تشاؤم إسرائيلي في استقبال ميتشل إزاء المفاوضات غير المباشرة
عشية الجولة الجديدة من الاجتماعات مع أركان الدولة العبرية والسلطة الفلسطينية التي يبدأها اليوم الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل تمهيداً لإعلان استئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، واصل مسؤولون إسرائيليون نبرة التشاؤم لجهة نجاح هذه المفاوضات.
وقدم رئيس قسم البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية العميد يوسي بايدتس أمس «تصورات قاتمة» لأعضاء لجنة الخارجية والأمن البرلمانية في شأن استئناف المفاوضات غير المباشرة المرتقبة، واتهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) بأنه «يهيئ الأرضية لفشل هذه المفاوضات معتقداً أنه بذلك يكشف الوجه الحقيقي لإسرائيل لعزلها في الساحة الدولية».
وقال إن هدف عباس من المفاوضات الوشيكة هو «كشف الوجه الحقيقي لإسرائيل على أنها ليست معنية بالسلام»، مضيفاً أن «أبو مازن معني بالسلام مع إسرائيل، لكن هامش مرونته في القضايا الجوهرية ضيق. ولا نشخّص عنده أية محاولة حقيقية للمرونة في القضايا الجوهرية وسيأتي إلى المفاوضات مع المواقف ذاتها التي طرحها في المفاوضات مع الحكومة السابقة».
ويجتمع ميتشل اليوم مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو وكبار وزرائه ومساعديه على أن يغادر غداً إلى رام الله ليومين يلتقي خلالهما كبار المسؤولين الفلسطينيين، في انتظار الاجتماع الوشيك للجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية لإقرار استئناف المفاوضات غير المباشرة المتوقع انعقادها مع عودة أبو مازن من الخارج.
ووصل ميتشل إسرائيل مساء أول من أمس وأجرى مشاورات مع طاقمه أمس، فيما اتصل الرئيس الأميركي باراك أوباما برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في مكالمة استمرت 20 دقيقة، واكد له أهمية أن تكون المفاوضات غير المباشرة «ذات مغزى»، وأن تؤدي إلى مفاوضات مباشرة في أقرب وقت ممكن.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر أمنية إسرائيلية وفلسطينية أن إسرائيل تدرس تسليم المسؤوليات الأمنية للفلسطينيين في بلدات إضافية في الضفة الغربية بموجب خطط تدعمها الولايات المتحدة. وحددت المصادر بلدة أبو ديس على مشارف القدس التي كان ينظر إليها ذات يوم باعتبارها مقراً محتملاً للحكومة الفلسطينية، قائلة إنها من المواقع الأكثر أهمية التي تدرس إسرائيل ما إذا كانت ستسمح في وقت قريب بتنظيم دوريات للشرطة الفلسطينية فيها.
وقال مصدر أمني اسرائيلي: «إنها فكرة تدرسها إسرائيل» إذا نجح ميتشل في إطلاق المحادثات، فيما نقل مسؤول فلسطيني عن شرطة أبو ديس التي تقتصر الآن على عدد محدود من الرجال غير المسلحين قولها هذا الأسبوع أنها أبلغت بأنها ستمنح سيطرة أمنية أكبر في وقت لاحق هذا الشهر عندما يسمح لها بحمل السلاح.
إلى ذلك، تطرق بايدتس إلى الأنباء المتواترة عن تسلح «حزب الله» بصواريخ «سكود» من سورية، ووصف «نقل صواريخ طويلة المدى» إلى الحزب بـ «قمة جبل الجليد» (أي ما يبدو على السطح فقط). وقال إن «نقل الوسائل القتالية إلى حزب الله يتم في شكل ثابت من سورية، وفي شكل منظم بإشراف النظامين السوري واللبناني، وعليه لا يجب أن نصف ذلك بتهريب أسلحة، إنما هو نقل رسمي ومنظم».
وتابع أن «حزب الله يملك اليوم ترسانة من آلاف الصواريخ من مختلف الأنواع وبأكثر من مدى، بما فيها صواريخ مع وقود صلب ذات مدى أبعد وأكثر دقة». وأضاف أن الصواريخ ذات المدى البعيد التي في حوزة «حزب الله» تتيح له أن ينصب منصات الإطلاق في عمق لبنان «وهذه قادرة على تغطية مدى أبعد من التي عرفناها في الماضي... حزب الله موديل 2006 يختلف عن موديل 2010 من حيث قدرته العسكرية التي تطورت كثيراً».
وعن توقعاته لخطوات الحزب المقبلة، قال بايدتس إن «حزب الله يقع تحت ضغط هويات مختلفة، من ناحية التزامه الجهاد ولإيران، ومن الأخرى يأخذ في حساباته اعتباراته السياسية في لبنان وحاجات الطائفة الشيعية، وعليه فإنه يختار الآن نهج الهدوء». وأضاف أنه «بحسب التوقعات المخابراتية، فإن الحزب ليس معنياً الآن بمواجهة واسعة مع إسرائيل إذ أنه يخشانا، لكنه يستعد لهذه المواجهة، وما زال يتعهد على الملأ بتنفيذ عمليات ضد إسرائيل».
وزاد أن سورية ما زالت تسير في مسلكين من دون أن تطالَب دولياً بحسم خيارها بينهما، «هي من ناحية تحسن علاقاتها مع الغرب ومع دول عربية ومع تركيا، كما أنها عادت للعب دور مؤثر ومركزي في لبنان، ومن جهة أخرى فإنها تعمّق تعاونها الاستراتيجي والعملي مع إيران وحزب الله والإرهاب الفلسطيني».
وتابع: «على رغم هذا النهج السوري، فإن التسوية السياسية مع إسرائيل تحتل مكانة عالية في سلم أولويات دمشق، والمخابرات تلحظ رغبة السوريين في التوصل إلى اتفاق لكن بشروطهم، أي إعادة الجولان كاملاً وبتدخل أميركي». وتابع أنه في مقابل اتفاق كهذا فإن سورية ستغير دورها في المحور الراديكالي، لكن رئيسها بشار الأسد يرى أنه من غير الممكن التقدم مع الحكومة الإسرائيلية الحالية ولذلك يمتنع الآن عن القيام بأي خطوات لبناء الثقة.
وعزا «الهدوء النسبي» الذي شهدته إسرائيل في العام الأخير على مختلف الجبهات إلى «أولاً وقبل كل شيء، ارتداع أعداء إسرائيل من مواجهة مباشرة معها»، لكنه أضاف محذراً أنه على رغم الهدوء «لا يمكن الحديث عن وضع مستقر في المحيط الاستراتيجي لإسرائيل... ففي مقابل احتمالات تسويات سياسية مع الفلسطينيين أو مع السوريين، تشتد، في الجهة الأخرى، حدة المقاربات السلبية التي تحيط بنا، مثل التسلح النووي الايراني والتسلح المكثف لجميع أعدائنا في الدائرتين القريبة والبعيدة ويتعزز احتمال تنفيذ عملية إرهابية قد تدفع إلى التدهور»، محذراً من محاولات متكررة لبدو في سيناء للقيام «كمقاولين» بخطف سياح إسرائيليين واقتيادهم إلى قطاع غزة. وأضاف أن «الإيرانيين يواصلون التقدم في مشروعهم النووي وتجميع قدرات تتيح لهم الانقضاض على السلاح النووي لحظة يقررون... من الآن كل شيء متعلق بقرارهم فقط».
أسعد تلحمي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد