الخلاف على مواجهة "داعش" يطيح وزير الدفاع الأميركي
أقدم الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، على تعديل في نواة فريق عمل إدارته، بالطلب من وزير الدفاع الأميركي تشاك هايغل التنحي، في ظل تأكيد عدد من المسؤولين في البيت الأبيض، أن هذا التغيير يأتي تماشياً مع الظروف الجديدة التي من المفترض أن تتكيف معها السياسة الأمنية للولايات المتحدة في الوقت الراهن، بينما أظهرت الترجيحات أن مسألة الإستراتيجية التي من المفترض أن تتبعها الولايات المتحدة في مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـــ «داعش»، تعد أحد أبرز أسباب هذا التعديل.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن هايغل تنحى من منصبه «تحت الضغط»، ليكون بذلك أول «الضحايا» من المسؤولين في إدارة أوباما، بعد تراجع الديموقراطيين أمام الجمهوريين في انتخابات الكونغرس الأخيرة، و«المعاناة» التي يخوضها فريق الأمن القومي الخاص به، وسط تنامي الأزمات العالمية.
وأعلن أوباما عن تنحي وزير دفاعه من قاعة «حديقة الزهور» في البيت الابيض، أمس، بحضور هايغل ونائب الرئيس الأميركي جو بايدن، وهو كان اتخذ قرارا بالطلب منه (وهو الجمهوري الوحيد في فريق الأمن القومي) بالقيام بهذه الخطوة يوم الجمعة الماضي، بعد سلسلة من اللقاءات خلال الأسبوعين الماضيين، بحسب ما ذكر عدد من المسؤولين رفيعي المستوى في البيت الأبيض.
واشاد أوباما في كلمة مقتضبة بجهود هايغل في وزارة الدفاع وفي «خدمة بلاده»، لافتاً إلى أنه «وافق على البقاء في منصبه حتى تعيين خلف له»، وهو ما أعاد هايغل تأكيده عقب انهاء أوباما لكلمته.
وحرص الرئيس الأميركي على طمأنة حلفائه في «حلف شمال الأطلسي» على أن التحالف سيبقى «قوياً»، مشدداً على أن هايغل كان قد أبلغه باستقالته الشهر الماضي.
بدوره أكد هايغل أن إدارة أوباما وضعت وزارة الدفاع والولايات المتحدة على خط أقوى نحو الأمن والاستقرار، مشيراً إلى أنه «فخور جداً» بما حققه خلال فترة توليه لهذه المسؤولية.
وأتى تعيين هايغل الذي يتمتع بخبرة عسكرية واسعة، والذي كانت تعتريه الشكوك دائما حول الحرب في العراق، في ظل ظروف ترتيب الإنسحاب الأميركي من أفغانستان، وفي ظل تقليص ميزانية البنتاغون بعد فترة التقشف التي خضعت لها الميزانية الأميركية.
وجاء تعيين هايغل قبل أقل من سنتين في منصبه، في ظل طرح أوباما لبرنامج من أجل سحب القوات الأميركية من أفغانستان والعراق، ولكن الإدارة الأميركية عدَّلت هذا الإجراء اليوم، مع إعادة إقحام القوات الأميركية في العراق مجدداً، وخلق تعاون عسكري أكبر مع كابول.
وعبَّر هايغل في أحاديثه الخاصة عن شعوره بـ«الإحباط» نتيجة استراتيجية الإدارة الأميركية تجاه العراق وسوريا، وعن افتقاره للقدرة على التأثير في اتخاذ القرارات في هذا المجال، بحسب ما ذكر مصدر مقرب منه.
كما جزم أحد المصادر القريبة من هذه القضية أنه «تمت إقالة هايغل»، الذي طرح تساؤلات عدة حول إستراتيجية أوباما تجاه سوريا، في مذكرة سياسية داخلية تم تسريبها مؤخراً، حذر فيها من أن سياسة أوباما في خطر نتيجة فشله في توضيح نواياه تجاه الرئيس السوري بشار الأسد، بعد أن أصر أوباما على مهاجمة تنظيم «داعش» دون الاقتراب من الأسد.
وشدد هايغل على أن الولايات المتحدة حضرت نفسها وحلفاءها والجيش الأفغاني لعملية انتقال ناجحة في أفغانستان، مؤكدا أن بلاده قامت بتقوية أحلافها وشراكتها في العالم بينما «تستجيب» بشكل ناجح لعدد من الأزمات العالمية».
واعتبر مسؤول أميركي رفيع، أن المرحلة الحالية «تتطلب شكلا آخر من التركيز»، ولكنه أشار إلى أنه لم تتم إقالة هايغل، وأصر على التأكيد أن النقاشات مع أوباما حول مستقبل بقائه في منصبه بدأت منذ حوالي أسبوعين، وأن الرجلين اتفقا على أنه حان الوقت بالنسبة له للرحيل.
ولكن عدداً من معاوني هايغل كانوا قد أشاروا خلال الأسابيع الماضية إلى أنه توقع أن يكمل سنواته الأربع في منصبه، ويبدو أن تغييره يأتي ضمن جهود من البيت الأبيض لإظهار تفاعله مع الانتقادات التي وجهت إلى الثغرات في عمل الحكومة مؤخرا في بعض مسائل الأمن القومي، ومن ضمنها مسألة فيروس «أيبولا» والتهديد الذي يمثله تنظيم «داعش».
وقبل الإعلان عن إزاحة هايغل كان مسؤولون في إدارة أوباما يلمحون إلى إمكانية استبداله، ويأتي في رأس لائحة البدلاء كل من الوكيل الأسبق لوزارة الدفاع ميشيل فلورنوي، والسيناتور الديموقراطي جاك ريد وهو ضابط سابق في الوحدة 82 المظلية في الجيش، والنائب السابق لوزير الدفاع أشتون كارتر.
(«نيويورك تايمز»، أ ف ب، أ ب)
إضافة تعليق جديد