نتنيـاهـو: المفـاوضـات المباشـرة بعـد أسـبوعيـن
بعد تهديدات مباشرة وجهها الرئيس الاميركي باراك اوباما الى السلطة الفلسطينية، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، أن هناك مناخاً دولياً مريحاً لإجراء مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والسلطة، متوقعاً أن تبدأ هذه المفاوضات في منتصف شهر آب الحالي، وهو ما لم يؤكده المسؤولون الفلسطينيون الذين كانوا يرددون ان المفاوضات غير المباشرة لم تحقق اي تقدم يبرر الانتقال الى التفاوض المباشر وكانوا يصرون على استكمال التفاوض غير المباشر حتى نهاية ايلول المقبل للتحقق على الاقل من التزام الحكومة الاسرائيلية بتمديد تجميد الاستيطان في القدس وبقية الاراضي الفلسطينية المحتلة.
في هذا الوقت أشاعت إسرائيل أجواء حرب جديدة على قطاع غزة، بعدما شنت طائراتها سلسلة غارات أسفرت عن استشهاد مسؤول بارز في حركة حماس وإصابة 11 آخرين بجروح، وهددت بـ«رد صارم» على إطلاق الصواريخ من القطاع، فيما أصدر جيش الاحتلال قراراً بالاستيلاء على المزيد من الأراضي في قرية قطنة قرب القدس المحتلة من أجل استكمال بناء جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية.
وقال نتنياهو، لدى افتتاحه الاجتماع الأسبوعي لحكومته: «لقد أجرَيت في الأسابيع الأخيرة محادثات مع العديد من قادة العالم، وقد حققت هذه المحادثات هدفا واحدا وهو خلق مناخ دولي مريح أكثر للبدء في مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين». وأضاف «إني أدعو أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) إلى البدء في محادثات سلام، والاستجابة لدعوة المجتمع الدولي من خلال الحفاظ على الترتيبات الأمنية كشرط أساسي».
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن نتنياهو تقديره، خلال اجتماع وزراء حزب الليكود صباح أمس، أن المفاوضات المباشرة ستبدأ في منتصف شهر آب الحالي، لكنه أشار إلى انه لم يتلق أية خطة فلسطينية للسلام حتى الآن.
وكان رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات أكد، في مقابلة أجرتها معه صحيفة «هآرتس»، أنه سلم المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل تفاصيل خطة سلام فلسطينية، طالباً منه إبلاغها للجانب الإسرائيلي.
وأوضح عريقات أنّ الخطة المقترحة «أفضل» من تلك التي قدمت لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ايهود أولمرت، لكنه رفض الكشف عن مضمونها، مكتفياً بالقول «إننا استعرضنا وثائق رسمية أمام السيناتور ميتشل، وسلمناه خرائط وأوراقا توضح مواقفنا حيال الاتفاق الدائم: الحدود والقدس واللاجئون والمياه والأمن وإنهاء الصراع... لكننا لم نتلق حتى الآن أي رد من الجانب الإسرائيلي».
يذكر أن أولمرت كان قد اقترح خلال المفاوضات التي أجراها مع عباس في العام 2008، انسحاب إسرائيل من 93 في المئة من أراضي الضفة الغربية، وتبادل أراض بحيث يحصل الفلسطينيون على أراض داخل الخط الأخضر تعادل نسبتها 5.5 في المئة من مساحة الضفة الغربية، في مقابل ضم إسرائيل الكتل الاستيطانية إليها.
كما اقترح أولمرت انسحاب إسرائيل من قسم من الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية، وفرض نظام دولي على البلدة القديمة ومحيطها، وعودة رمزية للاجئين بحيث يسمح بعودة 20 ألف لاجئ على مدى عشـر سنوات.
- وفي القاهرة، نقل المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير سليمان عواد عن الرئيس حسني مبارك قوله، خلال لقائه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، إن «هناك رغبة أكيدة في التوصل إلى سلام بإطلاق مفاوضات مباشرة (بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية) بعدما أعطت لجنة المتابعة العربية الضوء الأخضر للرئيس الفلسطيني محمود عباس للانتقال من التفاوض غير المباشر إلى التفاوض المباشر»، لكنه شدد على «ضرورة أن تكون هذه المفاوضات جدية ومستمرة وذات إطار زمني محدد ومرجعيات واضحة».
وأضاف عواد إنّ «هناك كثيرا من الاستحقاقات على الأرض في إطار الإجراءات المطلوبة من إسرائيل لبناء الثقة، سواء في الضفة الغربية، مثل وقف الاقتحامات ورفع الحواجز وتسهيل انتقال المواطنين وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني... أو في قطاع غزة مثل إنهاء حالة الحصار، الذي يسبب معاناة لأكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني هم سكان القطاع». واعتبر عواد أن وقف بناء المستوطنات «يدخل في إجراءات بناء الثقة المطلوبة»، معتبراً أنه «ينبغي على الإدارة الأميركية أن ترعى بحسن نية وجدية المفاوضات التـــي دعت إليها، وأن يأخـــذ هذا الالتزام الأميركي بالسلام نهجا يثبت على أرض الواقـــع أن الولايات المتحدة راعية للسلام بحياد وتجرد».
- إلى ذلك، نفت عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي ما نقلته صحيفة «هآرتس» عن لسانها، بأن الولايات المتحدة هددت بقطع العلاقات مع الــسلطة الوطنية ما لم يوافق عباس على العودة إلى مفاوضات مباشرة مع إسرائيل.
وقالت عشراوي، في بيان صحافي، إن «هذه التصريحات عارية عن الصحة»، وإنها «لم تدل بها لأية وسيلة إعلامية سواء إسرائيلية أو فلسطينية»، معتبرة ان هذه المعلومات «ما هي إلا محاولات تشويه مغرضة».
وكانت صحيفة «القدس العربي» نقلت أيضا عن عشراوي أن ضغوطا «كبيرة جداً» مورست على عباس والدول العربية للموافقة على الذهاب للمفاوضات المباشرة. ونسبت الصحيفة إلى عشراوي قولها إنّ «الضغوط وصلت إلى حد الابتزاز، بمعنى أن الولايات المتحدة هددت بوقف دعمها للوصول إلى حــــل الدولتين إذا لم يدخل الفلسطينيون في مفــــاوضات المباشرة، كما ألمحت بوقف المعـونات الدولية عن السلطة الفلسطينية».
وكان مسؤولون فلسطينيون كشفوا النقاب عن أنّ عباس تلقى رسالة من الرئيس الأميركي باراك أوباما دعاه فيها إلى البدء بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل، محذرا من ان عدم القيام بذلك سيضر بالعلاقة الأميركية الفلسطينية.
وقال عريقات إن «الرسالة تسلمها الرئيس (عباس) في السادس عشر من الشهر الجاري، ويدعونا فيها اوباما للدخول في المفاوضات المباشرة التي ستؤدي إلى تحقيق حل الدولتين»، مضيفاً أنّ «الرسالة تضمنت ان الإدارة الأميركية ستعمل على وقف الاستيطان إذا بدأت المفاوضات المباشرة، لكن دورها سيكون اقل إذا لم يتم ذلك».
غير أنّ مسؤولاً فلسطينياً آخر أشار إلى أنّ «اوباما حذر في رسالته عباس من ان رفضه الانتقال إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل الشهر المقبل ستكون له تبعات على العلاقات الأميركية الفلسطينية». وأوضح أن البند الثالث في الرسالة (التي تضمنت 16 بنداً) شدد على انه «ستكون هناك تبعات لهذا الرفض، تتمثل في انعدام الثقة بالرئيس عباس والجانب الفلسطيني، ما يعني تبعات أخرى على العلاقات الأميركية الفلسطينية»، مشيراً إلى أنّ الرئيس الأميركي أكــــد أنه «لن يقبل بالتــوجه إلى الأمم المتحدة بديلا من الانتقال إلى المفاوضات المباشرة».
-في غضون ذلك، أصدر جيش الاحتلال أمراً عسكريا بالاستيلاء على المزيد من أراضي قرية قطنة الواقعة شمالي غربي القدس المحتلة، وذلك لصالح جدار الضم والتوسع العنصري.
وقال رئيس المجلس المحلي في القرية حسن أبو زايدة إن سلطات الاحتلال سلمته نسخة عن الأمر، مرفقاً بخرائط التعديل، بواسطة أحد العمال الذين يعملون داخل إسرائيل، مشيراً إلى أنّ المحلي يعمل على رفع الموضوع للجهات المعــــنية في السلطة الفلسطينية من أجل التصدي لهذا القرار، في وقت أقـــام سكـــان القرية خيمة اعتصام في الأراضي المهددة بالمصادرة.
يذكر أن الجدار الإسرائيلي يحاصر بلــدة قطنــــة من الجهات الأربع، وقد صادر حتى الآن أكثر من 60 في المئة من أراضيها.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد