السعودية تقاطع الرباعية وتدخل كطرف غير محايد في الصراع السوري
أبلغت السعودية مصر أنها لن تشارك في الاجتماع المقبل للجنة «الرباعية» حول سوريا، والمتوقع أن يعقد قبل نهاية الشهر الجاري، لكن من دون أن تعلن انسحابها منها، فيما حذر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، امس، من تداعيات الازمة السورية إقليميا، وخاصة على لبنان، بينما استطاع الجيش السوري، الذي يشن عملية عسكرية ضخمة ضد المسلحين في حمص، التقدم داخل حي الخالدية واستعاد قرى تحيط بالقصير على الحدود اللبنانية.
وقال مسؤول سوري إن انتحارياً فجر سيارة قرب مقر فرع الاستخبارات الجوية في منطقة حرستا في ريف دمشق. ووقع انفجار ثان قرب أحد مراكز الدفاع المدني في باب شرقي.
وقال معارضون إن رئيس «المجلس الوطني السوري» المعارض عبد الباسط سيدا «زار بلدة باب الهوا (السورية) المحاذية لتركيا في محافظة ادلب، حيث التقى العديد من قادة الجيش الحر». وذكرت قناة «بي بي سي» البريطانية ان مراسلها شاهد صناديق أسلحة اوكرانية كانت موجهة الى القوات السعودية في مركز للمسلحين في حلب.
وردت دمشق على كلام وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو المتعلق بتسلم نائب الرئيس السوري فاروق الشرع رئاسة حكومة انتقالية في سوريا، فاعتبرت أن هذا الكلام يعكس «تخبطا وارتباكا» سياسيا وديبلوماسيا. وقال وزير الإعلام السوري عمران الزعبي إن «تركيا ليست السلطة العثمانية والخارجية التركية لا تسمي ولاتها في دمشق ومكة والقاهرة والقدس».
وعلم من ديبلوماسيين معنيين بالأزمة السورية أن السعودية ما زالت عضواً في اللجنة «الرباعية» التي شكلتها مصر، وتضم أيضا تركيا وإيران، وإن كانت جاهرت بانعدام قناعتها بجدوى هذه الديبلوماسية، التي تقودها القاهرة، بإصرار من الرئيس محمد مرسي، وبجهود دؤوبة من وزارة الخارجية، التي تقارب الأزمة السورية من منطلقات عدة، أبرزها ما هو مرتبط بالأمن القومي المصري والعلاقة التاريخية بين البلدين.
وطرحت الديبلوماسية المصرية عدة مقاربات خلال اجتماعين للجنة، وتنوي طرح أفكار أخرى خلال اجتماع مقبل، وفق معلومات، ضمن سياق «الحل السياسي» ذاته للأزمة. آخرها محاولة تجميع المعارضة تحت مظلة «حكم معنوي» يتمثل في تجمع لأكثر الشخصيات قبولا ومصداقية لدى فئاتها أيا كانت انتماءاتها، من دون أن يسمى هذا التكوين بـ«مجلس عقلاء أو حكماء» بالضرورة، ليكون نقطة انطلاق نحو توحيد الفصائل المبعثرة بين قيادات وولاءات إقليمية دولية كثيرة.
أما على صعيد الحكم، فطرحت مصر أفكاراً تتعامل مع الأزمة من منطلق أنها مستمرة طويلا، فحاولت اختبار تصورات ضمن هذا المنظور، بينها النظر إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا صيف العام 2014 باعتبارها انتخابات تتجاوز فكرة المرحلة الانتقالية، وتشارك بها شخصيات جديدة بالمطلق.
أما سيناريو التدخل الخارجي فيبقى مستبعداً. ويؤكد ديبلوماسيون من المعسكرين أنه غير وارد، وأن الرغبة والإرادة غير متوافرتين له، ما يبقي على احتمالين، الأول هو الصراع المستمر، الذي سيأتي على مقدرات البلاد، أو لجوء الطرفين إلى حوار سياسي يتمخض عن نتيجة عملية، وهو ما يعتقد بعض أعضاء «الرباعية» أنه ممكن.
وتبقى السعودية خارج هذه التصورات السياسية، استنادا الى طموح التخلص من النظام الحاكم في دمشق بقوة السلاح. ويفسر ديبلوماسيون قبول الرياض المشاركة في «الرباعية» بأسباب مرتبطة برغبة دعم مصر في نشاطها الديبلوماسي الأول على المستوى الإقليمي، وثانيا «لإثبات فشل جدوى فكرة الانخراط الايجابي مع إيران». وهو موقف تعبر عنه الرياض بالتغيب عن نشاط اللجنة، من دون أن تنسحب منها رسمياً وفقا للمصادر ذاتها.
من جهتها، تراهن مصر على جدوى العلاقة مع إيران، بالرغم من الاختلاف في الشأن السوري، فهي «لا تريد لحالة الرهاب الطائفي الشيعي - السني أن تتوسع»، لتترك تأثيراً أكبر على العلاقات الإقليمية، كما أن تاريخاً من العلاقة الجيدة يحكم العلاقة بين طهران وجماعة الإخوان المسلمين المصرية، ناهيك عن توافق الطرفين في الموضوع الفلسطيني. وبالطريقة ذاتها تجد مصر لكل طرف من الأطراف الثلاثة المشتركة في اللجنة مبرراً للعب دور، حيث إن تركيا منخرطة تماما في دعم المعارضة السورية، وتريد التخلص من النظام لإقامة حكم ذي طابع إسلامي يستند الى تنظيم «الإخوان المسلمين»، والسعودية باعتبارها القوة الفعلية في الخليج العربي و«قلب العالم السني»، إضافة للأبعاد الشخصية التي ميزت العلاقة بين الرياض ودمشق، ولأسباب أخرى متعلقة برغبتها في إيجاد مكان للحركات السلفية في سوريا، كما جرى في باقي البلدان، ولكسر حلقة التعاون الإيراني - السوري.
من جهتها، ترغب إيران في تسوية سياسية تبقي النظام الحليف على المستوى الإقليمي والدولي، وتحفظ لسوريا ما بقي من مقدراتها السياسية والاقتصادية وتقيها شراً أكبر. أما مصر فتعتبر نفسها معنية بالقضية ضمن طموحاتها العربية ومخاوفها من تحول الصراع، من صراع نظام معارضة إلى حرب أهلية تمتد أبعادها بشكل أوسع، وأيضا رغبة من قيادتها الجديدة باستعادة دور القاهرة على المستوى العربي، وهو دور شكل غيابه في الأعوام الأخيرة فرصة لدول صغيرة بالبروز، ولا سيما قطر، التي يقول ديبلوماسيون إنها استبعدت عن «الرباعية» لأسباب متعددة، من أبرزها أنها «لا تمتلك أية أهداف واضحة على المستوى العملي» بخصوص الأزمة السورية أو مستقبل البلاد ما بعد الأزمة.
وكانت صحيفة «الراي» الكويتية قد نقلت عن مصدر ديبلوماسي رفيع المستوى قوله إن السعودية أبلغت مصر «انسحابها من الرباعية، لأنها تعتبر أن المضي في هذه المبادرة غير مجد في الوقت الحالي، ولا ثمار متوقعة من ورائها».
وقال المصدر إن «هناك اختلافا في الرؤى بين القاهرة والرياض، حيث إن السعودية تتهم إيران بأنها جزء من هذه الأزمة فيما ترى مصر أن مشاركة إيران جزء من حل الأزمة». وكشف عن أن «السعودية وأطرافا عربية أخرى أبلغت مصر أن مشاركة إيران في المبادرة يؤدي بهذه الجهود إلى نهايات غير سعيدة».
وأعلن مسؤول تركي أن الجيش رد على سقوط قذيفة سورية في إقليم هاتاي ( لواء اسكندرون)، فقصف مواقع للجيش السوري. وقال نائب الأمين العام للجامعة العربية احمد بن حلي إن داود أوغلو اتصل بالأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي حيث «بحثا الانتهاكات التي تقوم بها سوريا على الحدود التركية، وما يجب اتخاذه حيال عدم اتساع رقعة النزاع وخروجه عن نطاق السيطرة».
وأعرب الرئيس التركي عبد الله غول عن قلقه من عواقب النزاع السوري على بلاده. وقال إن «أسوأ السيناريوهات» تتحقق في سوريا، وحث المجتمع الدولي على التحرك، مؤكدا أن تركيا ستواصل اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية حدودها.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في افتتاح «منتدى عالمي للديموقراطية» في ستراسبورغ شرق فرنسا، إن «الوضع في سوريا تفاقم تفاقماً مأساوياً. انه يطرح مشاكل خطيرة بالنسبة لاستقرار جيران سوريا وكل المنطقة». وأضاف ان «تصعيد النزاع على الحدود السورية - التركية وتداعيات الأزمة على لبنان أمران بالغا الخطورة». وأشار إلى أن المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي سيعود إلى المنطقة خلال الأسبوع الحالي.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد