توزع بؤر التوتر الدولية المرشح اشتعالها قريبا
الجمل: تشير التقارير والمعلومات إلى اتساع رقعة النزاعات وبؤر التوتر في سائر أنحاء العالم, وحاليا توجد أكثر من 70 نقطة ساخنة موزعة على مختلف بقاع العالم, فما هي معطيات الأوضاع الجزئية والأوضاع الكلية الخاصة بهذه النقاط الساخنة, وما هو شكل خارطة الصراع العالمي الحالية.. واتجاهاتها المحتملة؟
توصيف خارطة الصراع العالمي: أبرز الخطوط والملامح
يتكون العالم من ستة قارات, تنقسم على أساس الاعتبارات الجيو-سياسية إلى أقاليم رئيسية, وأقاليم فرعية, وأقاليم أصغر (دون فرعية), وتأسيسا على ذلك تتوزع النقاط الساخنة مشكلة ما يطلق عليه الخبراء تسمية خارطة الصراعات والنزاعات, وفي هذا الخصوص نشير إلى الملامح والخطوط البارزة الآتية الخاصة بهذه الخارطة:
• العدد الكلي للمناطق الساخنة: 70 نقطة ساخنة تتفاوت أوزانها بحسب شدة النزاع.
• توزيع المناطق الساخنة: أفريقيا جنوب الصحراء 22 نقطة – آسيا 25 نقطة – أوروبا 11 نقطة – الأميركيتين 12 نقطة.
• توزيع اتجاهات حركية المناطق الساخنة: تنقسم إلى ثلاثة, الأولى هي نقاط التصعيد, والثانية هي نقاط التهدئة, أما الثالثة في النقاط الثابتة ضمن مستوى معين.
وإضافة إلى ذلك, تتباين تصنيفات وأنواع النقاط بحسب طبيعة مفاعيل ومحفزات الصراع, والأكثر شيوعا يتمثل في: الصراعات الداخلية, ثم الصراع بين الدول, ثم الصراعات بسبب التدخلات الدولية الكبرى..
أين توجد النقاط الساخنة الثابتة:
تعتبر النقاط الساخنة الثابتة من بين الأكثر انتشارا في أنحاء العالم, فهي تضم مجموعة الصراعات ذات الطبيعة الجامدة, والصراعات ذات الطبيعة الحركية المحدودة, والتي لم تهدأ, وفي نفس الوقت لم تتصاعد ضمن وتائر أكبر, وفي هذا الخصوص نشير إلى النقاط الساخنة الآتية:
• المنطقة الآسيوية: أوزبكستان – طاجكستان – بورما – أندونيسيا – نيبال – تيمور الشرقية – وما شابه ذلك.
• المنطقة الإفريقية: أفريقيا الوسطى – بوروندى – جزر القمر – إثيوبيا – غينيا بيساو – ساحل العاج – وماشابه ذلك.
• المنطقة الأوروبية: بيلاروسيا – البوسنة – إسبانيا – أيرلندا – كوسوفو – ما شابه ذلك
• المنطقة الأميركية: الإكوادور – كولومبيا – بوليفيا – فنزويلا – وما شابه ذلك.
تتمير الصراعات المشار إليها (موزعة بحسب المناطق) بعدم الحركية, وبكلمات أخرى, فهي تشبه إلى حد بعيد البراكين الخامدة غير الناشطة, وبالتالي إذا تغيرت الأوضاع لما أفرز ظروفا جديدة, فمن الممكن أن تتحرك هذه النزاعات, بحيث في حالات تزايد التأثيرات السلبية, فإن تزايد سخونة هذه النقاط سوف يدفع باتجاه تدهور الأوضاع, أما في حالات تزايد التأثيرات الإيجابية, فإن سخونة هذه النقاط سوف تنخفض أكثر فأكثر بما يمكن أن يؤدي إلى إنهاء مفاعيل النزاع والقضاء على جذور الصراع.
أين توجد النقاط الساخنة المتدهورة؟
بحسب التقارير والمعلومات الجارية الصادرة اليوم, توجد ثماني نقاط ساخنة تشهد المزيد من حالات التدهور, والانزلاق باتجاه احتمالات اندلاع المواجهات المرتفعة الشدة, وتتمثل هذه النقاط في الآتي:
• شرق المتوسط: (سوريا – لبنان – الأراضي الفلسطينية): وذلك بسبب تزايد مفاعيل ومحفزات الصراع, من جراء تحركات محور واشنطن-تل أبيب, وتزايد وتائر حملة بناء الذرائع, المتصاعدة ضد خصوم إسرائيل.
• شبه القارة الكورية: مع اقتراب موعد إجراء كوريا الشمالية لتجربة التفجير النووي الثالثة, إضافة إلى قيام كوريا الجنوبية واليابان وأميركا وتايوان باتهام كوريا الشمالية بأنها تتمادى في تطوير قدراتها النووية, إضافة إلى قيامها خلال الأسبوع الماضي بإغراق سفينة كورية جنوبية, فمن المتوقع أن تحدث بعض التصعيدات الجديدة في منطقة شبه القارة الكورية.
• جنوب شرق آسيا: تزايد وتائر الصراع السياسي في تايلاند, ومن المتوقع في ظل التطورات الجارية, أن تشهد تايلاند حربا أهلية داخلية, على خلفية الانقسام: الحكومة المدعومة بواسطة الجيش, والمعارضة المدعومة بواسطة النقابات ومنظمات المجتمع المدني!
• شبه القارة الهندية: توجد خمس نقاط ساخنة في منطقة شبه القارة الهندية, وهي: المسرح الأفغاني – المسرح الباكستاني – المسرح الكشميري – المسرح النيكسالي (شمال شرق الهند) – المسرح السيريلانكي, وتقول التحليلات والتقارير بأن جميع هذه النقاط سوف تشهد المزيد من التصعيدات, وذلك لأن المسرح الباكستاني, والمسرح الأفغاني, سوف تنتقل عدواهما إلى المسرح الكشميري, أما المسرح النيكسالي فسوف تنتقل عدواه إلى المسرح السيريلانكي, والذي وإن كان قد هدأ نسبيا, فإنه ما زال قابلا للاشتعال مرة أخرى.
• آسيا الوسطى: برغم تدهور الأوضاع في دول آسيا الوسطى الخمس, فإن كيرغيزستان أصبحت على وشك اندلاع الحرب الأهلية الداخلية, بين السكان الكيرغيز المؤيدين للرئيس السابق, والسكان الطاجيك المؤيدين للرئيسة الجديدة الحالية, أما أوزبكستان, فمن المتوقع أن تشهد جولة صراع دامي على خلفية الانقسام وعمليات التعبئة السلبية بين الجماعات الأصولية الإسلامية, والقوى السياسية ذات الطبيعة العلمانية والقومية الاجتماعية.
• أفريقيا جنوب الصحراء: من المتوقع أن تشهد جمهورية الكونغو جولة جديدة من الصراعات الدامية المرتفعة الشدة, بين القوات الحكومية والملشيات المسلحة المدعومة بواسطة إسرائيل وبلجيكا وأميركا, وذلك من أجل حسم السيطرة على مناطق مناجم الألماس والذهب واليورانيوم, أما نيجيريا فمن المتوقع أن تنزلق باتجاه حرب أهلية داخلية, ذات طبيعة ثلاثية: الجماعات التكفيرية في الشمال ضد الحكومة, الجماعات الإنفصالية في منطقة دلتا النيجر ضد الحكومة, الجماعات الإسلامية المتطرفة ضد الجماعات المسيحية المتطرفة في الوسط.
• منطقة القرن الأفريقي: من المتوفع ان تتزايد حدة الصراع الصومالي-الصومالي, وفي حال انتقال عدوى الصراع إلى مناطق شمال وغرب الصومال, فإن الاحتمالات تصبح أكثر ميلا لاندلاع حرب إقليمية مرتفعة الشدة, تتورط فيها دولة أثيوبيا ودولة إرتريا.
• منطقة جنوب الجزيرة العربية: من المتوقع أن تتصاعد سخونة الوضع السياسي اليمني, وتندلع جولة المواجهة السابعة الجديدة بين المسلحين الحوثيين في الشمال والحكومة اليمنية, وتقول آخر المعلومات بأن حكومة صنعاء قد قامت خلال الثلاثة أيام الماضية بإرسال 8 كتائب نحو محافظة صعدة, وفي نفس الوقت بدأ كبار المسئولين في الحكومة اليمنية القيام بإطلاق المزيد من التصريحات التي اتهمت المسلحين الحوثيين بعدم الالتزام بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين الطرفين, أما بالنسبة لجنوب اليمن, فمن المحتمل أن تتحول جماعات الحراك الجنوبي باتجاه اللجوء لاستخدام الوسائل العسكرية بدلا عن الوسائل السياسية, وبالنسبة لوسط اليمن, فإن تنظيم القاعدة مازال يحتفظ بكامل قدراته. ومن المتوقع أن يؤدي الضغط الأميركي على تنظيم القاعدة في أفغانستان وباكستان والعراق, إلى دفع المزيد من عناصره باتجاه الانسحاب إلى المسرح اليمني الأمر الذي سوف يؤدي بالتأكيد إلى رفع احتمالات المواجهة والتصعيدات المسلحة في وسط اليمن.
تشير التحليلات التي تطرقت إلى محفزات انتشار الصراعات والنزاعات وتفسير أسبابها إلى الاستنتاجات الآتية:
• إن الصراعات والنزاعات لم تكن منتشرة بهذه الشدة والكثافة واتساع النطاق خلال الحرب الباردة.
• إن الأغلبية العظمى من هذه الصراعات والنزاعات تدور حول ملفات السيطرة على الموارد وفرض النفوذ على المناطق الجغرافية ذات الطبيعة الاستراتيجية.
وتأسيسا على ذلك تشير هذه التحليلات إلى أن أصابع الاتهام تتحرك بقوة مشيرة إلى أن صعود قوة أميركا ورغبة النخبة السياسية الأميركية في إنفاذ مخطط السيطرة على العالم وبناء مشروع القرن الأميركي الجديد هو السبب الرئيسي الذي يقف وراء تحريك مفاعيل هذه الصراعات والنزاعات, ومن المتوقع أن تزداد الأوضاع سوءا في مناطق النزاعات بسبب استمرار مشروح الحرب الأميركية ضد الإرهاب, وربما يصبح الوضع أكثر سوءا إذا استطاع الجمهوريون وصقور الإدارة الأميركية وجماعات اللوبي من الصعود في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2010م القادم, وهو صعود سوف يحمل معه أجندة أكثر عدوانية أقلها: إبقاء القوات الأميركية في العراق, وتطبيق توصيات تقرير الجنرال ماكريستال برفع عدد القوات الأميركية في أفغانستان إلى نصف مليون جندي, هذا بالإضافة إلى استهداف إيران, والسعي لإشعال منطقة الشرق الأوسط مجددا.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد