الأسد يصرح:لا وجود لشريك سلام وغول يؤكد:سوريا بوابتنا إقليمياً

بدأ الرئيس التركي عبد الله غول، أمس، زيارة رسمية إلى سوريا تستمر ثلاثة أيام، تتشابه إلى حد كبير في معطياتها مع زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد منذ أسبوع، كونها تتوج مرحلة متطورة من علاقة تعاون إستراتيجية تم بناؤها وسط ظروف إقليمية وداخلية معقدة بالنسبة للدولتين، ولكن لتنتهي بإعلان ارتفاع رقم التبادل التجاري بين الطرفين إلى ملياري دولار، والرغبة بمضاعفته.
وفي حين أعلن الرئيس بشار الأسد أن لا موعد محددا لاستئناف مفاوضات السلام غير المباشرة مع إسرائيل «التي لا يوجد فيها شريك»، موضحا انه «عندما يأتي الشريك نستطيع أن نتحدث عن موعد لبدء مفاوضات السلام»، أعلن غول أن بلاده مستعدة لمعاودة الوساطة بين سوريا وإسرائيل، موضحا انه «من المهم أن تصمم إسرائيل كمحاور، وثمة أناس يمكن أن يساعدوها في ذلك»، وطالبها بالالتزام بكل اتفاقات السلام الموقعة. وأعلن أن سوريا بالنسبة لتركيا هي بوابة الشرق الأوسط، وأن العلاقة بين البلدين مثال يحتذى به.
وتحدث الأسد، في بداية المؤتمر الصحافي المشترك مع غول عن مقومات العلاقة بين البلدين القائمة على «الصدق والصراحة والمصالح والتحديات المشتركة»، مشيرا إلى محطات بناء هذه المقومات بدءا من قرار تركيا مقاطعة عملية غزو العراق إلى غزة ومفاوضات السلام غير المباشرة مع إسرائيل.
محطات عززت الثقة بين «جارين تاريخيين وجغرافيين» وفقا لمسؤول رفيع المستوى في الوفد التركي. وقال إن زيارة غول لسوريا هي «تتويج لمرحلة صعبة في المنطقة، وتأكيد على خصوصية العلاقة بين البلدين»، خصوصا أن «تركيا بانفتاحها على جيرانها حريصة على إعطاء سوريا خصوصية الجار الأقرب».
واجتمع الأسد وغول ساعتين ونصف ساعة في اجتماعين، أحدهما مغلق. وبحثا وفقا لمصادر متطابقة العلاقات الثنائية، والعراق والموضوع الفلسطيني وعملية السلام. ويضم وفد الرئيس التركي وزراء بينهم الخارجية أحمد داود أوغلو الذي يغادر اليوم، والزراعة والثقافة والسياحة. ويستمر برنامج غول حتى غد الأحد، ويشمل زيارة إلى حلب وإلقاء محاضرة في جامعتها اليوم، وذلك بعد أن يكون قد افتتح والأسد المنتدى الاقتصادي لرجال الأعمال في البلدين ودشن فندق ديدمان في دمشق.
ولفت الأسد إلى أن الظروف الصعبة التي مرت بها المنطقة لم تكن في مصلحة سوريا وتركيا، إلا أنها لم تؤثر على تطور «العلاقات المتميزة» بين البلدين، معتبرا أن مقومات هذه العلاقة «التاريخية كانت الصدق والصراحة والمصالح والتحديات المشتركة».
وعدد الأسد مقومات هذه الثقة بالنسبة لدمشق، مشيرا إلى موقف تركيا من غزو العراق، ورفضها منح إذن لقوات الاحتلال الأميركي باستخدام أراضيها، كما رفضها الانجرار لمحاولة البعض زعزعة استقرار سوريا ومحاصرتها، وسير أنقرة في الاتجاه المعاكس، إضافة لموقفها من مجازر غزة والتعاون في موضوع السلام «عبر أداء دور موضوعي»، ما جعلها «لاعبا أساسيا في عملية السلام، لا يمكن الاستغناء عنه مستقبلا».
ولفت الأسد إلى أن الجانبين ناقشا مواضيع عديدة، بينها «الانفراج النسبي في الوضع الدولي»، وكيفية الاستفادة من هذا «الانفراج لدفع عملية السلام في المنطقة»، مؤكدا في الوقت ذاته أن «سوريا متمسكة بالسلام بقدر تمسكها بعودة الأرض السورية المحتلة أي الجولان»، كما ناقشنا بشكل موسع «توحيد الشعب الفلسطيني لكي نصل يوما ما إلى الدولة الفلسطينية من خلال مباحثات السلام على المسار الفلسطيني والذي يتكامل مع المسارات الأخرى».
وأشار الأسد إلى أن سوريا وتركيا مرتاحتان للوضع العراقي وأن «الشعب العراقي أثبت في أكثر من مفصل أنه ينبذ الطائفية ويعمل من أجل الإبقاء على عراق موحد»، وفي هذا الإطار تناقشنا كيفية دعم الحكومة العراقية في مساعيها لتحقيق المصالحة الوطنية وصولا لانسحاب آخر جندي للاحتلال من العراق».
وشدد الأسد على أن أية دولة لم تعترض على الوساطة التركية، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن سوريا هي «من يحدد من هو الوسيط الذي نثق بقدرته أي الدور الراعي».
وردا على سؤال حول استئناف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، قال الأسد «لا نستطيع أن نتحدث عن موعد، ولا يوجد شريك، عندما يأتي الشريك نستطيع أن نتحدث عن موعد لبدء مفاوضات السلام». وأضاف «نتحدث الآن عن السلام الاستراتيجي كمبدأ وأسس... وسنتابع هذا الحوار حول هذا الموضوع حتى نصل إلى تصور، وحين نصل لتصور بالتفاصيل وخطة تنفيذية مثلا يجب مناقشته مع الدول الأخرى التي نرغب بمشاركتها أو ترغب بدور كالولايات المتحدة مثلا».
وتابع الأسد «من دون وحدة الفلسطينيين ووحدة الموقف الفلسطيني لا سلام ولا حل الدولتين ولا استعادة أرض ولا عودة للاجئين»، معتبرا أنه «إذا لم يتحقق السلام على المسار الفلسطيني ستبقى المسارات الأخرى ناقصة حتى لو تم توقيع اتفاقية سلام بما فيها المسار السوري»، مؤكدا ضرورة التنسيق بين المسارات المختلفة، موضحا أن «توقيع اتفاقية السلام هو الخطوة الأولى لتحقيق السلام وليس الأخيرة».
وأوضح الأسد أنه بحث مع رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس موضوع المصالحة. وأشار إلى أن وجود رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في دمشق «لا يعني أبدا أننا نضغط على طرف فلسطيني لكي يسير باتجاه معين، ولا نتبنى سياسة الضغط»، مؤكدا «استعدادنا لأداء دور ولدعم أي خطوات تسير في هذا الاتجاه».
وحول العلاقة بين سوريا وإيران وتركيا، أشار الأسد إلى أن هناك تعاونا بين أنقرة وطهران، وتواصلا مباشرا بين الطرفين، معتبرا أن « العلاقة لا تقتصر على علاقة سوريا بإيران، وأية علاقة ثنائية تخدم الاستقرار في المنطقة».
وأشار الأسد إلى انه قبل جهود المصالحة العربية كان هناك اتصال هاتفي مع غول، حيث سأل الرئيس التركي عن علاقة دمشق بإحدى الدول العربية «لأن هذا الأمر اعتبره يؤثر سلبا على العلاقة مع تركيا، وبالعكس إذا كان البعض في العالم يحاول أن يرسم سياسة محاور فنحن لا ننظر للعلاقة على أنها محاور. هي علاقة طبيعية ونشجعها».
من جهته، قال غول إن سوريا بالنسبة لتركيا هي بوابة الشرق الأوسط، معتبرا أن العلاقة بين البلدين هي «علاقة نموذجية يحتذى بها»، مشيرا إلى بلوغ رقم التبادل التجاري بين البلدين ملياري دولار. وأضاف إن في تركيا «إرادة سياسية على أعلى المستويات من أجل تطوير هذه العلاقات»، مشيرا في الوقت ذاته إلى الملفات الإقليمية التي ناقشها الطرفان، مؤكدا اتفاقهما على حماية وحدة الأراضي العراقية.
وقال غول «ما أن تقول سوريا إنها مستعدة لاستئناف المفاوضات التي كانت تجريها مع الحكومة الإسرائيلية السابقة ومن النقطة التي توقفت عندها، فإن تركيا مستعدة بدورها». وأضاف «من المهم أن تصمم إسرائيل كمحاور، وثمة أناس يمكن ان يساعدوها في ذلك، وبعد فترة معينة يمكن للمفاوضات ان تستأنف في اتجاهات متعددة».
وقال إن سياسة تركيا تقوم عموما على حل المشاكل بشكل بناء، معتبرا أن حل هذه المشاكل يسمح بتحقيق السلام في المنطقة، مشيرا إلى الحوار الذي أقامته تركيا مع حماس إثر فوزها في الانتخابات، معتبرا أن ذلك كان مؤشرا على صوابية سياسة أنقرة.
وحول العلاقة بين إيران وسوريا، اعتبر غول أن هذه العلاقة «تجعل تركيا سعيدة» مشيرا إلى أن أنقرة تبذل جهودا من «أجل أن تحل هذه القضية (الملف النووي الإيراني) عبر الدبلوماسية».
في هذا الوقت، قال السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى، إن الموفد الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل قدم طلب تأشيرة دخول إلى سوريا. وأوضح لقناة «الحرة»، أن «السيناتور ميتشل وفريقه أودعوا لدينا جوازات سفرهم (أمس) للحصول على تأشيرات دخول إلى سوريا». ولم يحدد مصطفى متى ينوي ميتشل التوجه إلى دمشق، وستكون هذه زيارته الأولى منذ توليه مهامه.

زياد حيدر

المصدر: السفير