اتفاقية المعونة الأميركية قيد التوقيع: شروط تضبط التفوق العسكري لإسرائيل
وصل ممثل رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى العاصمة الأميركية تمهيداً للتوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقية المعونة العسكرية الأميركية لإسرائيل، والتي تبلغ 38 مليار دولار للسنوات العشر المقبلة. وعلى الرغم من إعلان السفير الأميركي في تل أبيب، دان شابيرو، أن هذه هي المعونة الأكبر في تاريخ العلاقات الإسرائيلية الأميركية، إلا أن ذلك كان أقل بكثير من مطالب وتمنيات الحكومة الإسرائيلية. ويرى خبراء أنه على الرغم من الزيادة الظاهرية في حجم المعونة من 3.1 مليار دولار سنوياً إلى 3.8 مليار دولار، إلا أن شروط المعونة تثير قلق الصناعات العسكرية الإسرائيلية.
وقد وصل إلى واشنطن، القائم بأعمال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، يعقوب بنغل، ممثلاً نتنياهو للتوقيع مع مستشارة الأمن القومي الأميركية سوزان رايس على اتفاقية المعونة الأميركية لإسرائيل للعقد المقبل. وقد أنهى الطرفان مفاوضات استمرت شهورا طويلة منذ أواخر العام الماضي، وشهدت مشاحنات وتوترات. وتوصل الطرفان إلى اتفاق يقضي بمنح إسرائيل معونة أمنية بقيمة 38 مليار دولار، بينها 5 مليار دولار مخصصة لتطوير منظومات الدفاع ضد الصواريخ.
وكانت أخر تفاصيل الاتفاق قد تم إبرامها بين بنغل والسفير الأميركي في إسرائيل، وسط توقعات بأن يتم التوقيع على الاتفاق بالأحرف الأولى بين بنغل ورايس خلال الساعات المقبلة. ومعروف أن اتفاقية المعونة السابقة تنتهي في نهاية العام 2018 وكانت بحدود 30 مليار دولار للسنوات العشر الأخيرة. ولكن كانت اتفاقية المعونة السابقة تسمح لإسرائيل بتلقي مساعدات أمنية إضافية، مثل تمويل تطوير منظومات دفاع جوي وسواها، وهو ما لا تسمح به الاتفاقية الحالية، التي دمجت كل المعونة الأميركية في صفقة واحدة، وألزمت إسرائيل بعدم المطالبة بغيرها من الكونغرس.
ورأى خبراء أن إسرائيل تلقت في الأعوام العشر الأخيرة، أكثر من 35 مليار دولار من أميركا، فضلاً عن مساعدات عسكرية عينية أخرى. وبحساب بسيط، فإن الزيادة المعلنة لا تغطي تراجع قيمة الدولار أو ما يسمى بغلاء المعيشة. وفضلاً عن ذلك، فإن النقطة الجوهرية في الاعتراضات الإسرائيلية، تتعلق بتراجع أميركا عن السماح بتحويل جزء من المعونة يصل أحياناً إلى 40 في المئة إلى الشيكل لشراء معدات من الصناعات العسكرية الإسرائيلية. ويفرض الاتفاق الجديد على إسرائيل، التخلي عن تحويل الدولار إلى شيكل وشراء البضائع فقط من الصناعات العسكرية الأميركية. لكن أميركا منحت إسرائيل فترة تساهل لست سنوات لتأهيل صناعاتها لمواجهة هذه الضربة.
وفي كل حال، فإن المعونة الأميركية التي هي الأكبر شكلياً، لا تتناسب مع توقعات الإسرائيليين ومطالبهم التي كانت تتراوح بين 45-50 مليار دولار للعقد المقبل. ولهذا السبب فإن كثيرين يوجهون انتقادات لنتنياهو الذي ماطل في التفاوض مع إدارة أوباما واصطدم مع هذه الإدارة في الكونغرس بسبب الاتفاق النووي مع إيران. ويؤمن إسرائيليون بأنه لو أدار نتنياهو المفاوضات مع إدارة أوباما بشكل أفضل، لحصلت إسرائيل على مساعدة مالية أكبر وبشروط أفضل.
وبين الشروط السيئة التي فرضتها إدارة أوباما على نتنياهو، إلزامه بعدم مطالبة الكونغرس بأية معونات إضافية. ويتضمن الاتفاق رسالة رسمية من حكومة إسرائيل تتعهد فيها بأن لا تدير في العقد المقبل أية اتصالات مع الكونغرس لزيادة المعونة أو للحصول على أية معونات أمنية أخرى. وسمح الاتفاق لإسرائيل بإبداء تحفظ يتعلق بأن تطالب بزيادة المعونة في حال تعرضها لأمر طارئ كالحرب مثلاً.
وعلى الرغم من الاتفاق على المعونة، إلا أن معركة تدور خلف الكواليس بين الإدارة الأميركية والكونغرس حول اتفاقية المعونة العسكرية. فقد أصرَّ السيناتور الجمهوري ليندسي أبراهام على مواصلة الضغط على الإدارة لزيادة المعونة العسكرية لإسرائيل. وهو حالياً يعمل على حث تشريع لرزمة معونات إقليمية، تضع المعونة لإسرائيل إلى جانب المعونة لأفغانستان والأردن والأكراد. ويبدو أن الإسرائيليين المتخوفين من تعقيدات اللحظة الأخيرة، يضغطون على ليندسي لتلطيف معارضته للشروط التي فرضتها إدارة أوباما على إسرائيل.
وتنبع معارضة ليندسي لشروط الإدارة من نقطتين: الأولى رفضه المبدئي محاولة الإدارة تقييد الكونغرس بشأن الميزانيات لإسرائيل، والثانية رأيه بوجوب تكثيف أميركا لدعمها لإسرائيل في أعقاب الاتفاق النووي مع إيران. وقال إن الضغط الذي تمارسه الإدارة على إسرائيل يشير لطهران بأن واشنطن «غير جادة في حمايتها لإسرائيل».
وكان السفير الأميركي في إسرائيل قد أعلن أن رزمة المساعدات الجديدة لإسرائيل ستكون الأكبر في تاريخ العلاقات. وقال إن الاتفاق سيغطي كل احتياجات الأمن الإسرائيلي حتى العام 2029. وشدد على حجم المساعدات الأميركية لإسرائيل في مجالات تطوير منظومات الدفاع ضد الصواريخ من «القبة الحديدية» إلى «حيتس» مروراً بـ«عصا الساحر». وقال إن أميركا تساعد إسرائيل حالياً على تطوير منظومات ضد الأنفاق.
واستقبلت الصناعات العسكرية الإسرائيلية الاتفاق بالاعتراض. فالاتفاق يقود عملياً إلى خسارة هذه الصناعات لأقل من مليار دولار سنوياً، كانت قيمة مشتريات الجيش منها لبضائع إسرائيلية. ومعروف أن الكونغرس كان يخصص 500 مليون دولار سنوياً لإسرائيل لتطوير منظومات ضد صواريخ كانت تذهب جميعها للصناعات العسكرية، فضلاً عن 26 في المئة من قيمة المعونة السنوية التي كانت تبلغ 3.1 مليار دولار سنوياً.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد