الجنود الأمريكيون يقايضون صور الجثث العراقية بصور اباحية
الجمل ـ يامن حسين:منذ سنوات خلت كان البعض في قرانا يتعاملون بما تنتجه الأرض بديلا للعملة النقدية، فمثلاً عندما يمر بائع متجول في القرية تشتري إحدى النساء قماشاً لتخيطه مقابل كمية معينة من الزبدة والبيض ومازالت بعض القرى تتعامل أحياناً بهذا المبدأ ففي قريتنا مثلاً يمكنك الحصول على علبة منظف مقابل 5 بيضات ..
إن قيمة المادة المباعة وقيمة تلك المشتراة ومعادلتهما غالباً ماتكون عادلة أو إن مقدار الخطأ فيها طفيف أي لارابح ولاخاسر..
تسرب مفهوم قريتنا إلى عقر دار الولايات المتحدة الأمريكية ليس نتيجة غزو ثقافي نقوم به نحن قرى الطين إلى العالم المتمدن فمازالت قرانا بعيدة جداً عن خوض معركة العولمة المتوحشة ماجرى هو نقل لمفهوم المقايضة من قريتنا إلى أمريكا مع تعديل في ماهية السلع وتقييم عنصري للوزن النوعي لحياة الفرد الأمريكي مقابل الفرد العربي ..
منذ أكثر من ثلاث سنوات والجنود الأمريكيون الموجودون في العراق يلتقطون صورا لجثث القتلى العراقيين, هذه الجثث كانت مشوهة بشكل مرعب ومقطعة إلى أشلاء ,ويرسل الجنود الصور إلى المشرف على أحد المواقع الإباحية الرائجة www.nowthatsfukedup.com
وفي المقابل يقوم المشرف على الموقع المدعو(Chris Welson) وهو مواطن أميركي من فلوريدا بالسماح للجنود بتصفح مجاني لموقعه الإباحي أي أن الجنود الأمريكان يستخدمون صور الجثث العراقية المشوهة كنقود لشراء عضوية هذا الموقع الإباحي بدلاً من استعمال البطاقات المصرفية.
في موقع ويلسون يمكنك مشاهدة وجه مسلوخ لرجل عربي وموضوع في إناء مملوء بالدم ..,ورأس رجل أخر تخثر الدم على وجهه مختلطاً مع بودرة القنابل والحروق ومرمياً إلى جانب الطريق ..
ثمة صورة أخرى لرجل عراقي يرتدي معطف جلدي يجلس في سيارة في مقعد السائق ومعالم وجهه ممحية من جراء إطلاق النار على رأسه مع قطع اللحم والجلد المتناثرة على رقبتهِ.
وفي بعض الصور يظهر ستة جنود أمريكيين وعليهم ملامح التعب يبتسمون للكاميرا بينما يشيرون بأصابعهم إلى جثة متفحمة موضوعة تحت أقدامهم , كتب هؤلاء الجنود تعليقا ساخراً في أسفل الصورة " الشكل المثالي لكل رجل عراقي"
أحد الجنود والذي يملك صفحة خاصة به في الموقع كتب تعليقاً تحت إحدى الصور التي إلتقطها والتي تُظّهر فكا متعفنا ومخلوعا "die haje die" " موت يا حجي موت"
الموقع يلقى رواجاً نتيجة أن الصور الإباحية حقيقية فزوار الموقع يضعون صوراً عارية لزوجاتهم وصديقاتهم أو صورا تم التقاطها خلسة من بيت الجيران وفي عام 2005 كان ثلث المتصفحين هم من الجنود الأمريكان العاملين خارج أمريكا وكان عددهم حوالي 50 ألف جندي أميركي متصفح للموقع..!
من جهة أخرى تطالب إدارة الرئيس الأمريكي بوش العالم بالتعاطف الإعلامي العالمي وذلك بعدم نشر صور توابيت الجنود الأمريكين المغطاة بالأعلام الأمريكية والعائدة بالطائرات إلى أمريكا
وكلنا يذكر شجب مسؤولين حكوميين أمريكيين المتواصل لبث قناة الجزيرة صور الحرب المروعة وخاصة لجرحى الحرب الأمريكيين في العراق.
أما قضية صور التعذيب في سجن أبو غريب فحدث نزاع قانوني في الولايات المتحدة الأمريكية حول السماح بعرض ماتبقى من صور حول الفظائع المرتكبه فيه, وقال رئيس هيئة الأركان في الجيش الأمريكي ريتشارد مايرز
"إن نشر بقية الصور سيغذي الحقد الإسلامي ويشجع الشباب المسلم للإنضمام إلى القاعدة" فالفظائع وحقوق السجناء ليست هي المهمة بل ارتدادات نشرها هو مايهم متعجرفي الإدارة الأمريكية .طبعاً صورت فضيحة أبو غريب على أنها أخطاء فردية لبعض الجنود وجرى طي القضية لاحقاً بينما في المقابل يجري تطويع العالم العربي عبر التهديد والوعيد بسبب أخطاء اقترفتها القاعدة ..!
أمريكا التي تعتبر نفسها الأم الحنون للديمقراطية وتفتخر بحقوق مواطنيها وصونها لحرياتهم وتهدد بما ستلقاه شعوب إحدى الدول من ويلات في حال تعرض مواطنيها للخطر ولو من مجموعة صغيرة في هذه الدولة تجسد عنصرية فجة ليس فقط من خلال رجال السياسة في أميركا بل أيضا عنصرية من المجتمع الأميركي ذاته فحياة الفرد الأمريكي أو الغربي أعلى قيمة من حياة العربي وحياة أفراد من العالم الثالث وكذلك موته فليس الموت واحد وهذا مافصله المفكر عزمي بشارة في مقال له بعد خطف الجندي (جلعاد شاليط ) والجندين الإسرائيليين في لبنان وماجرى بعده من عدوان عسكري طال كل من غزة ولبنان بعنوان "حول الوزن النوعي للحياة والموت " المنشور في موقع (عرب 48) حيث يخلص إلى القول "لقد ثبت أن قيمة حياة الإنسان في الدول الغنية والمستعمِرة ترتفع مع انخفاض قيمة الإنسان في الدول الفقيرة والمستعمَرة. التناسب عكسي وليس طرديا كما يدعي أدعياء اللياقة السياسية، الذين ورثوا تمثيل قيمه وأخلاقياته بالتعبيرات اللغوية دون القيم ذاتها. وإن مقولة أن شعب يضطهد شعبا آخر لا يمكن أن يكون شعبا حرا، هي مقولة صحيحة بالمعنى الفلسفي للحرية، أما بالمعنى السياسي فالدول المستعمرة والغنية تطور أنظمتها السياسية الديمقراطية إبان الاحتلال وبعده، وتتوسع حقوق المواطن فيها رغم تراجعها تحت الاحتلال."
إن تشدق العالم الغربي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية بقيم الحرية والديمقراطية أظهر نفاقاً فاقعاً فصور أبو غريب وصور القتل والدمار في العراق أو في السنغال وأفغانستان أو الصومال وراوندا وصولاً إلى المتاجرة بصور جثث القتلى العراقيين تبين أن قيمة حياة وموت البشر ليست متساوية ومفهوم المساواة هو مفهوم نسبي كالحقيقة مثلما أن الجلاد والضحية في كل مكان لايمكن أن يتساويا لابالحياة ولابالموت وسيبقى هناك من يبيع صور الجثث التي قتلها مقابل لذةٍ ما ..إنها حيونة الإنسان بكل ما للكلمة من معنى..!!!
الجمل
إضافة تعليق جديد