حرب تسريبات بين «النصرة» و«داعش» العراق يعتقل «أبو أسامة العراقي»
بدأت لعبة التسريب والتسريب المضاد، بين «جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) على خلفية النزاع الشهير بينهما، تأخذ منحى تصعيدياً مهما، وتتعدى حدودها مجرد الحملات الإعلامية الكلامية، إلى إحداث ثغرات في الجدار السري لهذين التنظيمين، تمكنت أجهزة الأمن العراقية وبعض التنظيمات المناهضة لهما، من استغلاله بنجاح في الفترة الأخيرة.
ففي سرية تامة وفي ظل كتمان من كافة الأطراف، تمكنت أجهزة الأمن العراقية في الأيام القليلة الماضية من إلقاء القبض على «أبو أسامة العراقي» أحد القيادات الإعلامية البارزة في تنظيم «داعش ـ جناح العراق» بحسب مصدر مقرب من تنظيم «داعش» تحدث . وتتجلى أهمية القبض على أبي أسامة في أنه كان يتولى مهمة تسريب أسرار خطيرة ضد «جبهة النصرة» عموماً، وزعيمها أبو محمد الجولاني خصوصاً، كما كان من أبرز المدافعين عن زعيم «داعش» أبي بكر البغدادي في ظل الحملات المتبادلة بين أنصار التنظيمين على صفحات التواصل «فايسبوك» و«تويتر»، وكان يؤدي دوراً كبيراً في توضيح وجهة نظر تنظيمه.
ويعتقد أن إلقاء القبض على أبي أسامة العراقي ما هو سوى حلقة من حلقات هذا التسريب والتسريب المضاد، حيث جاء بعد أقل من أسبوعين على تسريب عنوان منزل «أبي ماريا القحطاني»، المسؤول الشرعي لـ«جبهة النصرة» في العراق، وأدّى هذا التسريب إلى استهداف المنزل بتفجير كبير من قبل تنظيم منافس لـ«داعش» في العراق هو تنظيم «أنصار الإسلام»، بينما يرى آخرون أن من استهدفه هو جهاز أمني عراقي، ولكن بغض النظر عمن استهدف المنزل بالتفجير، فإن مجرد استهداف المنزل كان يعني أن الهوية الحقيقية لأبي ماريا، والتي بقيت مكتومة طوال السنين الماضية، أصبحت مكشوفة، في سابقة هي الأولى من نوعها من حيث لجوء تنظيمات «جهادية» إلى تسريب هويات قياداتها على هذا النحو بسبب خلاف بينهما.
وقد كان أبو أسامة هو من سرّب لقب «ميسرة هراري» الذي يستخدمه أبو ماريا في العراق، والذي أدّى في النتيجة إلى معرفة هويته الحقيقية، ومكّن من استهداف منزله سواء من قبل «أنصار الإسلام» أو من قبل أجهزة الأمن العراقية. فكان الرد على أبو أسامة من قبل «جبهة النصرة»، أو متعاطفين معها، هو تسريب هويته إلى أجهزة الأمن العراقية التي ألقت القبض عليه.
ولقب «ميسرة هراري» الذي سرّبه أبو أسامة هو ما مكّن من معرفة الهوية الحقيقية لأبي ماريا القحطاني، حيث غدا ثابتاً أن أبا ماريا هو «ميسرة الجبوري» أحد القيادات في «دولة العراق الإسلامية»، وهو الذي فرضت عليه الولايات المتحدة في أواخر العام 2012 عقوبات نتيجة دوره في الإرهاب وكونه قيادياً في «جبهة النصرة»، ولكن من دون أن يذكر قرار العقوبات أن ميسرة الجبوري هو نفسه أبو ماريا، إما لعدم توافر معلومات لديها عن هذه النقطة أو لغاية في نفس يعقوب.
كما كان من أبرز ما سرّبه أبو أسامة العراقي هو أسرار الخلاف بين زعيم «النصرة» أبي محمد الجولاني و«امير داعش» أبي بكر البغدادي، حيث روى قصة الخلاف على نحو يدعم وجهة نظر تنظيمه، ويضع المسؤولية على عاتق الجولاني و«النصرة». وأبرز النقاط التي سربها العراقي في هذا الخصوص هي أن الجولاني كان معتقلاً في أحد سجون العراق حيث تعرف على قيادي في «دولة العراق الإسلامية» زكّاه لدى البغدادي، وبعد إطلاق سراحه كان الجولاني مرشحاً لمنصب المتحدث الرسمي باسم «الدولة الإسلامية»، لكن أبو محمد العدناني (السوري أيضاً من مدينة بنش الإدلبية) فاز بالمنصب، فجرى تعيين الجولاني في منصب شرعي لكتيبة الأمنيين في نينوى. ومما لا شك فيه أن تسريب هذه المعلومة قد يكون من شأنه منح أجهزة الأمن، سواء في العراق أو سوريا، فرصة التأكد من الهوية الحقيقية للجولاني.
وتابع العراقي تسريباته بالقول «بعد ذلك اختار البغدادي بناء على توصية القيادي، الذي أطلق سراحه أيضاً، الجولاني ليتولى مهمة تأسيس جبهة النصرة في سوريا»، مشيراً إلى أن البغدادي حرص على أخذ البيعة من الجولاني يداً بيد، واشترط عليه عدم التقرب من تنظيم «القاعدة»، وأنه، أي البغدادي، يملك صلاحية إلغاء «جبهة النصرة» ودمجها مع «الدولة الإسلامية» متى أراد، ووافق الجولاني على ذلك.
عبد الله سليمان علي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد