الحمى المالطية تصيب 8 آلاف سوري في نصف عام
كشف تقرير لوزارة الصحة أن أكثر من ثمانية آلاف إصابة بالحمى المالطية تم تسجيلها في المحافظات السورية خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، وأن انخفاضاً ملحوظاً طرأ على عدد الإصابات مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي الذي سجل خلاله بأكمله، نحو عشرين ألف إصابة بالحمى المالطية في المحافظات السورية، على حين اكتُشف عام 2009 في مجمل المحافظات السورية نحو 15 ألف إصابة، أي نصف عدد الإصابات المسجلة خلال عام 2004. وتظهر الإحصاءات أن النسبة الأكبر من الإصابات بالحمى المالطية في سورية تتمركز في الفئات العمرية (الأكثر من 20 عاماً).
وحسب التقرير المذكور فقد تصدرت الحسكة المحافظات السورية من حيث ارتفاع عدد الإصابات بالحمى المالطية خلال النصف الأول من العام الحالي، التي سجل فيها 1385 إصابة، وتلتها الرقة (1234 إصابة) ثم ريف دمشق (1139 إصابة)، ثم حلب (1041 إصابة)، ثم دمشق (713 إصابة)، ثم حماة (712 إصابة). كما سجل في الفترة عينها 260 إصابة في درعا، و100 إصابة في السويداء، و428 إصابة في حمص، و273 إصابة في إدلب، و46 إصابة في طرطوس، و49 إصابة في اللاذقية، و108 إصابات في القنيطرة.
وقال الدكتور هيثم الحنبلي مدير الأمراض المشتركة في وزارة الصحة لـ«الوطن»: إن الحمى المالطية من الأمراض الرئيسة والأكثر انتشاراً في بلدنا نتيجة الاحتكاك المباشر مع الحيوانات ونتيجة استهلاك المنتجات الغذائية الحيوانية بشكل كبير من اللحوم والألبان ومشتقاتها.
وأضاف الحنبلي: هناك ثلاثة أنواع من الحمى المالطية التي تنتقل إلى الإنسان من أصل حيواني وهي الحمى المالطية الماعزية والبقرية والخنزيرية، والأخيرة نادرة في بلادنا لقلة تربية الخنازير واستهلاك منتجاتها، أما الماعزية فهي موسمية لأن منتجات الماعز والأغنام موسمية، والمالطية البقرية هي الأكثر انتشاراً وعلى مدار السنة، وهناك أنواع أخرى من الحمى المالطية لا تصيب الإنسان ولا تنتقل إليه.
وبيّن الحنبلي أن من أسماء هذا المرض «الحمى المتموجة» التي تظهر مدة أسبوع أو أسبوعين ثم تختفي لتظهر من جديد بعد أسبوعين وقد تختفي نهائياً لتتحول إلى إصابة مزمنة مسببة العناء والخسارة الجسدية والمادية للإنسان المصاب إضافة إلى الخسارة الاقتصادية الناجمة عن تصفية الحيوانات المصابة لأن الحيوان المصاب لا يُعالج ولا جدوى اقتصادية من علاجه، والعلاجات التي تشمل الحيوانات هي عبارة عن علاجات وقائية «لقاح سنوي» للحؤول دون إصابتها، وتعالج منتجاتها بالحرارة والبسترة. والحمى المالطية «حسب الحنبلي» من الأمراض المخاتلة الكذّابة، لأن الجراثيم هنا هي جراثيم خلوية تختبئ داخل الخلية، وبعد أيام من العلاج بالدواء تحس هذه الجراثيم بالخطر وتختبئ داخل الخلايا فيعتقد المصاب أنه شفي لزوال الأعراض المرضية وعند إيقاف العلاج قبل الوقت المحدد تعود هذه الجراثيم لتنشط من جديد مسببة إصابة أشد لظهور نوع معند من هذه الجراثيم يحتاج إلى نوع جديد من العلاج وفترة زمنية أطول، وأقل فترة معالجة للحمى المالطية هي 42 يوماً، وعند حدوث خلل في المعالجة قد تتحول إلى إصابة مزمنة وتحتاج معالجتها إلى عدة أشهر، فأحياناً يختفي المرض بعد فترة من العلاج «الناقص» ويعتقد المصاب أنه شفي ولكن ما يحدث في هذه الحال هو ظهور المرض بعد ستة أشهر وتموضعه في أحد أعضاء الجسم كالمفاصل أو الكبد أو القلب أو الخصية، مؤدياً إلى أضرار صعبة وخطيرة وهنا يحتاج المريض إلى فترة علاج قد تصل إلى ستة أشهر أو إلى سنة، وكثيرة هي الحالات التي كان التشخيص فيها يدل على الحاجة إلى عمل جراحي مثل «التهاب شغاف القلب» أو «ورم الخصية» عدة أضعاف أكثر من حجمها الطبيعي أو غيرها من الحالات وتبين في النهاية أن السبب هو الحمى المالطية المتموضعة في هذا العضو من الجسم والتي لا يجدي معها سوى علاج الحمى المالطية، ولذلك نحاول إيصال هذه المعلومات التثقيفية الأساسية وإشراك كامل القطاع الصحي بها وإلى الآن هناك استجابة واضحة حيث بات الأطباء يطلبون في الكثير من الحالات تحليل «رايت» أو «كومبز» وهو الأحدث والأوضح لكشف احتمال إصابة المريض بالحمى المالطية واحتمال أن تكون هي المسبب الحقيقي للكثير من الأمراض الأخرى أو أعراضها.
وتابع الحنبلي بالقول: للخلاص من مرض الحمى المالطية علينا أولاً التخلص من أسبابه وأصله عند الحيوان، وهذه من المشكلات التي تقف عائقاً قوياً في طريقنا لأن السيطرة على الحيوانات ليست من اختصاصنا، ومنذ عام 2003 كان هناك مشروع «التقصي الوبائي للحمى المالطية» بيننا وبين مديرية الصحة الحيوانية في وزارة الزراعة التي بدأت بتلقيح مواليد الحيوانات قبل ذلك بأشهر، ولكن تلقيح الحيوانات كوقاية للقضاء على المرض يحتاج إلى 20 عاماً ليعطي النتائج المرجوة منه ويحتاج إلى أن ترافقه إستراتيجيات أخرى متوازية معه مثل مراقبة المنتجات الحيوانية ومناطق الإصابة وغيرها. ولكن لا يوجد دراسة حقيقية لنسبة الإصابة عند الحيوانات نتيجة الحركة العشوائية للحيوان وخصوصاً في الأسواق الشعبية. وبيّن الحنبلي أن الأسواق الشعبية لبيع المواشي مثل سوقي الخميس والجمعة وغيرهما هي من الظواهر التي تزيد من انتشار الحمى المالطية بشكل كبير وتستعصيه على الحل، فدخول حيوان واحد مصاب كفيل بنقل العدوى إلى جميع حيوانات السوق وخصوصاً أن الكثير من المربين يعمدون عند اكتشاف مرض إحدى أبقارهم مثلاً إلى التخلص منها ببيعها في مثل هذه الأسواق بدلاً من ذبحها ولاسيما أن تعويض البقرة لا يتجاوز الألف ليرة في حين يقدر ثمنها بعشرات الآلاف.
وهذه الظاهرة يجب الانتباه إليها وعلى الجهات المختصة أن تعمل على إيجاد الحلول الناجعة لها، وكذلك ظاهرة الحلاب أعتقد أنه يجب القضاء عليها لأن الحلاب قديماً كان يحلب أبقاره ويتجول لبيعها.
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد