المشهد العربي والاسلامي إلى مزيد من الاحتقان والاستحقاقات تدفع باتجاه التسريع
ككل يوم جمعة من كل اسبوع يعيش العالم العربي والاسلامي حالة من الترقب والحذر لما يمكن ان يحمله هذا اليوم من تطورات ميدانية صاخبة، خصوصا ان المنطقة برمتها تعيش اياما صعبة ومتداخلة من شأنها ان تبدل الخريطتين السياسية والجغرافية. فالعراق عاد ليعيش على وقع الانفجارات بعد ان بات محسوما امر انسحاب الجيش الاميركي منه نهاية العام الجاري، وليبيا تعيش مأزق الخلافات المستحكمة بين الثوار الذين لم ينجحوا بعد في القضاء على الحالة القذافية التي يمكن ان تعود لتغيير المشهد في حال استمرار تلك الخلافات واتساعها لدرجة كبيرة متوقعة لاسيما بين التيارات الشعبية والثورية من جهة والتيارات الاصولية والاسلامية المتشددة من جهة ثانية، بينما عادت اجواء التوتر الطائفي والسياسي تسيطر على مصر في اعقاب السجالات السياسية المتصاعدة اولا، والاشكالات بين المسلمين والاقباط في اسوان ثانيا، ما يؤشر إلى ان مصر لم تتعاف من تداعيات ثورتها التي اطاحت بنظام حسني مبارك، من دون ان تتولى السلطات السياسية الحكم، بل اقتصر الأمر على الجيش الذي لم يستوعب الصدمة بعد، ولم يخرج باصلاحات مطلوبة، مرورا بالبحرين التي عاد الجمر الكامن تحت رمادها ليتحرك من جديد بعد ان اصدرت السلطات احكاما بالاعدام على عدد من الذين شاركوا في اعتصامات دوار اللؤلؤة منذ اشهر ليست ببعيدة، فضلا عن اليمن الذي استعرت ناره بعد عودة الرئيس اليمني من الرياض ما يبشر بحرب استنزاف طويلة الامد بين مؤيدي بن علي ومعارضيه.
ولم تختلف الصورة كثيرا في سوريا، وان كان يوم "جمعة استعادة الثورة" الاخف وطأة منذ ما قبل شهر رمضان. غير ان اجواء التوتر الحذر تصاعدت في ظل خروج المتظاهرين إلى الشارع مطالبين باسقاط النظام في ظل شعارات تؤكد على رفع السقوف السياسية للمعارضة على الرغم من الوعود بالاصلاحات السياسية والاقتصادية.
وفي الجديد السوري ما نقله هاربون من مدينة الرستن القريبة من حماة عن دخول الجيش إلى احياء المدينة وتنفيذ سلسلة من العمليات العسكرية ادت إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف المتمردين وقوات حفظ الامن، وإلى موجة من الاعتقالات بدا انها الاكثر تركيزا من حيث عدد المعتقلين ونوعيتهم في دلالة واضحة على ان النظام انتقل بسهولة من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم المركز بعد ان استوعب معركته الاولى في جسر الشغور ودرعا وسائر المحافظات.
وفي موازاة الحراك في الشارع العربي، تسجل بورصة الحراك الدولي مزيدا الارتفاع في ظل اصرار على اعادة خلط الاوراق في المنطقة العربية في القريب العاجل، بما يتماشى والاستحقاقات الداهمة. فالوقت الفاصل عن انسحاب القوات الاميركية من العراق يمر بسرعة وهو مرشح إلى ان ينتهي قبل الانتهاء من ترتيب البيت العراقي. كذلك الامر فان الادارة الاميركية ستجد نفسها مشغولة بالانتخابات الرئاسية غير المريحة بالنسبة للرئيس باراك اوباما. وبالتالي فان المؤشرات تدل إلى امكانية تسارع الاحداث عل الاشهر القليلة الفاصلة عن الاستحقاقات الكبرى تحمل جديدا لاصحاب المصالح الاستراتيجية.
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
إضافة تعليق جديد