الماسونية العالمية: 22937 محفلاً تضم 176388 عضواً
الجمل: يتردد استخدام كلمة (ماسونية) في الكثير من الوسائط الإعلامية، والأدبيات الثقافية، وعادة ما يتم استخدامه بشكل سطحي، فالكثيرون لا يعرفون معنى ودلالة مصطلح (ماسونية).
• في المصطلح والدلالة:
يمكن تتبع كلمة ماسونية بدءاً من الكلمة الفرنسية التي استقر عليها المصطلح حالياً وهي: ماسون (MACOM) ومعناها الحرفي (باني الجدران Builder of Walls) وتقابلها في الانكليزية ماسون (MASON)، وفي الألمانية (Steinmitz)، المأخوذة من الفعل الألماني (Mitzen) ومعناه (يقطع).
لم تطلق الماسونية على نفسها تسمية (ماسونية)، بل تستخدم تسمية مركبة هي: (Freemasonary) ومعناها الحرفي: الماسونية الحرة، وقد ظهرت التسمية لأول مرة في الوجود عام 1375م، حسبما تشير إليه الوثائق المتوافرة حالياً، وبرغم ذلك هناك اعتقاد بأن التسمية كانت موجودة قبل ذلك بفترة طويلة، ولكن منع من ظهورها إلى العلن الطابع السري المطلق الذي كانت تتميز فه بدايات الحركة الماسونية، والذي يرجح بأن بدايات التسمية تعود إلى ما قبل عام 1155م.
• في الطبيعة والتنظيم:
تقوم الجماعة الماسونية على اعبتارات (الأخوة، والحرية والتحرر)، وتستند هذه الاعتبارات إلى جانبين:
- التفاهم والتوافق المشترك بين أعضاء الجماعة.
- المثل الأخلاقية والميتافيزقية التي تعتمدها الجماعة.
تعتمد الماسونية هيكلاً تنظيمياً يجمع بين البساطة والتعقيد، فهو من الظاهر يبدو هيكلاً عادياً شديد البساطة، ولكنه من الجانب التفصيلي الأعمق شديد التعقيد.
يتضمن البناء التنظيمي نوعين من الكيانات، هما: المحافل العظمى (Grand Lidges) والتوجيهات أو (المشرقيات) العظمى (Grand Orients)، وتتميز هذه الكيانات بالاستقلالية النسبية، في الاعتبارات المتعلقة بالشؤون (الأخوية) داخل كل بلد، أو الدولة أو المنطقة، التي تمثل دائرة الاختصاص والولاية للكيان الماسوني الموجود فيها:
• المحافل الماسونية: وتمثل التنظيم الرئيسي الأساسي للماسونية، السائد والمعترف به في أمريكا وبريطانيا.
• التوجيهات (أو المشرقيات العظمى): وتمثل التنظيم الأساسي للماسونية السائد والمعترف به في فرنسا.
الالتحاق بالتنظيم الماسوني يخضع لشروط العضوية والمحددة بستة متطلبات، هي:
- الرغبة والإرادة الحرة.
- الإيمان والاعتقاد بوجود كائن أعلى.
- أن لا يقل العمر عن 18 عاماً.
- العقل المنفتح.
- أن يكون الشخص حراً.
- توصية عضوين من المحفل.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الشروط تبدو بسيطة وسهلة، لكنها من الناحية العملية أكثر تعقيداً، بسبب التدقيق الشديد الذي يتعرض له طالب العضوية، وبالذات شرط (العقل المنفتح)، و(الرغبة والإرادة الحرة) وهي أمر يصعب إثباتها، أما توصية العضوين، فهي في غاية الصعوبة إن لم تكن مستحيلة.
تشير الإحصاءات والبيانات المتاحة إلى وجود الآتي:
- 4670 محلاً ماسونياً في بريطانيا ومعظم مستعمراتها السابقة ينتمي إليها حوالي 262651 عضواً.
- 727 محفلاً ماسونياً في كندا ينتمي إليها حوالي 60728 عضواً
- 12916 محفلاً ماسونياً في الولايات المتحدة، ينتمي إليها حوالي 1203159 عضواً.
- 2500 محفلاً ماسونياً في أمريكا اللاتينية ينتمي إليها 120 ألف عضو.
- 771 محفلاً ماسونياً في بلدان أوروبا (ماعدا بريطانيا) ينتمي إليها 90700 عضواً.
- 53 محفلاً ماسونياً في افريقيا، ينتمي إليها 2150 عضواً.
وبالتالي يكون اجمالي عدد المحافل الماسونية في العالم حوالي 22937 محفلاً ينتمي إليها حوالي 1767388 عضواً.
تغلغل الماسونية في المؤسسات العليا لدول العالم، تعود جذوره إلى اربعمائة عام، وذلك عندما استطاعت المحافل الماسونية استقطاب أبناء الأسر الحاكمة في البلدان الأوروبية، خاصة في بريطانيا وفرنسا، الامبراطورية البروسية التي كانت تسيطر عليها وسط أوروبا.
الماسونية برغم شروط عضويتها المنفتحة ظاهرياً إلا أنها حركة سرية نخبوية، تقوم باستخدام تجنيد الأعضاء الذين تم اختيارهم وانتقاؤهم، وعادة ما يكونون من الأثرياء، والوجهاء، والمفكرين، وكبار المسؤولين.
التغلغل المبكر في الدوائر العليا، إضافة إلى السرية، والتخطيط المحكم كانت المفاتيح الأساسية التي سيطرت بها الماسونية على أفراد الحاشيات الملكية والامبراطورية في أوروبا، وعندما أفسحت الدول الأوروبية الاستعمارية بلدان العالم، وفقاً لاتفاقية سايكس-بيكو، (تقسيم منطقة شرق المتوسط والشرق الأدنى)، واتفاقية برلين (تقسيم القارة الأفريقية)، استطاعت الماسونية أن تنقل أنشطتها إلى المستعمرات الجديدة، عن طريق المسؤولين الاستعماريين الذين كانوا يشرفون على دولاب الإدارة والحكم في البلدان المستعمرة.
وفي العالم العربي نجح المسؤولون الاستعماريون في تجنيد العديد من العناصر المحلية للحركة الماسونية، وكان نمط الماسونية الذي تم نشره في البلدان العربية ينسجم مع نمط الماسونية في بلد القوة الاستعمارية المسيطرة.
- الماسونية البريطانية: تغلغلت في المستعمرات البريطانية: الأردن، العراق، الخليج، اليمن، مصر والسودان.
- الماسونية الفرنسية: تغلغلت في: المغرب، تونس، الجزائر، لبنان، وسوريا.
وفي هذه البلدان استطاع المسوؤلون البريطانيون والفرنسيون، الذين كان عدد كبير منهم ينتمي إلى المحافل الماسونية البريطانية والفرنسية، من تجنيد عدد من:
- الموظفين المحليين الذين كانوا يعملون في دوائر الحكم الاستعماري عن طريق إغرائهم بتولي المناصب العليا.
- الأثرياء المحليين الذين كان يتم إغراؤهم بدعم أنشطتهم الاستثمارية.
- المثقفين البارزين والذين كان يتم إغراؤهم بالتسهيلات المختلفة.
- الطلاب المتفوقين الذين كان يتم إغراؤهم بالمنح الدراسية في بريطانيا وفرنسا.
- السياسيين الذين كان يتم إغراؤهم بالتسهيلات والدعم السياسي والمالي بعد منح الاستقلال، وتمهيد السبيل أمامهم لتولي سدة الحكم.
في الفترة التي أعقبت الاستقلال كانت الماسونية قد استطاعت أن تحقق لها مكاناً وموطئ قدم في أوساط النخب السياسية العربية، والكثير من دوائر المال والأعمال فيها، ولكن بعد فترة من الزمن تغيرت التوازنات.. ففي البلدان العربية التي حدثت فيها الكثير من التغيرات العاصفة، مثل مصر عبر الناصر، وسوريا حافظ الأسد، وليبيا القذافي، وعراق صدام حسين، تراجعت الأنشطة الماسونية بشكل كامل في هذه البلدان، وبقيت حصراً في البلدان العربية الأخرى التي تسيطر عليها النخب والحواشي الملكية والزعامات الطائفية، وحالياً تقول المعلومات بوجود المزيد من الأنشطة الماسونية في: الأردن، لبنان، السعودية، تونس، المغرب، والخليج العربي.. كذلك هناك معلومات مؤكدة حول وجود الأنشطة الماسونية المكثفة في تركيا، وباكستان، المجاورتان لبلدان الشرق الأوسط.
هناك تأثيرات كثيرة لدور الحركة الماسونية في توجيه مراكز صنع واتخاذ القرار في البلدان العربية التي استطاعت الماسونية أن تتغلغل فيها: فالتقارب العربي- الإسرائيلي، والاتفاقيات السرية الإسرائيلية- العربية، والتحالفات غير المبررة مع أمريكا والغرب، والأيادي الخفية التي تدير شبكات المصالح الفاسدة والصفقات الفاسدة في مختلف المجالات تؤكد جميعها وجود مؤشرات تنذر بوجود كيان داخلي يعمل سراً في ترتيب وتنسيق الأدوار.. ولن نكون بعيدين عن الحقيقة إذا قلنا بأن ثمة رائحة للماسونية في ذلك.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد