إعادة الاصطفاف الاستراتيجي السوري من وجهة نظر معهد واشنطن

13-05-2010

إعادة الاصطفاف الاستراتيجي السوري من وجهة نظر معهد واشنطن

الجمل: تشهد الساحة الأميركية في هذه الأيام, وتحديدا دوائر اللوبي الإسرائيلي محاولة جديدة تهدف إلى إعادة إنتاج نسخة جديدة من المخطط القائم على فكرة "إعادة الاصطفاف الاستراتيجي لسوريا": فما هي طبيعة هذه الفكرة, وما هي أبعاد هذا المخطط, وما هي التحركات والمؤشرات الجديدة الدالة عليه؟

إعادة الاصطفاف الاستراتيجي لسوريا: المفهوم والخصوصية؟
يعود السياق والمفهوم النظري لمفهوم وفكرة إعادة الاصطفاف الاستراتيجي لسوريا, إلى ندوة مؤتمر فانبيرغ فاوندرز 2009, الذي يعقده سنويا معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى, وتحديدا في المحاضرة التي حملت عنوان (سوريا: التطلعات من أجل إعادة الاصطفاف الاستراتيجي) وقد تحدث في الندوة ثلاثة من الخبراء:
• عمرو العظم: خبير سوري في التاريخ والآثار وأستاذ جامعي في ولاية أوهايو الأميركية.
• أندروجيه تابلر: خبير في العلاقات السورية-الأميركية, وزميل برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن التابع للوبي الإسرائيلي.
• إيهود إيعاري: خبير في الشؤون السياسية العربية بمعهد واشنطن التابع للوبي الإسرائيلي.
تحدث الخبير عمرو العظم قائلا بأن سوريا مهتمة بأمر تحسين علاقاتها مع الغرب وإسرائيل, ثم سعى بعد ذلك إلى التطرق لملفات الشرق الأوسطالجوار الإقليمي السوري, وعلاقات وروابط سوريا الإقليمية, وتحليل طبيعة إدراك سوريا لهذه العلاقات والروابط, أما الخبير أندروجيه تابلر فقد تحدث بشيء من التركيز الشديد على مفهوم وفكرة إعادة الاصطفاف الاستراتيجي لسوريا, متحدثا عن مدى إمكانية حث سوريا من أجل التخلي عن روابطها مع إيران وحزب الله وحركة حماس الفلسطينية وبقية فصائل المقاومة, بما يتيح ويفسح المجال أمام تنفيذ مخطط إعادة اصطفاف سوريا بشكل استراتيجي ضمن مجموعة المعتدلين العرب, وبالنسبة للخبير إيهود إيعاري فقد تطرق لتوضيح المنظور الإسرائيلي إزاء سوريا, وأشار من بين ما أشار إلى النقاط الآتية:
• يدرك الإسرائيليون جيدا أن سوريا هي النقطة الأولى الأكثر أهمية في مقاربة الصراع العربي-الإسرائيلي.
• تتميز سوريا بعدم القابلية للخضوع للمطالب الإسرائيلية, وفي نفس الوقت من الصعب جدا على الإسرائيليين القيام بالضغط على سوريا لكي تغير مواقفها.
• من الأفضل للإسرائيليين البدء في المسار الفلسطيني, قبل البدء في المسار السوري.
وإضافة لذلك, فقد التقت وجهات نظر الخبراء الثلاثة, وفي النتيجة المتقاطعة القائلة, بأن: سوريا لن تتخلى عن حلفائها في المنطقة, وأن سوريا لن تقبل بكل من شأنه أن يقوض تماسكها واستقرارها الداخلي.

التحركات في المسرح الشرق أوسطي: ماذا تقول المعلومات الجارية
تشير عملية رصد التحركات السياسية-الأمنية-العسكرية, إلى أن الأداء السلوكي الدبلوماسي, الخاص بمنطقة الشرق الأوسط, قد أصبح يكشف عن علاقة ارتباطية وثيقة بين "معطيات الوضع الجزئي" و"معطيات الوضع الكلي", وفي هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى الآتي:
• معطيات الوضع الجزئي: شهدت منطقة الشرق الأوسط التطورات الآتية:
- بدء مفاوضات السلام الفلسطينية-الإسرائيلية غير المباشرة, بعد موافقة السلطة الفلسطينية على العودة إلى المفاوضات, والتخلي عن كل شروطها.
- زيارة الرئيس الروسي ميدفيديف إلى سوريا وتركيا, وبرغم التسريبات التي نقلتها المصادر الروسية على لسان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف حول مشروع ورقة الشرق الأوسط الخالي من أسلحة نووية وأسلحة دمار شامر, مع استثناء إسرائيل, ولكن ما كان مفاجئا أنه لم تبرز أي تقارير أو تسريبات تفيد لجهة قيام ميدفيديف بطرح ما تحدث عنه قبل الزيارة-بيوم واحد-الوزير سيرجي لافروف!!!
- الإعلان عن زيارة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى العاصمة الأميركية واشنطن دي سي في يوم 24 (مايو) الحالي, وبرغم عدم وجود تقارير رسمية لبنانية حول طبيعة الزيارة, فإن المصادر الإسرائيلية العليمة, قد أشارت إلى وجود المزيد من البنود والملفات غير المعلنة لبنانيا والتي سوف يتطرق إليها لقاء الحريري مع الإدارة الأميركية.
- تشهد الساحة السياسية المصرية صراعا متزايدا حول قيام نظام الرئيس حسني مبارك بتجديد تمديد حالة الطوارئ المفروضة على مصر على مدى ما يقرب من 40 عاما وبشكل مستمر, حتى الآن.
• معطيات الوضع الكلي: ينطوي الوضع الكلي الشرق أوسطي على مشهد يتسم بقدر كبير من التداخلات الداخلية والخارجية, ومن أبرز الملامح العامة لخطوط معطيات الوضع الكلي الشرق أوسطي نلاحظ الآتي:
- خط الرهان على الحرب: ويتحرك هذا الخط صعودا بفعل تزايد حدة التصريحات وارتفاع وتائر الاتهامات, مثل مبادرة سوريا لحزب الله اللبناني في الحصول على صواريخ سكود, والغارات الإسرائيلية المتواصلة ضد قطاع غزة, إضافة إلى المزاعم القائلة بأن إسرائيل سوف تقوم بشن عملية عسكرية ضد إيران, بعد أن تراجعت إدارة أوباما وقامت بتزويد إسرائيل بصواريخ بانكر باست المضادة للتحصينات.
- خط الرهان على عدم الحرب: ويتحرك هذا الخط صعودا بفعل تزايد الشكوك التي تضعف من حدوث فرضية أن إسرائيل سوف تستطيع وحدها شن الحرب ضد إيران, إضافة إلى عدم قدرة إسرائيل على احتواء العواقب الخطيرة التي سوف تتعرض لها إذا أقدمت حكومة بنيامين نتنياهو على ارتكاب خطأ مهاجمة سوريا أو حزب الله اللبناني.

المقاربة بين معطيات الوضع الجزئي ومعطيات الوضع الكلي, تفيد لجهة الآتي:
• تزايد النزعة الإسرائيلية لجهة التصرف من طرف واحد, في انتهاك حقوق الفلسطينيين, مع محاولة الإبقاء على السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس ونخبة من الزعماء الفلسطينيين الملتفين حوله, وذلك بما يوفر لإسرائيل الغطاء الذي يتيح لها إكمال عمليات تهويد القدس, وبناء المستوطنات وهدم بيوت الفلسطينيين وترحيل المزيد من الفلسطينيين, بما يخلف موجة نزوح فلسطيني جديدة إلى دول الجوار تساعد في تغيير خارطة التوازنات السكانية الديمغرافية داخل فلسطين المحتلة, خاصة أن العديد من مراكز الدراسات الإسرائيلية قد ألمحت منذ فترة طويلة إلى ضرورة ترحيل المزيد من الفلسطينيين لأن تكاثرهم أصبح يشكل خطرا ديموغرافيا مهددا لأمن إسرائيل, وتأكيدا لهذه النقاط: أعلن وزير الداخلية الإسرائيلي بأن إسرائيل سوف لن توقف بناء المستوطنات وبأنها لم تتقدم بأي التزامات لأميركا في هذا الخصوص, وأعلن وزير الداخلية الإسرائيلي بأن البلدوزرات والجرافات الإسرائيلية سوف تقوم بإزالة أكبر ما يمكن من بيوت الفلسطينيين في القدس الشرقية, وذلك بما يتيح لإسرائيل تصفية أي ودجود فلسطيني في عاصمة الدولة الصهيونية.
• تزايد النزعة الأميركية لجهة استدراج اللبنانيين والعمل مع حلفائها بينهم من أجل إعادة إنتاج ملفات حملة بناء الذرائع ضد سوريا وحزب الله والمقاومة اللبنانية والفلسطينية, وفي هذا الخصوص, فقد أكدت المصادر الإسرائيلية العليمة بأن زيارة سعد الحرري سوف تتم وفقا لجدول أعمال مع البيت الأبيض الأميركي.

عند الجمع بين معطيات الوضع الكلي ومعطيات الوضع الجزئي, ثم القيام بعملية التحليل المقارن, مع إسقاط الاستنتاجات على شكل السيناريو القادم الأكثر احتمالا وهو عودة محور واشنطن-تل أبيب باتجاه العودة لمحاولة تكرار دفع سوريا باتجاه إعادة الاصطفاف الاستراتيجي, وعلى الأغلب أن تتم المحاولة هذه المرة باستخدام رسائل التعامل والضغط الدبلوماسي, والتي منها على سبيل المثال لا الحصر: الضغوط الإيجابية التي تتضمن الاغراءات والتلويح بالحوافز, والضغوط السلبية التي تتضمن التهديد بالعزل, والعقوبات وخطر الحرب, ولكن وبرغم ذلك يبقى السؤال المعلق قائما كما هو:
كيف يمكن أن تقبل سوريا وأرض الجولان ما تزال تحت قبضة الاحتلال العسكري الإسرائيلي!!!

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...