«ويكيليكس»: تركيا تنظر إلى الأسد على أنه إصلاحي يواجه متشدّدين في السلطة
نقل الدبلوماسيون الأميركيون في عدد من البرقيات السرية المسربة عبر موقع «ويكيليكس»، صورة مفصّلة عن العلاقات التركية السورية، بتطوّرها منذ العام 2005 إلى العام 2009، والأدوار التي اتخذتها هذه العلاقة في ملفات إقليمية عديدة، أبرزها «الإصلاح» في سوريا، والعلاقات بين دمشق وطهران، إضافة إلى الوضع اللبناني. ونقلت الوثائق نظرة تركية إلى الرئيس بشار الأسد على أنه «إصلاحي» يواجه «متشددين» في مؤسسات دولته، مشيرة إلى مسافة معيّنة بين سوريا و«حلفائها» في لبنان.
وفي برقية صادرة عن السفارة الأميركية في أنقرة بتاريخ 18 كانون الثاني 2005، نقل الدبلوماسيون الاميركيون عن رئيس إدارة شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية التركية حينها قوله إن «السفارة التركية في دمشق تنظر إلى الأسد على أنه يحاول إصلاح سوريا، وخاصة في المجال الاقتصادي، بمواجهة جيل أقدم من البعثيين»، وترى السفارة أن «سيطرة الأسد أكثر حساسية من أن تسمح له بالدخول في الإصلاح السياسي». وأكد المسؤول التركي أن «السوريين يدخلون في الإصلاح الاقتصادي، وينظرون إلى تركيا كشريك محتمل في هذا الجهد».
كما اعتبر المسؤول التركي أن توقيع اتفاق التجارة الحرة بين أنقرة ودمشق «مصمّم لتشجيع الإصلاح الاقتصادي السوري، الذي بدوره سيؤدي إلى إصلاح سياسي، وإلى إبقاء تركيا منخرطة مع سوريا». وفي برقية ثانية من العام نفسه، نقل الدبلوماسيون الاتراك عن الرئيس التركي حينها أحمد نجدت سيزر قوله إن زيارته لسوريا «عزّزت موقع الأسد والإصلاحيين الآخرين، في مواجهة المتشدّدين الذين يريدون الإبقاء على الأمر الواقع».
أما عن لقاء الأسد بالملك السعودي عبد الله خلال مشاركته في افتتاح «جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا» في أيلول 2009، فنقلت برقية صادرة عن السفارة الاميركية في دمشق، تعود إلى تشرين الاول 2009، عن دبلوماسي تركي تأكيده أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان «توسّط شخصياً لدى الأسد كي يغيّر رأيه، ويسافر إلى جدة لحضور افتتاح الجامعة».
ونقلت السفارة الأميركية في الرياض في برقية تعود أيضاً إلى تشرين الاول 2009، عن مصادر في السفارة المصرية هناك، قولها إن «الملك عبد الله طلب من الأسد خلال اللقاء، استخدام تأثيره لدى حلفاء سوريا (في لبنان)، لتشجيع زعيم التيار الوطني الحر ميشال عون على التخلي عن إصراره على إعطاء وزارة الاتصالات لجبران باسيل. كما حث الملك السعودي الأسد في اتجاه الضغط على حماس للتوصل إلى اتفاق حول المصالحة الفلسطينية في القاهرة. من جهته، طلب الأسد من الملك زيارة دمشق».
كما ينقل الدبلوماسيون الاميركيون عن مدير مكتب صحيفة «الحياة» في دمشق حينها، ابراهيم حميدي، قوله إن «تركيا قد حاولت تشجيع سوريا على التجاوب مع (مطالب) الملك عبد الله حول تشكيل الحكومة في لبنان»، لكنه أضاف أن «السياسة اللبنانية تتضمّن متغيرات أخرى غير سوريا والسعودية». وتنقل البرقية الأميركية من العام 2009، عن الدبلوماسيين الأتراك قولهم إن «تركيا لا تبدو واثقة تماماً، من ان حلفاء سوريا في لبنان سيكونون مستعدّين للتوصل إلى صفقة ما. عون صعب، وليس من الواضح تماماً مدى ارتباط أفعاله بحزب الله ودمشق».
وكانت برقية تعود إلى العام 2007، قد نقلت عن رئيس إدارة الشرق الاوسط في وزارة الخارجية التركية حينها، سادات اونال، قوله إن وزير الخارجية وليد المعلم، أشار إلى أن «سوريا حاولت التأثير على المعارضة اللبنانية (حينها) لوقف زعزعتها استقرار حكومة (رئيس الوزراء الأسبق فؤاد) السنيورة، لكنهم بدوا مصممين على الدفع باتجاه انتخابات مبكرة». ونقل اونال عن اردوغان قلقه ازاء اتخاذ الزعماء اللبنانيين «منحى عاطفياً لا عقلانياً»، وما يشكله ذلك من خطورة إطلاق سلسلة من الأحداث التي لن تمكن السيطرة عليها.
أما في ما يتعلق بالمحاور الإقليمية، فتنقل برقية أميركية من العام 2009، عن الدبلوماسيين الاتراك قولهم إن «المفتاح لتغيير السلوك السوري، هو جعلهم يشعرون بمزيد من الأمان. العزلة والعقوبات لن تجدي»، مضيفين ان السياسة التركية ازاء دمشق «تمنح سوريا الثقة الكافية للابتعاد تدريجياً عن ايران، بشروطها الخاصة».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد