موسى يكسر حصار غزة: المصالحة الفلسطينية ملف أساسي
دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، أمس، خلال زيارة وصفت بـ«التاريخية» لقطاع غزة، إلى رفع الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، مشدداً على ضرورة الاتفاق على «مختلف الأمور التفصيلية» لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية. وحملت زيارة موسى لغزة، وهي الأولى لمسؤول عربي على هذا المستوى منذ أن سيطرت حركة حماس على القطاع في العام 2007، بادرة أمل للفلسطينيين المحبطين من الحصار والانقسام وآثار الحرب الإسرائيلية المدمّرة، كما عكست توجها عربياً، قد يكون جدياً هذه المرة، لاستكمال حملة رفع الحصار التي خطّتها دماء شهداء «أسطول الحرية».
وحدد موسى، فور وصوله إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، هدفين أساسيين لزيارته هما الحصار والمصالحة. وأوضح أنّ «المصالحة الفلسطينية ملف أساسي لدى الجامعة، ولا بد من أن تترجم بالاتفاق على مختلف الأمور التفصيلية»، مشيراً إلى أنّ «التاريخ لن يقف عند كلمة هنا أو هناك بل عند إرادة من قبل الجمـــيع». كـما شــدد علــى أن
«الحصار يجب أن يكسر ويرفع»، لافتاً إلى أنّ «قرار جامعة الدول العربية واضح تماما في كسر الحصار وفي المطالبة برفعه».
وخلال مؤتمر صحافي مقتضب أعقب لقاءه برئيس الوزراء الفلسطيني المقال إسماعيل هنية في منزل الأخير في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة، لتفادي الاعتراف الرسمي بحكومة حماس، قال موسى أن البحث تناول «الواقع الفلسطيني والعلاقات بين الفصائل الفلسطينية المختلفة ومستقبل الفلسطينيين والحصار».
من جهته، أوضح هنية أنه تناول مع موسى أفكارا جديدة لتحقيق المصالحة الفلسطينية. ووصف زيارة موسى بأنها «تاريخية وخطوة عملية على طريق كسر الحصار»، داعيا إلى «استثمار المناخ الدولي والإقليمي لرفع وإنهاء الحصار عن قطاع غزة».
وقال القيادي في حماس إسماعيل رضوان ، إن موسى حمل في جعبته رسالة واضحة، مفادها أن الزيارة «مقدمة لكسر الحصار كليا» وأن «الحصار سينتهي بلا رجعة». وأضاف أن الأمين العام للجامعة «اطلع من هنية على الأوضاع في غزة والمحطات المؤلمة التي يمر بها شعبنا»، كما شدد على أنّ «هناك إجماعا على تطبيق قرارات الجامعة العربية في ما يتعلق بإنهاء الحصار إلى الأبد».
وكان موسى استهل جولته في قطاع غزة بزيارة عائلة السموني في حي الزيتون شرقي مدينة غزة. وقال مسؤولون فلسطينيون رافقوا موسى في جولته إنه كاد يذرف الدمع حين التقى بذوي شهداء هذه العائلة، التي خسرت قرابة 50 من أبنائها في مجزرة ارتكبتها قوات الاحتلال خلال عملية «الرصاص المسكوب». كما استمع إلى شهادات حية من أسر الشهداء في حي الزيتون وعزبة عبد ربه (شرق بلدة جباليا)، ومدرسة الفاخورة التي ارتكبت فيها قوات الاحتلال مجزرة أودت بحياة 40 فلسطينيا.
الفرحة بزيارة موسى عكسها اصطفاف عشرات الفلسطينيين في المناطق التي زارها. وقد حمل هؤلاء لافتات ترحب بالأمين العام للجامعة، وأخرى تضمنت دعوات إلى أن يكون هناك قرار عربي جدي ينهي الحصار والانقسام ويسهم في إعمار قطاع غزة. في المقابل، عكست ردود فعل الفلسطينيين في الشارع تشكيك الغزيين بقدرة الجامعة العربية على تغيير الوضع المؤلم في القطاع.
وقال محمد موسى (22 سنة)، وهو مربي دواجن من مدينة غزة: «نتمنى أن تؤدي الزيارة إلى فك الحصار وفتح المعابر، لكن ليس لدينا أمل في أن يتحقق شيء، لأن الدول العربية وممثليها منافقون، فهم يقولون ولا يفعلون، ونحن ليس لنا سوى الله والدول العربية، ونتمنى أن يفعل موسى شيئا مختلفا». وأضاف «أنا أعمل بيومية مقدارها 10 شواكل (حوالي دولارين) فهل سيعمل السيد موسى على فتح المعابر، أو دعوة الدول العربية إلى فتح أسواقها لنا ليتغير الحال؟».
أما أمل مصطفى، وهي ربة منزل، فقالت إنّ «زيارة موسى خلاصتها تيتي تيتي زي ما رحتي زي ما جيتي. هو لن يفعل شيـئا... نحن نسمع من العرب الكثير منذ أكثر من 60 عاماً، لكن أحداً منهم لم يقدم شيئا لنا، كل ما يقولونه مجرد كلام فارغ».
من جهته، قال محمود القاعود، وهو مواطن من غزة، إنّ «زيارة موسى جاءت متأخرة جدا، وليس لها أي قيمة»، معتبرا أنه «كان من الأولى له أن يزور غزة بعد الحرب مباشرة، أو أن يأتي إلينا بعد كل هذا الوقت حاملا بشرى واحدة مفادها ألا حصار بعد اليوم، ومعه اسمنت وحديد لاعمار بيوتنا التي دمرت، لكن لا شك أن زيارته أيضا تحمل أملا ولو بسيطا».
وأعربت الفصائل الفلسطينية عن أملها في أن تشكل الزيارة بداية حقيقية لإنهاء الحصار الإسرائيلي عن القطاع. واعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن قرار الجامعة العربية برفع الحصار عن غزة «يحتاج لخطوات عملية»، لافتة إلى أنّ «العرب لديهم الكثير من أوراق الضغط لتنفيذ ذلك».
يذكر أن موسى سبق أن زار غزة مرتين، الأولى في العام 1996 حيث أشرف على أول انتخابات تشريعية بعد إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية، والثانية في العام 1999 حيث حضر حفل افتتاح مطار غزة الدولي.
وفي القاهرة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية أن حكومته تأمل في أن تكون زيارة موسى «خطوة مهمة وحاسمة في سبيل التعجيل بتحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الفلسطيني»، مشيراً إلى أنّ «مصر تنظر إلى هذه الزيارة كما ينظر لها العرب جميعا، ليس فقط من زاوية رمزيتها ودلالتها الكبيرة، ولكن أيضا لما يمكن أن تحققه فعليا من دفع مطلوب لموضوع المصالحة الفلسطينية التي تعتبر أولوية مصرية وعربية يجب العمل على إنجازها في أسرع وقت».
إلى ذلك، أعلن البيت الأبيض أن واشنطن تأمل أن تنهي إسرائيل «سريعا» التحقيق في شأن الهجوم على «أسطول الحرية»، وذلك بعد أن أعلن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية عن خطة لتشكيل لجنة تحقيق في الأحداث التي رافقت مجزرة الأسطول، ضمت ثلاثة إسرائيليين وعنصرين «أجنبيين»، على أن تعرض على الوزراء الإسرائيليين اليوم للمصادقة عليها.
واعتبر المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس، في بيان، ان الاقتراح الإسرائيلي بإجراء تحقيق «خطوة مهمة إلى الأمام»، مشددا على ان اسرائيل قادرة على اجراء تحقيق «نزيه» في الهجوم على الاسطول. واضاف «ولكننا لن نصدر حكما مسبقا على العملية او نتيجتها وسننتظر اجراء التحقيق ونتائجه قبل اعلان استنتاجات اخرى».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد