عباس ضجر أخيراً من المفاوضات:نتنياهو يتجاهل تماماً كل ما نطرحه
عرض الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع ستة صحافيين إسرائيليين خلاصة تجربته التفاوضية واحتمالات السلام كما يراها في ظل حكومة بنيامين نتنياهو. وقد اختارت «هآرتس» عنوانا لما سمعته: «أبو مازن يريد التفاوض مع الجمهور الإسرائيلي». أما «إسرائيل اليوم» فأشارت إلى قول أبي مازن: «لقد ضجرت من العملية التفاوضية، وعلينا أن ننتهي من الأمر». لكن «يديعوت أحرونوت» عنونت مقالتها حول اللقاء بـ«إلى أن يخرج الدخان الأبيض» في حين أن «معاريف» اختارت عنوان «الرئيس يتهم».
يبدأ مراسلا «يديعوت» سمدار بيري وروني شكيد بالحديث عن خيبة أمل عباس من الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي دفعته إلى البحث عن شركاء جدد هم رؤساء المنظمات اليهودية في أميركا. ولا تخفي «يديعوت» تقديرها أن لقاء نتنياهو الوشيك مع الرئيس الأميركي باراك أوباما هو الدافع لحديث عباس مع الصحافة الإسرائيلية. ويشرح عباس أنه سلم قبل شهر الوسيط الأميركي جورج ميتشل ورقة تتضمن موقف السلطة الفلسطينية في الموضوعين المركزيين: الأمن والحدود. ويقول ان ذلك تم بهدف منع انفجار المفاوضات مع نتنياهو. وأضاف «منذ نقلت الوثيقة لم أتلق جوابا من نتنياهو. لم يجب البتة. آمل الآن أن ينجح الرئيس اوباما إن شاء الله مع نتنياهو في الموضع الذي لم أنجح فيه بأن أحرك الأمور أو أقدمها. أنا أشد على يد اوباما ليحرك نتنياهو إلى شيء ايجابي. وأنا ألتزم أنه في اللحظة التي يظهر فيها تحرك ايجابي في الموضوعات التي تتحدث عنها الوثيقة، فلن تكون عندي مشكلة أو عائق عن لقاء نتنياهو».
وتشدد «معاريف» على أن خيبة عباس من نتنياهو تعود إلى «كونه يتجاهل تماما كل ما نطرحه»، بحسب قوله. وهو يوجه له الاتهامات من دون تردد: «لم نحصل من نتنياهو حتى على أي مؤشر واحد يدل على التقدم». وتواصل الحديث عن ورقة العمل حول الأمن والحدود وقول عباس انه «إذا ما تحقق اتفاق في هذين الموضوعين فستستأنف المفاوضات المباشرة... لكن حتى الآن لم نتلق ولا مؤشرا واحدا يدل على التقدم في هذين الموضوعين».
وتنقل «معاريف» عن عباس قوله انه في عهد ايهود أولمرت تم الاتفاق مبدئيا على أن «الأراضي المحتلة» تتضمن قطاع غزة والضفة الغربية، موضحاً «اتفقنا على أن الضفة تتضمن شرقي القدس، البحر الميت، نهر الأردن، والأراضي الحرام. وعلى هذا الأساس بدأنا نتبادل الخرائط والوثائق مع حكومة أولمرت كي نبلور اتفاقا». ويروي عباس أنه نقل كل الوثائق والخرائط إلى ميتشل، الذي سلمها بدوره إلى نتنياهو، «لكن حتى الآن لم يأتِ أي جواب من الطرف الإسرائيلي».
ويتابع أبو مازن: «بالنسبة للموضوع الأمني، قلنا إنه لا مانع لدينا أن يكون طرف ثالث في المناطق الفلسطينية. هذه القوة ستكون بحجم نتفق عليه وتستقر في نقاط نتفق عليها. سألوني عن أي طرف ثالث يدور الحديث. فقلت: كل من نتفق عليه. كان هناك من اقترح الناتو، وآخر من اقترح اليونيفيل أو أي طرف آخر».
ويواصل عباس: «لم أعارض مبدئيا اي أحد. كان عندي فقط شرط واحد: عندما نصل إلى هذه النقطة يجب ألا يبقى أي إسرائيلي على أرضنا. إسرائيل تريد أمنها وأنا أريد سيادة». هنا أيضا، يقول عباس إن كل المعطيات والوثائق نقلت إلى ميتشل، الذي سلمها إلى نتنياهو، و«أنا لا أزال انتظر أن أتلقى منه جوابا أو إشارة ما». وشدد عباس في اللقاء على أن اقتراحاته لإسرائيل واضحة: حدود ترتكز على خطوط الرابع من حزيران في الضفة وغزة والقدس والبحر الميت وغور الأردن، وتعديلات حدودية ممكنة وفق مبدأ تبادل أراضي واحد في مقابل واحد، ونشر قوات دولية كجزء من الاتفاق الدائم لإقامة دولة فلسطينية.
وأشارت «هآرتس» إلى أن عباس اعترف في اللقاء بأن عائلته تضغط عليه من أجل اعتزال الحياة السياسية وأكد أنه سيفي بوعده في عدم التنافس في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وأقر بأن المصاعب التي تعترض العملية السياسية تدفع الفلسطينيين إلى التخلي عن حل الدولتين. وناشد الجمهور الإسرائيلي قائلا: «لا تدعوني أفقد الأمل. فعلا إنني أحيانا أفقد الأمل». واعترف عباس بأن عبارة وزير الخارجية الإسرائيلية الأسبق أبا إيبان بأن الفلسطينيين لا يضيعون فرصة لتضييع فرصة صحيحة. وأضاف «حتى اليوم أنا آسف لأننا رفضنا مشروع التقسيم في العام 1947. والآن أنا أقول لكم أيها الإسرائيليون: لا تضيعوا الفرصة التي منحتها لكم الجامعة العربية بمبادرتها السلمية».
وأكد عباس أنه على علم بالضغوط الداخلية التي تمارس على نتنياهو، لكنه شدد على أن ذلك ليس حكرا على الجانب الإسرائيلي. وأضاف «لدي مشاكل صعبة أكثر من نتنياهو. نتنياهو يقول ان لديه ائتلافا متضعضعا ولكن حولي توجد قيادة متضعضعة. المقربون مني يقولون لي كل الوقت أوقف محادثات التقارب. كما أن الدول العربية تمارس الضغط عليّ. أحيانا أجد نفسي وحيدا، من دون أي سند. رغم ذلك فاني أواصل المفاوضات».
إلى ذلك، ابلغ الرئيس الفلسطيني محمود عباس ميتشل، خلال لقائهما أمس في رام الله، انه لا يمكن التقدم بالمفاوضات من دون اقرار اسرائيل بحدود الاراضي الفلسطيني التي احتلتها عام 1967. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، ان عباس اصر كذلك على ان «تمتنع اسرائيل عن ممارساتها هدم المنازل في القدس ووقف سحب هويات المواطنين المقدسيين والوقف التام للاستيطان».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد