تقرير أمريكي حول مشروع المظلة النووية الأمريكية في الخليج العربي
الجمل: أشارت التحليلات السياسية والعسكرية والأمنية طوال الفترة الماضية إلى أن الحشود العسكرية- الأمريكية المكثفة في منطقة الخليج العربي، تهدف إلى ردع القدرات العسكرية والنووية الإيرانية، لكن وفي تطور جديد، فقد أشار تقرير أمريكي صادر اليوم إلى أن الهدف المعلن الذي يتمثل في إيران، هو بالأساس غطاء يتضمن هدف غير معلن، يتمثل في تحويل منطقة الخيلج العربي إلى مجمع للقواعد العسكرية والأسلحة النووية الأمريكية.
• حقيقة النوايا العسكرية والأسلحة النووية إزاء منطقة الخليج العربي:
تقول المعلومات والتسريبات، بأن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، قد شنت حملة تصريحات عدائية شديدة اللهجة ضد إيران، وتحديداً، يوم الأربعاء الماضي، عندما وصفت إيران بأنها غارقة في تمويل الإرهاب، والتدخل في الشأن الداخلي لدول الشرق الأوسط.
تصريحات هيلاري كلينتون المعادية لإيران، كان يمكن أن تكون مثلها مثل سائر تصريحات المسئولين الأمريكيين التي درجت على تسويق العداء لإيران، ولكن ما هو جديد في تصريحات كلينتون يتمثل في إنها تزامنت مع صدور تقرير أمريكي يطالب بضرورة إقامة تحالف نووي أمريكي- خليجي لجهة ردع إيران.
وإضافة لذلك، فقد لاحظ المراقبون، أن تصريحات كلينتون قد انطلقت عندما كانت الوزيرة الأمريكية في طريقها إلى اجتماع وزراء خارجية دول حلف الناتو بالعاصمة البلجيكية بروكسل، والذي بعده أكملت الوزيرة الأمريكية رحلتها إلى منطقة الشرق الأوسط.
هذا، وتقول التسريبات والمعلومات، بأن الملف النووي الإيراني، كان حاضراً بقوة في لقاءات الوزيرة كلينتون مع المسئولين المصريين والإسرائيليين وأيضاً في الضفة الغربية خلال لقائها مع السلطة الفلسطينية.
• ماذا حمل التقرير الأمريكي الجديد:
تم إعداد التقرير بواسطة خبراء معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وتحديداً بواسطة اللجنة المكلفة بواسطة المعهد لجهة بحث أسلحة الدمار الشامل الإيرانية والأمن الإقليمي، والسياسة الأمريكية، وقد شارك في لجنة إعداد التقرير 18 اختصاصياً من أبرز خبراء اللوبي الإسرائيلي، وكان اللافت للنظر أن أغلبيتهم العظمى تنتمي إلى اليهود الأمريكيين النافذين في الحزب الديمقراطي الأمريكي، إضافة لذلك فقد لوحظ وجود دينيس روس، المبعوث الأمريكي السابق في الشرق الأوسط، والذي تم تعينيه حالياً مبعوثاً أمريكياً خاصاً لشؤون الخليج العربي، وإيران، وجنوب آسيا.. ومن الواضح أن وجود دينيس روس ضمن لجنة إعداد التقرير معناه وبكل وضوح أن مضمون التقرير سوف يلعب دوراً رئيسياً في تشكيل مذهبية عمل دينس روس كمبعوث أمريكي خاص لشؤون الخليج وإيران، وجنوب آسيا..
يقع التقرير في حدود 12 صفحة، وحمل عنوان (القضاء على منبع الاضطراب: انخراط أمريكا في التصدي للتطور النووي الإيراني).
هذا، ويمكن استعراض مضمون التقرير ضمن النقاط الآتية الواردة فيه:
- استقرار الشرق الأوسط والتطور النووي الإيراني، المشكلة:
برغم أن إيران لم تختبر أي سلاح نووي، ولم تعلن عن رغبتها في القيام بذلك، فإن تقدم إيران المضطرد في المجال النووي سوف يكون له تأثير كبير على الشرق الأوسط.
- سعت الولايات المتحدة لحماية مصالحها بمشاركة حلفائها في المنطقة.. ولكن إذا تزايدت القدرات العسكرية والنووية الإيرانية، فإن قدرات الولايات المتحدة وحلفاءها سوف يتآكل تأثيرها في المنطقة، وتحديداً في مناطق الخليج العربي، جنوب آسيا، العراق أفغنانستان، وآسيا الوسطى..
- العمل في الجبهات المتزامنة: يتوجب على الولايات المتحدة وحلفاءها العمل في الجبهات المتزامنة، وذلك بما يتيج ويؤمن الاستقرار الإقليمي، وتأمين ضبط التسلح وعدم إنتشار الأسلحة النووية.
- الحسابات الإستراتيجية الأمريكية: يتوجب على الولايات المتحدة وحلفاءها في الفترة القادمة، اعتماد الحسابات الإستراتيجية الآتية:
. حسابات تأثير العامل الإقليمي بالنسبة لإستراتيجية إيران، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، تأثير العامل الخليجي، تأثير العامل الشرق أوسطي.
. أن يقتصر التعامل القادم مع إيران، حصراً في مجال تعزيز المصالح الأمريكية، وليس الإيرانية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، من الممكن أن تسعى أمريكا لمساعدة إيران في السيطرة على أفغانستان، وليس إلى مساعدة إيران في السيطرة على أوضاعها الداخلية.
. تصعيد استخدام الردع الأمريكي لجهة دفع إيران من أجل التنازل والتخلي عن بناء القدرات النووية، والتدخل في شؤون الدول الأخرى، ودعم الإرهاب.
هذا، وكان أبرز ما ورد في التقرير، وتحديداً في الجزء الخاص بتصعيد الردع الأمريكي ضد إيران، هو بناء جبهة الردع غير التقليدي الأمريكي، وذلك عن طريق نشر القدرات العسكرية الأمريكية غير التقليدية في منطقة الخليج العربي..
• مظلة الردع النووي الأمريكي: ماذا تقول الحسابات الإستراتيجية؟
نشر القدرات الأمريكية غير التقليدية في منطقة الخليج العربي، ظل حلماً يراود مخيلة كل خبراء مجلس الأمن القومي الأمريكي، وعلى ما يبدو، فإن نافذة الفرصة أصبحت مفتوحة الآن لجهة قيام الإدارة الأمريكية الجديدة بتنفيذ هذه المظلة، خاصة أن المسرح الخليجي قد اكتمل اعداده لاستقبال هذه المظلة
تنفيذ مشروع المظلة النووية الأمريكية في الخليج العربي، يتضمن القيام بالآتي:
- الخطوات الإستراتيجية: تمركز القوات البرية، والجوية، والبحرية الأمريكية بشكل مكثف، وحالياً أصبحت البحرين المرفأ الرسمي للأسطول الخامس الأمريكي، وتستضيف سلطنة عمان عدداً كبيراً من القواعد الجوية الأمريكية، وتستضيف السعودية والكويت قواعد القوات البرية والجوية، أما قطر فتستضيف مراكز القيادة لكل هذه القواعد الأمريكية.
- الخطوات التكتيكية: وتجمع بين نوعين من الخطوات، الأول يتمثل في تصعيد العمليات النفسية الأمريكية والأوروبية ضد إيران، والثاني يتمثل في الضغط بقدر أكبر على دول الخليج لكن تقبل بشكل نهائي الدخول في معاهدة دفاعية أمنية عسكرية مع الولايات المتحدة، تكون على غرار معاهدة حلف شمال الأطلنطي.
وعلى هذه الخلفية، كما هو واضح، فإن إدارة أوباما الديمقراطية الحالية سوف تواصل العمل في جدول إعمال إدارة بوش الجمهورية السابقة إزاء إيران.. ولكن، مع احتمالات فارق واحد، يتمثل في التركيز أولاً وقبل كل شيء باتجاه تحويل منطقة الخليج العربي ليقوم بدور جبهة الحرب الباردة الجديدة الرئيسية، تماماً على غرار ما كانت تقوم به دول وسط أوروبا في مواجهة حلف واسو ودول المعسكر الإشتراكي، وثانياً التركيز على موضوع ضرب إيران وهو الأمر الذي، وبرغم انخفاض سقف توقعاته في الوقت الحالي، فإنه غير مستبعد الحدوث، طالما أن إسرائيل تعمل بكل قوتها باتجاه دفع الإدارة الأمريكة لضرب إيران.. وعموماً، إن تم أو لم يتم ضرب إيران، فإن أمريكا سوف تحصل على مزايا عسكرية استراتيجية غير مسبوقة في منطقة الخليج، ومن أبرز هذه المزايا غير المسبوقة، ما يتمثل في أن أمريكا لن تتحمل نفقات قواعدها وتسهيلاتها العسكرية الخليجية.. دائماً سوف تستخدم أساليب "التمويل الذكية" والتي تضمن إجبار الآخرين على دفع تكاليف حماية المصالح الأمريكية.. والشاطر يفهم!!!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد