كيف تعيد صفقات التسلح رسم خريطة الشرق الأوسط
اعتبرت صحيفة «كريستــيان ساينس مونيتور»، أن صفقة التسلح الضخمة بين الولايات المتحدة والسعودية (60 مليار دولار) عبارة عن محاولة للضغط على إيران، خاصة عبر تقوية حلفاء واشنطن في المنطقة القلقين من «صعود» إيران.
وأوضحت الصحيفة أن دول الخليج العربية رفعت من نسبة شراء الأسلحة من الولايات المتحدة لمواجهة إيران وتهديدات أخرى في المنطقة. كما تظهر الصفقات إلى أي مدى أصبحت واشنطن تعتبر دول الخليج الحليفة أساسا في عملية احتواء إيران.
ما هي ابرز صفقات التسلح؟
باعت الولايات المتحدة بين العامين 2005 و2009، دول مجلس التعاون الخليجي أسلحة بقيمة 37 مليار دولار، وذلك بحسب مكتب المحاسبة الأميركي. أما الصفقة الأميركية الأحدث مع السعودية، فهي بقيمة 60 مليار دولار، وتشمل شراء 84 مقاتلة «أف 15» وتحديث 70 أخرى، بالإضافة إلى شراء 3 أنواع من المروحيات: 72 «بلاك هوك»، و70 «أباتشي» و36 «ليتل بيرد». وقد تضاف إليها صفقة أخرى بقيمة 30 مليار لتطوير القدرات البحرية للسعودية. كذلك، من المتوقع أن توافق الولايات المتحدة العام المقبل على بيع دولة الإمارات نظاما للدفاع الصاروخي، بقيمة 7 مليارات دولار.
وانضمت روسيا إلى عملية بيع الأسلحة إلى الشرق الأوسط، وكانت وافقت في العام 2007 على بيع صواريخ «ياخونت» المضادة للسفن إلى سوريا، وهو أمر عارضته إسرائيل بشدة، بحجة أن هذه الصواريخ قد تصل إلى «حزب الله»، لكن موسكو أكدت في أيلول الماضي أنها ستمضي في الصفقة، بينما ألغت بيع طهران نظام «أس 300» المضاد للطائرات، بحجة «عدم انتهاك عقوبات الأمم المتحدة على إيران». وكانت طهران اشترت، خلال العقد الماضي، أسلحة روسية بقيمة 5 مليارات دولار.
كيف تساعد صــفقات الأسلحة مصالح واشنطن؟
يجادل العديد بان الهدف الرئيسي وراء الصفقة الأميركية مع السعودية، هو قلق واشنطن من تصاعد قوة إيران والشكوك حول أنها تطور أسلحة نووية. إن قلق واشنطن يتزايد، وهي ترى في دول الخليج، وخاصة السعودية، شريكا أساسيا يساعدها على احتواء إيران.
ويعتبر الخبير في شؤون الشرق الأوسط في «مجلس العلاقات الخارجية» طوماس ليبمان أن الصفقة الأميركية ـ السعودية رسالة إلى الإيرانيين من انه إذا تحركت طهران باتجاه بناء سلاح نووي فان «الرد سيكون عبر تقوية المنافسين والأعداء بطريقة تؤدي إلى إضعافهم بشكل كامل»، كما أن الصفقة تهدف إلى ثني السعوديين عن الحصول على أسلحة نووية. وأضاف «جزء من الذي تقوم به الإدارة (الأميركية) هو إقناع السعودية بأن باستطاعتنا الاهتمام بأمنهم من دون أن تكون بحوزتهم أسلحة نووية». كما أن الصفقة ستؤدي إلى الحفاظ على 75 ألف وظيفة في الولايات المتحدة.
ماذا سيكسب العرب؟
بالإضافة إلى تقوية قدرات دول الخليج العسكرية، فإن صفقات التسلح تقوي العلاقة الأمنية بين واشنطن ودول مجلس التعاون الخليجي. ويقــول مديــر البحــوث والــتطوير في معهد الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري تيودور كاراسيك «اعتقد أن الرسالة قد وصلت، وهي أن الولايات المتحدة قدمت إلى دول مجلس التعاون الخليجي ضمانا بأنها درع دفاعي لهم. إن أمنهم في النهاية قد أصبح مضمونا».
ويرى الخبير في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» الأميركي انطوني كوردسمان أن بيع أسلحة متطورة للسعودية يعني أن التعاون مع الولايات المتحدة، على صعيدي الصيانة والتدريب، سيتواصل لعشر سنوات مقبلة على الأقل.
كاراسيك يحذر من التركيز فقط على العامل الإيراني، معتبرا أن دول الخليج تقيم احتياجاتها الأمنية «بناء على تهــديدات مختلفة»، مشيرا إلى أن «دول مجلس التعــاون تواجــه تــهديدات ليس فقط مــن دول، لكن من جهات غير حكومية أيضا»، موضحا أن التهديدات تتمحور «من إيران إلى الحوثيين (في اليمن) وتنظيم القاعدة وجــهات منشقة. كما تتضمن مثلا مراقبة الحدود جــوا وأرضا وبحرا»، مشيرا إلى أن المروحيات التي طلبتها السعودية من واشنطن ستكون فعالة في أي معركة مقبلة مع الحوثيين.
كيف كان يمكن لدول الخليج الاستفادة من مثل صفقات التسلح في الماضي؟
يوضح كوردسمان أن السعودية أظهرت أنه بإمكانها استخدام نظام «باتريوت» وطائرات «أف 15» بشكل جيد، مضيفا انه بينما لدى الرياض مشكلة في تشغيل بعض أسلحتها «فان لدى الجميع مشاكل، حتى الولايات المتحدة». ووصف كاراسيك الأداء السعودي «بالجيد جدا»، لكنه أضاف «قد يكون هناك بعض الأسئلة حول القدرة البشرية والاستمرارية».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد