أوروبا تدفع ثمن صمتها!
لا يكاد يمرّ يوم إلا و نشهد عملاً إرهابياً أو أكثر في أرجاء العالم وتقوم وسائل الإعلام بفرد مساحات واسعة للتغطية الإخبارية والتحليلية ومع ذلك يبقى السؤال الذي يتجنبه الأغلبية: من المسؤول عن انتشار الإرهاب على مستوى العالم وتعدد أساليبه في استهداف المدنيين؟.
إن غياب طرح هذا السؤال على ألسنة الصحفيين والإعلاميين في العديد من المؤسسات الإعلامية الكبرى على مستوى العالم لا يعكس ضعفاً أو بمعنى آخر اقتناعاً بأن المسؤولية عن انتشار الإرهاب غير واضحة أو يتحمّلها الجميع، بل يعكس سياسةً إعلاميةً لمالكي هذه المؤسسات هدفها الأساسي إبعاد الشبهة عن الدول التي تفرخ الإرهابيين وتدعمهم وتستثمرهم في تحقيق أهدافها الاستعمارية سياسياً واقتصادياً.
ما تشهده الساحة الأوروبية تحديداً من هجمات إرهابية تطول المدنيين الأبرياء يعيدنا إلى التحذير الذي أطلقته الحكومة السورية في بداية الحرب الإرهابية عليها من مخاطر دعم وتوظيف الإرهاب لتحقيق أهدافٍ سياسيةٍ، وحينها تجاهلت الدول الغربية التي كانت متورطة في دعم التنظيمات الإرهابية في سورية تحت مسمى «المعارضة المسلحة» أو «المعارضة المعتدلة» هذا التحذير، وللأسف أسهم ذلك إلى جانب أمور أخرى في تمدد الإرهاب إلى أوروبا، وبالتالي تكرار الأحداث الإرهابية بشكل يومي في المدن الأوروبية رغم كل الإجراءات الأمنية.
لا يمكن فهم السياسة الإعلامية لبعض المؤسسات الغربية التي تتستر على داعمي الإرهاب إلا في إطار «تطويع شعوب العالم على تقبل سماع الأحداث الإرهابية» دون السؤال أو مجرد التفكير بالجهات المسؤولة عن وقوعها أو انتشار الإرهاب، الأمر الذي يخفي نوايا الدول والقوى الغربية وأدواتها التي عولت على التنظيمات الإرهابية لتحقيق أجندات سياسية في سورية والعراق ومصر وليبيا وتونس وغيرها وعدم تخليها عن هذا الشكل العدواني الخطير الذي تتعدى عواقبه حدود الدول المستهدفة إلى أبعد من ذلك بكثير، وما تشهده الساحة الأوروبية من عمليات إرهابية هو انعكاسٌ حقيقيٌّ لسياسة بعض القوى والدول الغربية في السيطرة على مقدرات العالم.
مع الأسف الولايات المتحدة الأميركية قائدة الاستثمار في الإرهاب بدءاً من أفغانستان والصومال والعراق ويوغسلافيا السابقة وسورية ومصر وليبيا وتونس والجزائر ما زالت مصرة على استثمارها في الإرهاب رغم الكوارث البشرية والإنسانية والطبيعية الناجمة عن اعتماد هذا الأسلوب القذر، والشيء الأكثر إيلاماً من ذلك أن العديد من الحكومات الغربية التي تشهد مدنها تفجيرات إرهابية مصرّة على اللحاق بالسياسة الأميركية غير مكترثة بالعواقب الوخيمة التي تتنظر شعوبها، وذلك بالنظر لقربها من الدول التي تقع في دائرة توظيف واشنطن للإرهاب.
أمام هذا الواقع السائد أميركياً وغربياً ليس بمقدور أحد أن يتوقع حجم المخاطر التي تهدد العالم إذا لم يرفع الصوت ويكشف الستار عن المفرخين والداعمين والمستثمرين في الإرهاب، وهنا تتحمل كل المؤسسات المستهدفة للرأي العام المسؤولية برفع الغطاء عن داعمي الإرهاب و عن المؤسسات الإعلامية التي تتستر عليهم.
إن لحاق العديد من الدول الغربية بالسياسة الأميركية والصمت على استثمارها في الإرهاب تُدفع نتائجه من أمن وحياة مواطنيها وبترك الباب مفتوحاً أمام هجمات إرهابية دموية جديدة ويسهم في تصاعد عواقب ذلك تجاهل العديد من وسائل الإعلام الخوض في تحديد المسؤولين عن ذلك، و هذا بحد ذاته يشكل غطاءً غير مباشر للإرهاب و داعميه.
صحيفة الثورة
إضافة تعليق جديد