مزايا ومخاطر قبول إسرائيل في عضوية منظمة التعاون الاقتصادي

11-05-2010

مزايا ومخاطر قبول إسرائيل في عضوية منظمة التعاون الاقتصادي

الجمل: أصدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) يوم أمس الاثنين 10 أيار (مايو) 2010م, قرار الموافقة على منح إسرائيل عضوية المنظمة: ما هي طبيعة هذه المنظمة, وما هي خلفيات وأبعاد عضوية إسرائيل فيها, وما هي المزايا التي سوف تتيحها عضوية هذه المنظمة لإسرائيل؟

منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية:
تعود بدايات نشأة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى عام 1948م, وذلك عندما تم إنشاء منظمة التعاون الأوروبي (OEEC), وذلك بهدف الإشراف على تنفيذ مشروع مارشال لإعادة تعمير أوروبا من الدمار والخراب الذي خلفته الحرب العالمية الثانية, وبحلول عام 1961م, وعلى خلفية توسيع عضوية هذه المنظمة بحيث تنضم بعض الدول غير الأوروبية, فقد قرر الأعضاء التوقيع على ما عرف باسم: معاهدة التعاون الاقتصادي والتنمية, والتي أسست لقيام منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية, والتي قامت بالفعل في نفس مقر منظمة التعاون الاقتصادي الأوروبي في العاصمة الفرنسية باريس.

 


تكونت عضوية المنظمة في بداياتها من 20 دولة: الولايات المتحدة الأميركية – بريطانيا – فرنسا – ألمانيا (الغربية) – النمسا – بلجيكا – كندا – الدنمارك – اليونان – أيسلندا – أيرلندا – إيطاليا – لوكسمبيرج – هولندا – النرويج – البرتغال – إسبانيا – السويد – سويسرا – تركيا.
ثم لاحقا بعد ذلك التحقت بها: اليابان 1946 – فنلندا 1969 – أستراليا 1971 – نيوزلنده 1973 – المكسيك 1994 – جمهورية التشيك 1995 – المجر (هنغاريا) 1996 – بولندا 1996 – كوريا الجنوبية 1996م – سلوفاكيا 2000م – تشيلي 2010, وبحسب قرار نهار الأمس, الذي وافق على عضوية ثلاث دول جديدة يكون, العدد الكلي لأعضاء المنظمة قد ارتفع من 31 إلى 34 بلدا, بانضمام كل من: إستونيا 2010 – سلوفينيا 2010 – وإسرائيل 2010م.
أطلقت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية العديد من الاتفاقيات والمبادرات, الساعية لجهة حشد وتعبئة أعضاءها من أجل تحقيق الأهداف الآتية:
• تحقيق أعلى معدلات النمو الاقتصادي "والتوظيف", ورفع مستوى المعيشة بين دولها الأعضاء وتحقيق الاستقرار المالي ودعم تنمية الاقتصاد العالمي.
• تعزيز توسيع النمو الاقتصادي في العالم.
• تعزيز توسيع التجارة العالمية, وتطبيق المعايير غير التمييزية والمتعددة الأطراف بما يلبي المعايير الدولية في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعلمية والتكنولوجية.

ينظر كل خبراء النظام الدولي إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية, باعتبارها تمثل التكتل الاقتصادي-السياسي-التكنولوجي-الاجتماعي الخاص بالدول الغربية الثرية المتقدمة, وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة الأميركية, وحلفاءها المقربين. ويرى البعض بأن هذه المنظمة هي منظمة دول العالم الوافرة الثراء, ذات العرق الأبيض, والقوة التكنولوجية والعلمية العسكرية, والدخل المرتفع على مستوى الدولة والفرد, وإن كان من بين عضويتها دولا مثل تركيا واليابان وكوريا الجنوبية..

خلفيات عضوية إسرائيل في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD):
تقول المعلومات والتقارير بأن إسرائيل ظلت تسعى لنيل عضوية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية منذ لحظة التوقيع على اتفاقية أوسلو في مطلع تسعينات القرن الماضي, وخلال الفترة الممتدة من عام 1994 وحتى عام 2007م, ظلت إسرائيل تتابع كل ما من شأنه أن يتيح لها نيل عضوية المنظمة, وبحلول 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007م, نجحت إسرائيل بدعم الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية الأخرى, من دفع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى إصدار قرار الموافقة على البدء في عملية عضوية إسرائيل, وأشارت المعلومات والتقارير إلى أن القرار قد حدد لإسرائيل ما أطلق عليه الخبراء تسمية "خارطة طريق إسرائيل لعضوية المنظمة".
أشارت التسريبات والتقارير إلى حدوث التطورات والوقائع الآتية خلال الفترة الممتدة من لحظة قرار 30 تشرين (نوفمبر) 2007م وحتى عشية أمسية قرار أمس الاثنين 10 أيار (مايو) 2010م:
• قيام منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بإرسال حوالي 21 فريقا من الخبراء لمتابعة ورصد التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعلمية في إسرائيل, وتشير التسريبات إلى أن معظم هؤلاء الخبراء كانوا من اليهود الغربيين والأميركيين المرتبطين بإسرائيل والشؤون الشرق أوسطية.
• كل التقارير التي تم إعدادها ورفعها بواسطة فرق العمل والرصد والخبراء كانت تتحدث عن كفاءة دولة إسرائيل في تلبية معايير عضوية المنظمة.
• أوصى التقرير النهائي الذي تم إعداده بواسطة الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بضرورة أن يوافق مجلس المنظمة على عضوية إسرائيل.
هذا, ولما كانت صفة العضوية لا تمنح لأي دولة إلا بواسطة مجلس المنظمة, وبإجماع كل الدول الأعضاء دفعة واحدة, فقد كان الإسرائيليين حتى مساء قبيل انعقاد اجتماع المجلس النهائي الأمس, لا يتوقعون الحصول على صفة العضوية وذلك لعدة أسباب, من أبرزها:
• توجد العديد من الدول الأعضاء غير المتوافقين مع التوجهات الإسرائيلية في منطقة الشرق الأوسط.
• وجود تركيا كعضو في المنظمة, والتي بسبب مواقف حكومة حزب العدالة والتنمية من المتوقع أن ترفض التصويت لصالح عضوية إسرائيل,
• تسريب بعض الأطراف الفلسطينية لأعضاء المنظمة عن قيام إسرائيل بتزوير المعلومات الخاصة بنيل عضوية المنظمة.
هذا, وبرغم ذلك, فقد تم التصويت نهار الأمس بالإجماع في مجلس المنظمة لصالح قبول عضوية إسرائيل, وتقول المعلومات والتقارير والتسريبات بأن عدم اعتراض تركيا على عضوية إسرائيل كان مثارا للدهشة والجدل في أوساط كل المراقبين, بما في ذلك الإسرائيليين أنفسهم.

منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: عضوية إسرائيل والإشكاليات الحرجة
تشير التحليلات إلى أن نيل إسرائيل لعضوية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية, سوف يخلق وضعا في غاية الإشكالية لهذه المنظمة, وعلى وجه الخصوص في الجوانب الآتية:
• مدى مصداقية إسرائيل في تلبية معايير حقوق الإنسان التي تعتمدها المنظمة.
• مدة مصداقية المنظمة في إخضاع إسرائيل والمسائلة والمحاسبة وأضافت التحليلات, بأن مخاطر وجود إسرائيل داخل المنظمة سوف تكون أكثر من المنافع التي يمكن أن تحصل عليها المنظمة من وجود إسرائيل وذلك لعدة أسباب, منها على سبيل المثال:
- سعي إسرائيل لخلق الاصطفافات والتحالفات الاستقطابية في أوساط أعضاء المنظمة.
- سعي إسرائيل لاستخدام قرارات المنظمة في التأثير على توجهات المنظمات الدولية والإقليمية العالمية الكبرى, مثل مفوضيات الأمم المتحدة, ومنظمة التجارة العالمية, والاتحاد الأوروبي, وحلف الناتو.
وما هو أكثر خطورة يتمثل في أن إسرائيل قد لجأت إلى استخدام قدرات حلفاءها, وعلى وجه الخصوص أميركا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا بحيث يتم قبول عضوية إسرائيل بشكل يستبق قبول عضوية بعض البلدان العربية, المتوقع انضمامها لاحقا للمنظمة, والتي في مقدمتها: السعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان ومصر والأردن, وذلك لأن دخول إسرائيل الاستباقي سوف يتيح لها القيام بالآتي:
• مفاوضة هذه الدول العربية حول مساعدتها في دخول المنظمة مقابل قيامها بالتطبيع الكامل مع إسرائيل.
• عرقلة دخول خصوم إسرائيل في الشرق الأوسط وسائر أنحاء العالم من الدخول لهذه المنظمة.
هذا, وتشير بعض التقارير المالية الصادرة اليوم بأن نيل إسرائيل لعضوية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد انعكس بشكل سريع وفوري على مؤشرات بورصة تل أبيب, والتي شهدت ارتفاعا نسبيا في مختلف المؤشرات, وعلى وجه الخصوص المتعلقة بالاستثمار, وأسهم الشركات الإسرائيلية.
برغم حصول إسرائيل على عضوية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فقد انقسم الخبراء الإسرائيليون ما بين متفائل ومتشائم, وإذا كان المتفائلون يرون أن نيل العضوية سوف يتيح لإسرائيل الجلوس جنبا إلى جنب مع دول العالم الأول الثرية – المتطورة, فإن المتشائمين الإسرائيليين, والذين كان من أبرزهم الخبير الاستراتيجي ألوف بين, رأوا بأن نيل إسرائيل لعضوية المنظمة سوف يضع تل أبيب في واحدة من أكثر المنعطفات حرجا. وذلك لأن سياسات إسرائيل الحالية إزاء ملفات الاحتلال والفلسطينيين, سوف تجعل من إسرائيل مثارا لانتقادات المنظمة, وعلى وجه الخصوص في الجوانب المتعلقة بتنفيذ الالتزامات المفروضة بواسطة منظمات المجتمع الدولي, وفي مقدمتها قرارات إنهاء الاحتلال, وحق العودة للاجئين الفلسطينيين, إضافة إلى حقوق السكان غير اليهود.
تقول بعض التحليلات بأن وجود إسرائيل سوف يكون متعاكسا مع وجود تركيا داخل المنظمة, وهو أمر سوف يترتب عليه سيناريو مزدوج.
فمن جهة سوف تسعى تركيا بشكل مستمر باتجاه توجيه الانتقادات المناهضة لإسرائيل, وفي نفس الوقت سوف تسعى إسرائيل إلى الاستعانة بحلفائها داخل المنظمة من أجل الضغط على تركيا لكي تقبل بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل, وإضافة لذلك, فإن وجود إسرائيل داخل المنظمة سوف يتيح لها القيام بابتزاز روسيا والصين, واللتان ظلتا تسعيان من اجل نيل عضوية المنظمة, بما سوف يجعل من موسكو وبكين تقفان في صف واحد مع القاهرة والرياض وبعض دول الخليج في مواجهة الابتزاز الإسرائيلي!!

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...