سيناريو الحرب الإسرائيلية القادمة على غزة
الجمل: تشير بعض التخمينات الاستخبارية الصادرة في مطلع عام 2010م الحالي, والذي لم تمض منه سوى بضعة أيام, إلى احتمالات أن يشهد قطاع غزة عملية عسكرية جديدة, وذلك على غرار عملية الرصاص المسكوب التي سبق أن نفذتها القوات الإسرائيلية في مطلع عام2009م الماضي.
الحيثيات ومعطيات حملة بناء الذرائع:
تقول المعلومات, بأن الخبير الأميركي بروس رايديل قد قدم تقريرا للإدارة الأميركية, وتحديدا للرئيس الأميركي باراك أوباما, تطرق فيه إلى النقاط الآتية:
•يوجد احتمال متزايد بأن تندلع حرب إسرائيلية-فلسطينية جديدة ضد قطاع غزة, وذلك بسبب الخلايا الجهادية التي بدأت تتجمع وتتمركز في قطاع غزة.
•توجد العديد من السيناريوهات التي تتضمن انطلاق الشرارة الأولى لاندلاع هذه الحرب, منها على سبيل المثال لا الحصر, قيام هذه الخلايا الجهادية باستهداف الإسرائيليين الموجودين في المناطق المحيطة بالقطاع, وتحديدا على طول امتداد حدود إسرائيل-قطاع غزة, أو المناطق البحرية المواجهة للقطاع.
هذا وأشار تخمين بروس رايديل, إلى أن الخلايا الجهادية التي بدأت تتجمع وتتمركز في قطاع غزة, عند قيامها بأي استهداف ضد الإسرائيليين, يمكن أن تقتل بعض الجنود, وما هو أكثر خطورة قد يتمثل في قيام عناصر هذه الخلايا بغارة عابرة لحدود القطاع تسفر عن اعتقال جندي إسرائيلي, بما قد يؤدي إلى وجود " شاليط" جديد تحت قبضة هذه الخلايا, وهو ما لن تستطيع إسرائيل أن تتحمله هذه المرة, في ظل رئيس الوزراء الليكودي بنيامين نتنياهو, والذي سوف يسعى لاستغلال وتوظيف الوضع الجديد بما قد يؤدي إلى إشعال حريق أكبر, وعلى وجه الخصوص إذا أدركت حكومة الليكود-إسرائيل بيتنا بأن هذا الحريق قد يشكل مخرجاً جديداً.
ماذا تقول سردية الخلايا الجهادية الجديدة:
خلال الفترة الممتدة من لحظة صعود حركة حماس لجهة إكمال سيطرتها على القطاع, تواترت المزيد من التقارير والتسريبات التي سعت إلى التأكيد على تزايد العناصر الجهادية في القطاع, وكان من أبرز هذه التسريبات, المزاعم التي قالت بأن بعض الأطراف الأصولية السلفية تعمل لجهة نشر المزيد من الخلايا السلفية-الجهادية في مناطق جنوب قطاع غزة, وذلك لموازنة نفوذ حركة حماس التي تمركزت في شمال القطاع, وبرغم عدم الاهتمام بهذه المعلومات, فقد جاءت تطورات الوقائع والأحداث اللاحقة وهي تتضمن قيام أحد زعماء الجهاديين بالإعلان في خطبة الجمعة بأحد مساجد جنوب قطاع غزة عن قيام "الإمارة الإسلامية في القطاع" الأمر الذي أدى إلى دخول أنصاره في اشتباك مسلح مع عناصر حركة حماس, والتي سعت من خلال ذلك إلى التأكيد مجددا على كامل سيطرتها على شمال ووسط وجنوب القطاع.
أشارت بعض التسريبات إلى وجود عملية تبادل معلومات واسعة النطاق تشترك فيها: وكالة المخابرات المركزية الأميركية-جهات الموساد الإسرائيلي-المخابرات المصرية-المخابرات الأردنية-المخابرات السعودية-المخابرات اليمنية-إضافة إلى المخابرات الباكستانية, وقد أسفرت عملية تبادل المعلومات هذه عن النقاط الآتية:
•وجود حركة عناصر جهادية بين المسرح الباكستاني ومسرح قطاع غزة.
•وجود عمليات تسلل مستمرة ومنظمة لداخل القطاع بواسطة العناصر الجهادية-السلفية السعودية.
وأضافت التسريبات, بأن تنظيم القاعدة, الذي ظلت مراكز رئاساته تتمركز في المناطق الشمالية من الحدود الأفغانية-الباكستانية, قد نجح مؤخرا في نقل هذه المراكز إلى منطقة بلوشستان الباكستانية المجاورة للحدود الباكستانية-الإيرانية, وحاليا, يسعى تنظيم القاعدة باتجاه تعزيز وجود رئاساته في بعض المناطق اليمنية, والمناطق الصومالية التي تسيطر عليها حركة شباب المجاهدين, التي تشكل الذراع الصومالي للقاعدة, وبرغم ازدحام جدول أعمال تنظيم القاعدة, فمن المتوقع أن يتولى تنظيم القاعدة اهتماما أكبر بالسعي لإيجاد موطئ قدم في منطقة شرق المتوسط, وبرغم الإخفاق الذي مني به تنظيم القاعدة في الساحة اللبنانية, فمن المتوقع أن يسعى التنظيم لاستغلال الفرصة التي أصبحت تلوح أمامه في قطاع غزة, خاصة وأنها ستوفر له موطئ قدم لجهة استهداف الإسرائيليين, والنظامين المصري والأردني, إضافة إلى الأطراف الفلسطينية المهادنة لإسرائيل.
السيناريو, والسيناريو المضاد:
تؤكد كل تصريحات زعيم القاعدة أسامة بن لادن, ونائبه أيمن الظواهري على أن التمركز في منطقة الشرق الأوسط, هو حلم القاعدة الأول, وذلك لجهة الربط بين مشروع إقامة الإمارة الإسلامية, ومشروع تحرير القدس, أما بالنسبة لنجاح تنظيم القاعدة في تحقيق التمركز في قطاع غزة, فهو أمر يصعب تأكيده أو نفيه, وذلك, بسبب:
•استمرار سيطرة حركة حماس على قطاع غزة, بسبب تفوقها العسكري والمعنوي داخل القطاع.
•عدم قدرة حماس على فرض سيطرة كاملة, وذلك لأن دعم السكان المحليين في القطاع هو الذي يحدد في نهاية الأمر من هو الذي سوف يسيطر.
وبالتالي, إذا دخلت حركة حماس في الهدنات وعقد الصفقات, والمصالحات, دون الحصول على شيء, فمن الممكن أن يحدث انقلاب في الرأي العام الفلسطيني داخل قطاع غزة, بما يتضمن ليس قيام السكان المحليين بدعم الخلايا الجهادية الجديدة, وإنما بانشقاق الكثير من الأطراف داخل حركة حماس نفسها, فقد سبق أن سيطرت حركة فتح على القطاع.
ولكن انقلاب الرأي العام الفلسطيني داخل القطاع اتجه نحو دعم حركة حماس, والآن, فإن استمرار سيطرة حركة حماس في القطاع سوف يكون رهينا بمدى قدرتها على عدم التورط في صفقات محور تل أبيب-القاهرة-عمان الخاسرة, والتي سوف لن تجلب لحركة حماس سوى استبدالها بالخلايا الجهادية, وتنظيم القاعدة, وما هو جدير بالاهتمام يتمثل في أن سيناريو الاستبدال هذا, هو الذي يسعى لتحقيق محور واشنطن-تل أبيب المدعوم بواسطة القاهرة, وذلك لأنه سوف يتيح لبنيامين نتنياهو إرسال قواته هذه المرة تحت مزاعم أنه يسعى لمحاربة القاعدة, مستخدما نفس مبررات إرسال أميركا وبلدان الاتحاد الأوروبي للقوات الأميركية وقوات حلف الناتو لأفغانستان واستخدام الطائرات والقوات الخاصة في استهداف المتشددين في جبال هندوكوش, وتورابورا, و اليمن.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد