أسباب التحول النوعي في النوايا الإسرائيلية تجاه إيران
الجمل: تحدث رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية الجنرال عاموس يادلين قائلاً بأنه لا ينظر إلى الحوار الجاري على خط واشنطن – طهران باعتباره حواراً سلبياً، وأضاف الجنرال يادلين قائلاً بأن المفاوضات لا تهدف للاسترضاء وحتى إن فشلت فإنها يمكن أن تؤدي إلى تقوية وتعزيز تطبيق نظام العقوبات باتجاه النجاح في مواجهة طهران التي تعمل كل ما في وسعها لجهة تفادي العزلة التي قد تجعلها أشبه بالحالة الكورية الشمالية أو حالة العراق خلال فترة عقوبات ما قبل الغزو الأمريكي.
* ماذا تقول سردية الجنرال عاموس يادلين:
نشرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية الصادرة اليوم تقريراً حول تصريحات الجنرال يادلين أشار إلى النقاط الآتية:
• انتخاب أوباما والأزمة المالية أديا إلى إتاحة فرصة إيقاف الطموحات النووية الإيرانية عن طريق الدبلوماسية.
• ستواجه إيران خلال الفترة القادمة انخفاضاً في عائدات النفط بسبب انخفاض الأسعار.
• ستسعى إدارة أوباما الديمقراطية إلى بناء تحالف دولي يستخدم الضغوط الدولية ضد إيران حتى تتخلى عن طموحاتها النووية.
• الضغوط الدولية القادمة على إيران ستشارك فيها الدول العربية المعتدلة.
• قوة الردع الإسرائيلي لم تعد بالقوة القادرة التي كانت في عام 2000م.
• الاحتمال الكبير أن تحدث هجمات صغيرة وإذا حاولت إسرائيل الرد من الممكن أن يتطور الوضع إلى حرب كبيرة.
• من الممكن أن يتم التوصل إلى السلام بين سوريا وإسرائيل ولكن حصراً إذا وافقت إسرائيل على مطالب سوريا وبرغم ذلك لا يمكن التوقع بأن تقوم سوريا بقطع علاقاتها مع إيران والجماعات المسلحة.
• المطالب السورية من أجل السلام تتمثل في الآتي:
- انسحاب إسرائيل من الأراضي السورية التي احتلتها في حرب 1976م.
- التزام الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم الضمانات والدعم المالي والعسكري.
• من الممكن لإسرائيل تصعيد المواجهة مع حركة حماس في قطاع غزة وفي الوقت نفسه الاستمرار في السلام مع حركة فتح في الضفة الغربية.
• في العراق بدأت تتضح معالم نجاح الولايات المتحدة في تحقيق استقرار العراق.
النقاط المشار إليها وردت في المحاضرة الهامة التي قدمها الجنرال عاموس يادلين رئيس المخابرات الإسرائيلية السابق في جامعة تل أبيب، هذا وتجدر الإشارة إلى أن الجنرال يادلين قد تولى سابقاً منصب الملحق العسكري الإسرائيلي في واشنطن إضافة إلى رئاسة كلية الدفاع الوطني في إسرائيل.
* الإشارات الواردة في محاضرة رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية:
بعد ساعات من إلقاء الجنرال يادلين محاضرته بادر على الفور مركز ستراتفور الاستخباري الأمريكي بنشر تحليل أوضح فيه النوايا الإسرائيلية إزاء إيران في المرحلة القادمة، هذا وأشار التحليل إلى النقاط الآتية:
• محتوى محاضرة رئيس المخابرات العسكرية يشير إلى حدوث تحول نوعي في التفكير والنوايا الإسرائيلية تجاه إيران.
• مستقبل الحكومة الإسرائيلية الحالية أصبح غير معروف وبالتالي فإن خياراتها أصبحت أيضاً غير معروفة.
• بدأ الإسرائيليون يدركون أن الخطر الإيراني ليس وشيكاً وليس قريباً كما كانوا يعتقدون في الماضي.
• يوجد ارتباط بين التغيير في طبيعة النوايا الإسرائيلية والتغير في طبيعة التوجهات الأمريكية إزاء إيران.
• لن تستطيع إسرائيل الوقوف في وجه توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة إزاء إيران.
هذا، ولم يقتصر تداول حيثيات محاضرة رئيس المخابرات العسكرية على موقع ستراتفور، فقد تم تداول هذه الحيثيات بواسطة العديد من الوسائط الإعلامية والصحفية العالمية، التي شددت على أن تقديم هذه الحيثيات لجهة دلالتها على وجود تغيرات محورية في طبيعة إدراك النوايا الإسرائيلية تجاه إيران.
* إسرائيل وإشكالية إعادة ضبط سياستها إزاء إيران والشرق الأوسط:
كشفت التطورات الخيرة الجارية عن مدى انكشاف أمن إسرائيل في مواجهة المخاطر والتحديات وحالياً يواجه الأمن الإسرائيلي منظومة من المخاطر المحدقة التي يتمثل أبرزها:
• الخطر المحتمل القادم من الجولان السوري إذا رفضت إسرائيل شروط السلام السورية.
• الخطر القادم من قطاع غزة إذا استمرت إسرائيل في استهداف القطاع.
• الخطر القادم من إيران إذا حاولت إسرائيل القيام بتوجيه أي ضربة إليها.
• الخطر القادم من مصر والأردن إذا نجحت المعارضة في إسقاط النظام في القاهرة وعمان أو الاثنين معاً.
إذا حدثت هذه المخاطر المتزايدة والمصحوبة بعدم قدرة وفعالية قوة الردع الإسرائيلية –كما أشار إلى ذلك الجنرال يادلين في محاضرته- فإنه ليس أمام تل أبيب من خيار سوى اللجوء إلى توظيف قوة الردع الأمريكي كقيمة مضافة لجهة تغطية انكشاف القوة الإسرائيلية.
تشير ملامح الخارطة السياسية الجديدة على خط تل أبيب – واشنطن إلى الآتي:
• يتبنى الجمهوريون مذهبية السياسة الخارجية التدخلية التي تستخدم الوسائل العسكرية عن طريق استخدام القوة (كما في حالة العراق) أو التلويح بأقصى ما يمكن باستخدامها (كما في حالة إيران).
• يتبنى الديمقراطيون مذهبية السياسة الخارجية التدخلية التي تستخدم الوسائل الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية عن طريق العقوبات (كما في حالة العراق خلال إدارة كلينتون) أو الحوافز (كما في حالة حلفاء أمريكا المقربين).
• سيؤدي صعود إدارة ديمقراطية وحلولها محل الإدارة الجمهورية بالضرورة إلى استبدال مذهبية السياسة الخارجية بالمذهبية الديمقراطية.
الآن، بدا واضحاً أن التنسيق على خط تل أبيب – واشنطن سيتغير باتجاه الآتي:
• اعتماد نظام العقوبات كوسيلة للضغط على إيران.
• اعتماد المفاوضات كوسيلة للتعامل مع سوريا.
• اعتماد المفاوضات كوسيلة للتعامل مع الفلسطينيين.
وقد جرت العادة على أن يستخدم الإسرائيليون المشروطيات المتشددة والمرتفعة السقف كوسيلة لتعجيز الطرف الآخر لجهة تحقيق الآتي:
• وضع الطرف الآخر أمام خيارين لا ثالث لهما، الأول هو أن يقبل بتقديم كل شيء مقابل الحصول على لا شيء، والثاني هو رفض المفاوضات وتحمل مسؤولية انهيار جهود التفاوض.
• كسب الوقت إلى حين صعود الجمهوريون إلى البيت الأبيض مرة أخرى.
وتقول المعلومات بأن الإسرائيليين يحاولون هذه الأيام تغيير حسابات توازن القوى في المنطقة (وعلى وجه الخصوص توازن القوى مع سوريا وإيران)، على أساس اعتبارات اتفاقية وضع القوات الأمريكية في العراق والتي أصبح تنفيذها قاب قوسين أو أدنى، وتشير المعلومات والتسريبات إلى أن الحسابات الإسرائيلية الجديدة تقوم على المعطيات الآتية:
• إن القوات الأمريكية سوف تستمر في العراق لفترة ثلاثة سنوات قادمة على الأقل.
• إن القواعد الأمريكية في العراق سيوجد جزء كبير مكنها على مقربة ومحاذاة الأراضي السورية وكذلك الأراضي الإيرانية.
على هذه الخلفية سيتغير شكل التنسيق العسكري بين إسرائيل وأمريكا بحيث يتضمن الآتي:
• سيتم إدماج القواعد الأمريكية في العراق ضمن مفهوم المنطقة العسكرية الوسطى التي تقع تحت إشراق القيادة الأمريكية الوسطى.
• التنسيق بين إسرائيل والقواعد العسكرية الأمريكية الموجودة في تركيا سيتم توسيع نطاقه ليشمل القواعد التي ستوجد في العراق.
بالنتيجة، سيتم إدماج القواعد العسكرية الأمريكية في العراق مع منظومة أمن إسرائيل وتقول التسريبات أن الإسرائيليين يفكرون حالياً في التخلي عن فكرة الاعتداء على إيران طالما أن ذلك يؤدي إلى تصاعد المعارضة المسلحة في العراق بما يؤدي بدوره إلى تقويض عملية نشر القواعد الأمريكية في العراق من أساسها، ومن جهة أخرى تقول التسريبات أن "مذهبية العمل الاستباقي الهادف للقضاء على قدرات إيران"، يتغير باتجاه "مذهبية العمل الاستباقي الهادف لتوظيف قدرات إيران"، عن طريق صفقة تقوم على القبول بالتعايش بين إيران وإسرائيل النووية والعكس أيضاً. أبرز ما سيترتب على ذلك هو الآتي:
• أن تعلن إسرائيل رسمياً عن قدراتها النووية بمجرد إعلان إيران عن قدراتها النووية.
• أن تعلن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي عن تأييدها لحق إسرائيل في بناء القدرات النووية لجهة مواجهة وموازنة الخطر النووي الإيراني.
• أن تواجه إيران خطر العقوبات والضغوط الدولية المتعددة الأطراف.
• الاعتراف بقدرات إسرائيل النووية على غرار الأمر الواقع سيترتب عليه توسيع شراكة الناتو – إسرائيل بحيث تدعم واشنطن إدماج القدرات النووية الإسرائيلية ضمن قدرات حلف الناتو النووية وذلك على النحو الذي يمنح إسرائيل عضوية الأمر الواقع في الناتو.
هذا،وإذا استطاعت الضغوط الأمريكية – الإسرائيلية القادمة أن تكيّف إيران فمن المؤكد أن تعود استراتيجية الأمن القومي الأمريكي في المنطقة إلى مذهبية "العمود المزدوج" بحيث يتم توظيف القدرات الإيرانية لجهة دعم التغلغل الأمريكي في آسيا الوسطى ومنطقة شبه القارة الهندية، وتوظيف القدرات السعودية (العمود الثاني) في دعم التغلغل الأمريكي في الشرق الأوسط والقرن الإفريقي.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد