أكبر مخطط منذ الـ67 لمصادرة الأملاك الفلسطينية واستيطانها
كثفت إسرائيل من مساعيها الرامية لحسم الصراع في مدينة القدس المحتلة وإلغاء البعد العربي فيها أو تقليصه إلى أبعد مدى. وكشفت صحيفة «هآرتس» النقاب، يوم أمس، عن مخطط هيكلي شامل للمدينة، هو الأول من نوعه منذ احتلال القدس الشرقية في حرب حزيران العام 1967. ويشكل هذا المخطط الهيكلي الإطار العام للنشاطات الإسرائيلية في المدينة بقصد تهويدها وعدم ترك التهويد لأفراد أو لمنظمات استيطانية محددة.
وبحسب ما نشر يوم أمس، فإن المخطط لا يرمي الى تنظيم المدينة، وإنما إلى توسيع التغلغل اليهودي في القدس الشرقية التي أجبرت على أن تكون «المجال الحيوي» للتمدد السكني بعدما تمّ الإعلان عن المناطق الغربية محميات طبيعية يحظر السكن فيها. وبإقرار هذا المخطط تكتمل عملية الضم الفعلي والإداري التي أجريت على القدس الشرقية بقرار من طرف واحد من الكنيست الإسرائيلي.
وأشارت «هآرتس» إلى أن المخطط الهيكلي الجديد يرمي إلى مصادرة ما تبقى من الأملاك العربية الخاصة في القدس الشرقية بعدما كانت إسرائيل قد استولت على الأملاك العامة فيها. ويعتبر إيداع الخطة وعرضها من أجل الاعتراض عليها خلال ستين يوما، الخطوة شبه النهائية قبل إقرارها نهائيا.
وبحسب «هآرتس» فإن المخطط الهيكلي الجديد للقدس يحل محل مخطط هيكلي كان قد أقر في العام 1959. وقد عكف على إعداد هذا المخطط عشرات المهندسين طوال أكثر من عقد من الزمن. ولم يثر إعداد المخطط سجالا طوال تلك الفترة، لكن من المؤكد أن ضجة سياسية سوف تثار الآن نظرا لأن موضوع تهويد القدس قد بات موضوعا على نار سياسية حامية.
ففي إسرائيل معسكر، هو الأقوى، يحاول أن يفرض وقائع على الأرض. ورغم أن هذا المنطق كان ساريا في القدس والمناطق المحتلة عموما على مر السنين، إلا أنه يكتسب اليوم أهمية خاصة في ظل الضغط الدولي لوقف الاستيطان، فالتوجه العملي الإسرائيلي للاستيطان وخصوصا في القدس صار نوعا من التحدي للإرادة الدولية وللعملية السياسية أكثر من أي وقت مضى. وعلى الأقل من الناحية العلنية، تحاول إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إظهار اعتراضها على استمرار الاستيطان، وصارت تؤكد أنه يمثل عقبة حقيقية أمام السلام. ومؤخرا، شددت إدارة أوباما على الحكومة الإسرائيلية أن تمنع أي تغيير في الوضع القائم في القدس إلى حين الانتهاء من مفاوضات التسوية النهائية.
وأوردت رابطة «عير عميم» اليسارية العديد من جوانب المخطط الهيكلي الجديد. وقالت انه يسلب الفلسطينيين في المدينة حقهم ويسمح ببناء 13500 وحدة سكنية لهم في شرقي المدينة حتى العام 2030 وهو عدد يقل كثيرا حتى عن نصف حاجة الفلسطينيين في المدينة. ويحصر المخطط الهيكلي البناء العربي في المدينة، فقط في جنوب القدس وشمالها، ويمنع البناء في الوسط أي بما يحيط بالبلدة القديمة. ورغم الحديث عن سماح بالبناء، فإن المخطط يضع الكثير من العراقيل أمام العرب وتوسيع أحيائهم.
وبالعكس، فإن المخطط الهيكلي يضع أغلب التوسع في البناء لليهود خلال السنوات المقبلة في شرقي المدينة. ويظهر المخطط الهيكلي الجديد ليس فقط ما تم القيام به، بل النيات الفعلية للضم الذي يحول دون إمكان ضم القدس الشرقية للدولة الفلسطينية. وعلى الرغم مما يشاع الآن عن نية إسرائيل إنشاء «حديقة الملك» في سلوان وهدم البيوت العربية هناك، إلا أن المخطط الهيكلي يشير إلى إقامة مبان سكنية في هذه المنطقة.
ويتحدث المخطط الهيكلي الجديد عن إنشاء حوالى 50 ألف وحدة سكنية بينها 13500 للعرب، بشرط حل العديد من المشاكل التي تعتبر صعبة الحل، مثل تنظيم الطرق ومد خطوط الصرف الصحي.
ومن المهم الإشارة إلى أن البناء الإسرائيلي في القدس الشرقية، تم خلال أكثر من أربعين عاما من دون مخطط هيكلي. والمعروف أن القدس الشرقية باتت مليئة بالمستوطنات وخصوصا بعدما تم تمديدها شرقا باتجاه أريحا، وشمالا باتجاه رام الله، وجنوبا باتجاه الخليل. بل إن البناء الاستيطاني في «معاليه أدوميم» بات فعليا يمنع التواصل الجغرافي بين شمالي الضفة وجنوبها.
وقد تم يوم أمس كشف النقاب عن أن بلدية القدس برئاسة نير بركات، تعمد لإقرار خطط، ولو متسرعة، من أجل الإيحاء أن إسرائيل ليست «جمهورية موز»، وأنها لا تأتمر بأوامر الإدارة الأميركية.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد