لوسيفر و أسماؤه البغيضة

09-11-2020

لوسيفر و أسماؤه البغيضة

لانا ترك:

كل منا شيطان نفسه ونحن نجعل هذا العالم جحيمنا
(أوسكار وايلد)


لوسيفر كصفة باللاتينية تعني حامل الضوء أو النجمة المشعة و هو ترجمة لكلمة heylel العبرية ....
أطلق الإسم على نجم الصباح (كوكب الزهرة) او الإسم  الغربي المعروف حاليا" Venus....
تغير اسمه وجنسه بتغير الحضارات وترافق مع شخصيات متعددة دينية أسطورية ....
هو (عثتر) في اليمن ، (عتار) بالآرامية في أوغاريت في سوريا ، و أيضا" في الديانة الكنعانية نجمة الصباح هي الإله (عتار) الذي حاول أخذ العرش من الإله (بعل) و عندما لم يستطع نزل وحكم العالم السفلي .....  (عشتار) في الأردن ، (عستار ) في أثيوبيا
(إشتار) عند البابليين في حضارة بين النهرين ......
في بعض هذه المناطق قبل الإسلام كان يعتبر إله الحرب وله سلطة على نجمة الصباح التي تسطع و تتحرك مغيرة موقعها في السماء ثم تختفي وكأنها تسقط من الأعالي إلى الأرض وما تحتها ...
  اعتقد أيضا" أنه من يمد الإنسان بالماء والخصب ورمز له ببقر الوحش أو الظبي....
وفي رواية أخرى يحكى أن مقاتلا" اسمه (هلال) أراد أن يعلو كل النجوم المقدسة في السماء لكنه فشل وهبط إلى الأدنى كما نجمة الصباح التي قبل أن تصل أعلى مكان في السماء يسطع الإله (شمس) و يخفيها...
عند الإغريق والرومان كان(لوسيفر) الإله ابن إلهة الفجر (Aurora) يمثل كرجل يحمل مشعلا" يشق لها ظلام الطريق وهي تتبعه في عربة تجرها أربعة أحصنة ....
أما والده فكان Cephalus وتعني الرأس مما يوحي بأنه كان ذكيا" ...
جاء العهد اليهودي القديم وذكر في فصل إسحاق وفصل حزقيال (Helel Ben Sahar) أي ابن الفجر أو الصباح أو المتألق و قيل :
....سقطت يانجم الصباح إلى الأرض ، أنت الذي حكمت الممالك و ظننت بأنك ستصل الجنة وتعلو فوق نجوم الله لكنك سقطت إلى عالم الموتى ....
هنا اختلفت التفاسير فمنهم من قال بأنه يتحدث عن إنسان هو ملك بابل و منهم من قال بل عن ملك صور الفينيقي ، و أما القصة التي يوافق عليها الأغلبية فهي أنه ملاك في الجنة ...
كان أجمل الملائكة و أكثرها حكمة و ذكاء" حتى أصابه الكبرياء والغرور وبدأ يطلب لنفسه المجد الذي يملكه خالقه أي بالمفهوم السياسي أصبح منشقا"وثائرا"بإرادته الحرة فطرده الله من الجنة إلى الأرض و يقال بأن ثلث الملائكة تبعته او طردت معه...
عندها تغير اسمه من( Lucifer )جالب الضوء أو نجمة الصباح إلى( Satan) أو الشيطان.....
الكلمة في العبرية مشتقة من فعل( عارض أو خالف)
و تعني الخصم أو المتهم (بكسر الهاء) ....
ترجمت إلى (Diabolus ) باللاتينية... (Devil)بالآنجليزية....
بعد طرده بقي مسموحا"للشيطان التنقل بحرية بين الأرض والجنة حتى صعد المسيح إليها ...
  أما مصيره بعد المجيء الثاني للمسيح فأن يكون مقيدا" في حفرة خلال الألف عام التي يحكم فيها المسيح ثم سيلقى في بحيرة النار (متى 25:41)
الرواية القرآنية لم تذكر نجم الصباح لكنها قالت بأن(إبليس) كان ملاكا" طرد إلى الأرض لأنه رفض السجود لآدم كباقي الملائكة....
قال عن نفسه بأنه مصنوع من نار فكيف يسجد لمن هو من طين ...
و يقال بأن كلمة( إبليس ) مشتقة من اليونانية (Diabolos) المشتكي أو النمام و منهم من يقول أنها كلمة عربية معناها : يئس من رحمة الله......
وقع الإسلام في الخلاف لأنهم يميزون بين الملائكة المصنوعين من ضوء و بين الجن المصنوعين من نار ويفترض أن الملائكة لا تخطئ أما الجن فتخطىء.....
الجن ومفردها جان أو جني تعني المختبئ أو المتأقلم .
في العبرية تعني الجوف الفارغ ....
بالآرامية (جنايا) تعني الحديقة أو الملاك الحارس...
كما أن (Jaini) هي روح ساحرة أنثوية في الأساطير الفارسية ..
الجن مخلوقات بين الإنسان والآلهة آمن بها العرب قبل الإسلام و استمر الإعتقاد بها في الإسلام ، يمكن لها أن تأخذ أشكالا" مختلفة أو أن تكون مختفية ....
في حديث لابن العباس اعتبر (إبليس )ملاكا" مصنوعا" من نار وقال بأن كلمة جن تطلق على الجن الأرضي وعلى الملائكة المصنوعة من نار كالشيطان ....
الزمخشري قال بأن الملائكة والجن لفظان لشيء واحد ..
منهم من قال بأن ملائكة الرحمة من ضوء أما ملائكة العقاب فمن نار ...
أكثر ما يتفق عليه أنه كان من الجن الأرضي لكن آمن بالله فرفعه إلى الجنة حتى جاء اليوم الذي عصا فيه أمره فطرده و اعتبره من الكافرين...
بعد طرده طلب من الله أن يسمح له بغواية البشر حتى يوم البعث فكان له ذلك أما في يوم الحساب فقال له بأنه سيملأ جهنم به و بأتباعه ليكون مصيرهم السعير ...
يقال في الأحاديث بأن اسم إبليس قبل السقوط كان (عزازيل) لكن الإسم لم يرد في القرآن وهو نفسه ملاك الموت (عزرائيل) ....
وردت كلمة عزازل او عزازيل في العهد اليهودي القديم
   كان التقليد في عيد Yom Kippur أن تجرى القرعة على كبشين (تيسين) يقدم أحدهما إلى يهوا فيذبح أما الآخر فيضع فيه الكاهن الأعلى كل خطايا اليهود ويقدم إلى (عزازل) الذي قيل أنه اسم جبل في الصحراء أو البرية ، يقود راهب هذا التيس الذي يربط على قرنه خيط قرمزي و يترك هناك أو يرمى من أعلى الجبل وبذلك يبعد اليهود آثامهم إلى البرية التي كانت تعتبر موطن الشياطين أي يرسلون الخطايا إلى حيث تنتمي.
بعد ذلك في كتاب إينوك (إدريس) أصبح عزازل معروفا" كملاك ساقط علم الإنسان استخدام الأدوات والمعادن فصنع الرجال السيوف والسكاكين والتروس  ووضعت النساء الأقراط والأساور و تعلمن صبغ الشعر والحواجب فلم يعد الإنسان نقيا" لذلك وبأمر من الله (يهوا) ربطه الملاك رافائيل على صخر خشن يفترض في نفس المكان الذي رمي منه الماعز...
ذكر أيضا" الإله (بعل ذبوب) الفلسطيني( إله الذباب) كمثيل لإبليس لأنه يسبب الأمراض للناس...
توأم آخر لعزازل في جورجيا اسمه (Amirani) عصا الإله و علم الإنسان استخدام المعادن ثم عوقب بربطه على جبل....
بروميثيوس (Prometheus)  في الأسطورة الإغريقية الرومانية من التيتان (أهل الآلهة) المصنوع من النار وكان مخادعا" وفائق الذكاء ، خلق الإنسان من الطين ثم خالف إرادة رئيس الآلهة زيوس( Zeus)  عندما سرق النار وأعطاها للإنسان..
Prometheus :Pro= قبل Manthanos= ذكاء   
تعني المفكر أو صاحب الرؤيا للمستقبل.......
  كانت النار رمز بدء الحضارة وبروميثيوس رمز نشر الفن و العلوم و يقال بأنه ربما الإنسان الذي اخترع أداة إشعال النار الأولى (Pramantha )......
كعقوبة قيد على صخرة وكان نسر زيوس يأكل كبده المتجدد في كل يوم حتى أنقذه (هرقل) فيما بعد ....
وضع صفات إله قديم و أساطيره في جديد تدعى التوفيق بين  المعتقدات ( Syncretism )......
و المصدر الأقدم المعروف للأسطورة هي الحضارة السومرية فالإله دوموزي (Dumuzi) كان بداية الإله أو الملاك الساقط الذي لعنته الآلهة ثم مات وبعث....
في السومرية أيضا" وجد الإله( أنكي )الذي خلق الإنسان من طين على صورة الآلهة ومثالها حتى يخدمها ويطعمها وأعطاه المعرفة ثم اختلف مع الإلهة Ninmah(نمو) بعد أن شربا الخمر حتى سكرا فلعنته وقالت له : لن تسكن الجنة ولا الأرض.
اختفت قصته في بداية التحضر الحديث لكنه تقمص في آلهة أخرى فوجدت نسخا" منه أو من قصته عند الآشوريين و البابليين والحضارة الهيلينية و الرومانية ..
جلجامش ملحمة لشخصية مشابهة أكثر إثارة منه كتبها شاعر عبقري استطاع أن يجمع قصائدا" سومرية قديمة متعددة عن مغامرات ملك اسمه جلجامش فشل في رحلة بحثه عن الخلود فمات وعين قاضيا" في العالم السفلي...
كم من المجازر ارتكبت وترتكب باسم محاربة الشيطان أو الشرير وكم أصبح إله البعض شيطان الآخرين عبر العصور ...
ربما لذلك اعتبر( ويليام بليك) في كتابه زواج الجنة والجحيم الشيطان نموذجا" ضد السلطة غير العادلة ، يمثل عواطف الإنسان التي تريد الحرية من كل ما يكبلها و اعتبره المعلن عن القوانين الأخلاقية ..

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...