حرب بالوكالة في الشرق الأوسط
قالت مجلة نيوزويك إن الولايات المتحدة بصدد بيع السعودية نحو 84 طائرة متقدمة من طراز "أف15"، وتعلق بأن هذا الأمر لم يعد يشكل هاجسا لإسرائيل كما كان في السابق، ولا سيما أنها علمت بأن هذه الطائرات ليست مجهزة بقدرات صاروخية بعيدة المدى، مشيرا إلى أن العداوة بين إسرائيل والسعودية لم تعد كما كانت عليه في السابق.
وأضافت المجلة في مقال للمراسل الصحفي لي سميث -الذي يعمل مراسلا في الشرق الأوسط لعدة صحف أميركية بارزة- يحمل عنوان "لدينا حرب بالوكالة في الشرق الأوسط"، أن ميزان القوى في المنطقة تغير وقد يشهد تغيرا جديدا أيضا في فترة قصيرة.
وتاريخيا كانت إسرائيل تشتط غضبا عندما تقوم الولايات المتحدة ببيع أسلحة لخصومها مثل السعودية، وكانت صفقة 1981 هي الأكثر شهرة إذ حصلت الرياض بموجبها على طائرات من نوع أواكس في عهد الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان الذي اضطر –بسبب المعارضة الإسرائيلية- للتدخل لدى الكونغرس للحصول على الموافقة.
وكانت تلك الصفقة في غاية الأهمية بالنسبة لواشنطن -حسب تعبير الكاتب- لأنها تأتي بعد عامين من الإطاحة بشاه إيران وخسارة أهم حليف أميركي في منطقة الخليج الغنية بالنفط.
فبعدما خسرت الولايات المتحدة الحليف الإيراني، بادر رئيسها جيمي كارتر بنشر قوات التدخل السريع، وهو ما يظهر ضرورة توفير الحماية للحقول النفطية في السعودية من الأعداء "الحقيقيين"، كما فعلت واشنطن لدى احتلال الرئيس العراقي الراحل صدام حسين للكويت.
ويذكر الكاتب أن إسرائيل أيضا خسرت حليفا في طهران لدى سقوط الشاه وكسبت عدوا في الجمهورية الإسلامية، وأشار إلى أن إيران تقاتل إسرائيل منذ ثلاثة عقود عبر حزب الله.
وهنا خلص سميث إلى أنه إذا استطاعت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن تنام في الليل مع علمها أن لدى السعودييين طائرات "أف15" فذلك لأن السعودية لم تعد في حقيقة الأمر عدوا بعد الآن.
فتل أبيب والرياض متفقتان إلى جانب واشنطن على أن إيران تشكل التهديد الإستراتيجي الرئيسي، وهذا ما يجمعها كحلفاء بحكم الأمر الواقع.
ويرى الكاتب أن ذلك يفسر السبب الذي دفع أصدقاء إسرائيل في واشنطن لإقناع الكونغرس بتعليق المساعدات العسكرية للجيش اللبناني الذي يعتقد أنه مسؤول عن قتل ضابط إسرائيلي في الاشتباكات الأخيرة، بحجة أن حزب الله يخترقه.
غير أن صناع السياسة الأميركيين يخشون أنهم إذا لم يقدموا شيئا للجيش اللبناني فلن يملكوا نفوذا لصياغة مستقبل لبنان بما يخدم المصالح الأميركية.
وينبه سميث إلى أن صفقات الأسلحة الأميركية مع الدول العربية كانت على مر التاريخ مدفوعة بتجارب سياسية وبالاحتياجات الأمنية لتلك الدول، وأن الدعم العسكري الأميركي للدول العربية ما هو إلا دليل على أن الأميركيين يعلمون كيفية التعاطي مع الأصدقاء نوعا ما.
فقد دأبت واشنطن على تقديم الدعم العسكري للأردن منذ 1950، ولكن بعدما أثبت الملك عبد الله الثاني ولاءه في حرب إدارة جورج بوش على الإرهاب (تعاون استخباراتي منقطع النظير)، وساعد في الحرب بالعراق (في مواجهة المعارضة الأردنية الداخلية)، جعلت واشنطن من المملكة الأردنية متلقيا رئيسيا للمساعدات العسكرية.
ففي العام 2007 حدثت الولايات المتحدة أسطول طائرات أردني من طراز أف16 (ذي محرك واحد)، وقدمت شبكات للاتصالات العسكرية والاستخبارية وطائرات من طراز بلاك هوك، ضمن حزمة بلغت نصف مليار دولار.
وبعدما وقعت مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل كافأتها أميركا بمساعدات عسكرية كبيرة بلغت 1.3 مليار دولار من أصل مليارين تقدم سنويا لمصر، وذلك لضمان بقاء النظام الحاكم في السلطة مقابل التعاون الأمني والاستخباراتي، والأهم من ذلك استمرار السلام مع إسرائيل.
فالإستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط تقوم منذ أربعة عقود على فكرة بسيطة هي أن الجميع في المنطقة يعلم بأنه لا طائل من شن الحرب على إسرائيل لأن واشنطن تقف وراءها.
ويخلص الكاتب إلى أن العرب أكثر من الإسرائيليين قلقا من النووي الإيراني، وإذا لم تردع واشنطن الإيرانيين وتحافظ على الترتيبات الأمنية التي بدت واضحة منذ إدارة كارتر، فإن إسرائيل قد تقوم بذلك بنفسها.
المصدر: الجزيرة نقلاً عن نيوزويك
إضافة تعليق جديد