز ودوغلاس فاين في معهد الدراسات الإستراتيجية والسياسية المتطورة، والتي تبناها الليكود الإسرائيلي، مما أدى إلى خلع معطف الصهيونية عن إسرائيل وإلباسها معطف الليكود التلمودي، الذي أعده تحالف جماعة المحافظين الجدد- الليكود، وفقاً لمواصفات الصيغة التي وضعها الفيلسوف السياسي اليهودي الأمريكي ليو شتراوس القائمة على أساس اعتبارات إعادة إنتاج منظور موسى ابن ميمون الذي قام ليو شتراوس باستخلاصه من بين ثنايا وتحت سطور كتاب دلالة الحائرين، الذي يتهم اليهود بالقراءة الباطنية له.
وبالطبع، فإن المبشر جيمي كارتر المعمداني، لا يفهم الكثير عن باطنية اليهود واليهودية، وكان من الطبيعي، وبرغم دعمه السابق لإسرائيل أن يتخلى عنه الإسرائيليين.
ولكن على ما يبدو، فقد كان كارتر ذكياً بما فيه الكفاية، وذلك عندما أدرك حقيقة إسرائيل والإسرائيليين، ولم تعد تروقه فكرة "دم إبراهام"، وبحثه عن السلام في الشرق الأوسط، وقد بادر السياسي جيمي كارتر.. هذه المرة إلى "التبشير" للأفكار التي أغضبت الإسرائيليين وأثارت حنق وحفيظة اللوبي الإسرائيلي، وعلى وجه الخصوص تلك الأفكار التي أوردها كارتر في كتابه الأخير الذي حمل عنوان (فلسطين.. لا فصل عنصري)
• كيف قرأ اللوبي الإسرائيلي زيارة كارتر الأخيرة للشرق الأوسط؟
تزايدت تصريحات زعماء ورموز اللوبي الإسرائيلي الغاضبة حول زيارة الرئيس جيمي كارتر الحالية لمنطقة الشرق الأوسط، وقد اهتم معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى التابع للوبي الإسرائيلي، بالنشر اليوم، على موقعه الإلكتروني للمقال الذي كتبه اليهودي الأميركي ماثيو ليفيت، ونشرته مجلة ويكلي ستاندارد التابعة لجماعة المحافظين الجدد.
حمل المقال عنوان (إضفاء الشرعية على حماس: زيارة كارتر ترسل الرسالة الخاطئة) وأبرز النقاط التي أشار إليها المقال، يمكن رصدها على النحو التالي:
- إن اجتماع الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر مع خالد مشعل يشكل ظاهرة خطيرة، ويمكن أن نتصور ذلك ، إذا تخيلنا أن أجهزة الأمن الأمريكية قد بعثت بأحد عناصرها لحماية الرئيس السابق كارتر، وكيف سوف يتصرف عنصر الأمن الذي يقوم بحماية كارتر، عندما يجد نفسه وجهاً لوجه مع خالد مشعل المطلوب لأجهزة الأمن الأمريكية.
- أكدت حركة حماس التقارير الصحفية والإعلامية القائلة بأن زعيمها خالد مشعل سيلتقي بالرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر في دمشق، وذلك في الأسبوع نفسه الذي أصدرت فيه وزارة الخارجية الأمريكية إصدارتها الأخيرة لقائمة المنظمات الإرهابية والتي تحتل فيها حركة حماس المركز الخامس.
- الرئيس السابق جيمي كارتر ليس هو الذي يقوم وحده بالمطالبة بالتعامل مع حركة حماس، وإنما يشاركه في ذلك آخرين، ومن بينهم مستشاره السابق لشؤون الأمن القومي –(ملاحظة: تفادى كاتب المقال اليهودي الأمريكي ماثيو لفيت الإشارة إلى اسم مستشار كارتر لشؤون الأمن القومي.. والذي هو اليهودي الأمريكي الشهير زبيغنيو بريجينسكي!!)-.
- إن التعامل مع حماس لن يترتب عليه تعزيز قوة حماس فحسب، إنما سيؤدي إلى قيام أمريكي بسحب البساط من تحت أقدام حلفائها "المعتدلين العرب".. وعلى وجه الخصوص "المعتدلين الفلسطينيين".. الذين يتبنون خيار عملية السلام وخارطة الطريق، ويتصدون لمواجهة عنف حركة حماس.
• كيف تعامل الإسرائيليون مع زيارة الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر لإسرائيل؟
نشرت الصحف وأجهزة الإعلام الطريقة الباردة التي أدار بها الزعماء الإسرائيليون ظهرهم.. وأشاحوا بوجوههم بعيداً عن الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر.
- الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز قال بأنه سيقابل كارتر ولكنه سوف يؤنبه ويوبخه على فكرة القيام بمقابلة خالد مشعل.
- رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت قال بأنه ليس لديه الوقت الكافي حالياً لكي يقوم بلقاء كارتر.
- وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال إيهود باراك قال بأن مشاغله الكثيرة الحالية لا تسمح له بالوقت الكافي للقاء الرئيس الأمريكي كارتر.
- بنيامين نتياهو زعيم المعارضة وزعيم الليكود الإسرائيلي قال بكل وضوح بأن لديه الوقت الكافي ليقابل كارتر ولكنه لن يقابله بسبب مواقفه الأخيرة المعادية للإسرائيليين.
- افيغدور ليبرمان زعيم حزب «إسرائيل بيتنا اليهودي» المتطرف حث الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر على إلغاء خطته الهادفة لزيارة المنطقة ومقابلة خالد مشعل.
غضب الإسرائيليين واللوبي الإسرائيلي، امتد عدواه إلى الإدارة الأمريكية، وإلى معركة الحملة الانتخابية الرئاسية المحتدمة.
فقد انتقدت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس زيارة كارتر، وانتقدتها بعنف المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، وركب المرشح الديمقراطي باراك أوباما حملة انتقاد زيارة كارتر.
وتقول المعلومات، بأن جذور انتقادات الجمهوريين الموجهة ضد كارتر تعود إلى قيامه بمعارضة استخدام القوة ضد العراق في حربي الخليج الأولى والثانية، وتقول المعلومات أيضاً بأن برنت سكوكروفت مستشار الأمن القومي الأمريكي خلال إدارة جورج بوش الأب، قد تحدث قائلاً بأن كارتر قد تقدم إليهم باقتراح يتضمن عدم استخدام القوة لإخراج العراق من الكويت، بحيث تقوم الإدارة الأمريكية بعقد صفقة عراقية- أمريكية- إسرائيلية، ينسحب بموجبها العراق من الكويت مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، وبذلك تكون أمريكا قد نجحت في عقد صفقة واحدة لحل مشكلتين في الوقت نفسه!!.
الجمل قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد