الدبلوماسية القطرية وردود الفعل الإسرائيلية المحتملة ضدها
الجمل: شهدت العاصمة القطرية الدوحة المزيد من الفعاليات الدبلوماسية خلال العامين الماضيين وكان من أبرزها قمة الدوحة الأخيرة واجتماع المصالحة اللبنانية وعلى خلفية الجهود الدبلوماسية القطرية فقط أصبحت قطر تملك قوة دبلوماسية حقيقية مقارنة بجيرانها.
ولكن، قياساً على المثل القائل "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن" فإن قطر تواجه توتراً في علاقاتها مع واشنطن بسبب ما حدث مؤخراً على خط الدوحة – القاهرة، الدوحة – رام الله، الدوحة – تل أبيب، بسبب دبلوماسية قطر الوقائية إزاء محاولة إدارة ملف غزة.
* ماذا تقول المعلومات والتسريبات:
تقول المعلومات بأن محور واشنطن – تل أبيب ظل يتابع باهتمام الفعاليات الدبلوماسية المعلنة وغير المعلنة الجارية في العاصمة القطرية وذلك منذ فترة طويلة، وتقول المعلومات أن هذا المحور لم يعد راضياً عن أداء الدوحة الدبلوماسي الذي أصبح يشكل مشكلة حقيقية أمام توجهات واشنطن في المنطقة وحالياُ تفيد التسريبات إلى الآتي:
• ترى واشنطن أن قطر قد استضافت الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في وقت يتوجب على السلطات القطرية الوقوف إلى جانب جهود واشنطن الهادفة إلى عزل إيران إضافة لذلك فإن قطر تستضيف المزيد من الشخصيات المعادية لأمريكا ويتمتعون في قطر بكامل حرية الحركة والتصرف ومن أبرزهم الشيخ يوسف القرضاوي (الذي لقبه زعيم حماس بشيخ المقاومة). كما ترى واشنطن أن قناة الجزيرة أصبحت تشكل عقبة أمام الجهود الأمريكية في المنطقة.
• ترى تل أبيب بأنه من غير الممكن لإسرائيل التسامح مع دبلوماسية قطر التي أصبحت تهدد الجهود الإسرائيلية داخل وخارج المنطقة وتقول المعلومات أن إيهود أولمرت عد اجتماعاً مع وزيرة خارجيته تسيبي ليفني كان مخصصاً بالكامل لكيفية قيام إسرائيل بالرد على قطر بسبب إغلاقها مكتب التمثيل التجاري الإسرائيلي في الدوحة.
تشير المعلومات أن بعض الأطراف الأمريكية أصبحت تطالب باعتبار الدبلوماسية القطرية الحالية باعتبارها مصدراً للخطر طالما أن قطر أصبحت أكثر ميلاً لتأييد ودعم خصوم واشنطن في المنطقة وهو خطر سيهدد بالضرورة المصالح الأمريكية في قطر وعلى وجه الخصوص المنشآت العسكرية التابعة للقيادة الوسطى الأمريكية الموجودة في قاعدتي العيديد والسيلية إضافة إلى مخاوف أخرى من جراء احتمالات أن تنتقل عدوى الدبلوماسية القطرية إلى البحرين التي تستضيف قطع من الأسطول الخامس الأمريكي ومقر قيادته الإقليمية.
* رد الفعل الإسرائيلي المحتمل ضد قطر:
برغم أن قطر لم تتخذ حتى الآن موقفاً رسمياً واضحاً ضد الدوحة، فإن تل أبيب شرعت فعلاً في إجراءات الرد على الدوحة وتقول المعلومات بأن اجتماع أولمرت – ليفني استعرض اقتراحاً بقيام إسرائيل بفرض عقوبات على نشاط قناة الجزيرة القطرية في إسرائيل وتقول المعلومات بأن تفاصيل الاقتراح تتضمن النقاط الآتية:
• إعلان الحكومة الإسرائيلي رسمياً أن قناة الجزيرة تمثل كياناً معادياً.
• إصدار قرار بإغلاق مكاتب الجزيرة في إسرائيل.
تقول المعلومات بأن الحكومة الإسرائيلية رفعت ملف القرار إلى الجهات القانونية من أجل أخذ المشورة فيما يتعلق بالتكييف القانوني للقرار بحيث لا تستطيع المحكمة العليا الإسرائيلية إصدار حكم بإبطاله.
هذا، وتقول المعلومات بأن الاقتراح لم يركز فقط على إغلاق مكتب القناة وإنما تضمن بعض البدائل والخيارات التي من بينها:
• الحد من حركة عناصر قناة الجزيرة داخل إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
• الحد من تعامل المسؤولين الإسرائيليين مع قناة الجزيرة التي ظلت خلال الفترة الماضية تحصل على تصريحات المسؤولين وتقوم بمتابعة المؤتمرات الصحفية وتغطية كافة الفعاليات الرسمية الإسرائيلية.
حتى الآن، لم يصدر أي إجراء رسمي إسرائيلي ضد قطر، ولكن بكل تأكيد ستنظر تل أبيب إلى إغلاق مكتبها التجاري باعتباره إجراءاً يستهدف المصالح الإسرائيلية ويتوجب الرد بالشكل الذي يحفظ كرامة إسرائيل ويردع الأطراف العربية الأخرى من مغبة اتخاذ قرارات مماثلة.
* خيارات واشنطن إزاء قطر:
تشير المعلومات والتسريبات إلى أن الإدارة الأمريكية الديمقراطية الجديدة لن تستطيع في الوقت الحالي القيام بأي رد فعل قوي على دبلوماسية الدوحة بسبب تركيزها على البدء في التفاهم مع كل الأطراف.
إضافة لذلك، فإن واشنطن لن تستطيع في الوقت الحالي المقامرة بفقدان المزايا الاستراتيجية والتكتيكية التي تحصل عليها القوات الأمريكية الموجودة في قطر فالقاعدة الجوية الأمريكية في قطر وبرغم استخدامها للمطارات البحرينية فإن الحاجة ما تزال تتزايد للتسهيلات القطرية. هذا، ويتوقع بعض الخبراء أن تلجأ واشنطن إلى التفاهم المباشر مع كبار الزعماء القطريين لجهة لفت النظر إلى أن الأداء السلوكي القطري الحالي لا ينسجم ولا يتماشى مع الخطوة الرئيسية للتحالف الأمريكي – القطري. وبالتالي فإن المطلوب أمريكياً من قطر هو الحد من توجهاتها الدبلوماسية إزاء خصوم الولايات المتحدة في المنطقة.
هذا، ويرى بعض الخبراء الآخرين أن واشنطن ستحاول الاستعانة بالأطراف الخليجية الأخرى لجهة احتواء الدبلوماسية القطرية وعلى وجه الخصوص الرياض التي لعبت دوراً كبيراً في احتواء دبلوماسية قطر عندما قامت بدعوة دول مجلس التعاون الخليجي إلى اجتماع طارئ قبل انعقاد قمة الدوحة التي دعت لها قطر وقد ساعد التحرك السعودي في القيام بدور الدبلوماسية الاستباقية التي نجحت في ضبط الأداء الدبلوماسي لقمة الدوحة ضمن سقف معين.
الضغوط الدبلوماسية التي أصبح من المؤكد أن قطر ستتعرض لها هي ضغوط كما تقول المعلومات تقف القاهرة وراءها، وتحديداً وزير الخارجية أحمد أبو الغيط الذي أغضبته التحركات الدبلوماسية القطرية، حيث برر أبو الغيط للأمريكيين والإسرائيليين عدم قدرة مصر في السيطرة على أزمة قطاع غزة بالشكل المتفق عليه كان بسبب التحركات الدبلوماسية القطرية، والتي جعلت من الدوحة لاعباً رئيسياً في دبلوماسية إدارة أزمة غزة، هذا، وتجدر الإشارة إلى أن الوزير المصري كان تحدث صراحة أمام أجهزة الإعلام أن القاهرة حاولت جاهدة إفشال مؤتمر الدوحة إضافة إلى محاولته استفزاز السلطات المصرية عندما صرح بأن مصر أكبر من أن تسقطها قناة الجزيرة، هذا وقد فسر المراقبون تصريح أبو الغيط بأنه يتضمن قدراً كبيراً من الاستخفاف والاستهزاء بقدرات الدبلوماسية القطرية والوزن الإقليمي لقطر. وهو وزن لا يعتمد على قناة الجزيرة وإنما على وزن وقدرات الشعب القطري وحكومته. هذا، وقد رأى بعض المراقبين بأن ذكر أبو الغيط لقناة الجزيرة كان تلميحاً ينبه الإسرائيليين لضرورة استهداف القناة من أجل الرد على الإجراءات القطرية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد