السياسة الإسرائيلية داخلياً وخارجياً حسب رؤية شيمون بيريز
الجمل: تحدث شيمون بيريز نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي في واشنطن، حول جملة من القضايا الهامة، المدرجة أمام إسرائيل، وكان حديث شيمون بيريز، أمام ديفيد ماكوفيسكي الباحث خبير منظمات اللوبي الإسرائيلي في شؤون الشرق الأوسط، وأبرز القضايا التي علق عليها شيمون بيريز تمثلت في الآتي:
• إمكانية تقبل وتعايش إسرائيل مع إيران النووية:
إذا واصلت إيران القيام بالأشياء الثلاثة المتمثلة في:
- تطوير الأسلحة النووية.
- القيام بدور المركز الداعم للإرهاب.
- الطموح السافر بهدف السيطرة على كامل منطقة الشرق الأوسط.
فإن هذه الأشياء الثلاثة سوف تختلط مع بعضها البعض، وسوف تقع الأسلحة النووية في إيدي الإرهابيين غير المسؤولين، وسوف يشكل ذلك مشكلة لكل العالم، وسوف لن يكون بإمكان العالم التعايش مع الإرهابيين الذين يملكون القدرات النووية، ومن ثم، عاجلاً أم آجلاً، سوف يقوم العالم باتخاذ الإجراءات، وسوف لن تكون إسرائيل متطوعاً أو رائداً إزاء تلك المغامرة.
• التداعيات الإقليمية على إسرائيل إذا انسحبت أمريكا من العراق:
الحرب لم تبدأ بسبب إسرائيل، ولا يوجد تأكيد بأن عاقبتها سوف تؤثر على إسرائيل، بل سوف تكون مشكلة أمام العرب إذا تفكك العراق منقسماً إلى ثلاثة كيانات سياسية مختلفة، وسوف يسبب ذلك مشاكلاً كبيرة لكل من: العالم العربي، تركيا، إيران، وسوريا.
هناك مواجهات أخرى في منطقة الشرق الأوسط ليس لها تأثيرات على إسرائيل، وهي مواجهات: الجزائر، السودان، الصومال... وغيرها.
وليس كل صراع في الشرق الأوسط يبدأ بإسرائيل، أو يرتبط بإسرائيل، وبرغم ذلك فهناك دور ضئيل جداً يتوجب علينا القيام به في العراق.
• الحرب المحتملة مع سوريا، أم فتح قناة الاتصال من أجل السلام مع سوريا على المدى القريب:
يجب أن تكون هناك قناة اتصال مع سوريا، ولكن حالياً توجد بعض المشاكل الساخنة على الأجندة:
- مستقبل لبنان: هل سوف يبقى رئيس الوزراء فؤاد السنيورة ويستمر ممسكاً بلبنان بلداً تعددياً ديمقراطياً؟ أم سوف يطيح به حزب الله؟ وحالياً تقوم سوريا بدعم حزب الله بالأسلحة والمال: ومن ثم، فكيف يمكن أن نتحدث حول السلام؟
- الولايات المتحدة: لديها العديد من المطالب المتعلقة بتوريط سوريا في العراق، ولا يمكن أن تتحرك إسرائيل بدون الولايات المتحدة، وذلك لأن تحرك إسرائيل جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة هو أمر حيوي وضروري لتوازن القوة وعملية السلام.
• كيفية إيقاف تدفق الأسلحة من سوريا إلى لبنان:
لا داعي ولا حاجة لقرار دولي آخر بواسطة مجلس الأمن، وبدلاً عن ذلك، فهناك بالأحرى حاجة إلى تنفيذ القرار الموجود القائم. وهناك وجود قوي لقوات الأمم المتحدة في لبنان، وهي تحتاج فقط إلى التقدم قليلاً باتجاه عمق الأراضي اللبنانية لكي توقف تدفقات الأسلحة.
لقد خرج حزب الله من الحرب السابقة مهزوماً بالكامل، ليس على أساس اعتبارات موضوع الحرب وسببها، بل على أساس اعتبارات النتائج.
وقد كان حسن نصر الله منطقياً إزاء إسرائيل، ولكننا لم نفهم لماذا لم يكن حسن نصر الله منطقياً في أحكامه إزاء حزب الله. وقد (امتدح) إسرائيل لقيامها بأخذ الدروس والعبر من حرب لبنان، ولكنه لم يقف ليأخذ بعض الدروس والعبر الخاصة به. فما الذي حققه في هذه الحرب بجانب الدماء، الإحباط وخيبة الأمل، والمآسي؟ ولماذا دخل الحرب من أول وهلة؟..
• الدور المحتمل لفك الارتباط بين إسرائيل والجامعة العربية:
سوف تحاول إسرائيل التحرك في نفس الوقت ضمن ثلاث مسارات متوازية منفصلة:
- المسار الإسرائيلي- الفلسطيني: وقد وافقت إسرائيل على قيام دولة فلسطينية تتولى المسؤولية عن معظم الضفة الغربية، بحيث يتسنى لإسرائيل إقامة السلام، وعلى أية حال، الفلسطينيون منقسمون بين حماس وفتح، وأصبحت حماس لا تسمح لفتح بالتحرك، وبرغم ذلك، فسوف تواصل إسرائيل تجنب التوقف في هذا المسار.
- المسار العربي- الإسرائيلي: وهو مسار السعوديين والجامعة العربية، وإسرائيل مستعدة للجلوس معهم، والمشكلة تتمثل في أن على الجامعة العربية أن تقرر الاجتماع، لأن هناك عدد من الأعضاء في الجامعة العربية لا يوافقون على التفاوض معنا لأنهم لا يعترفون بإسرائيل.
- المسار الاقتصادي: وترى إسرائيل أنه المسار الواعد بالأمل، وما هو سياسي يتعلق بالحدود، ويعتقد الإسرائيليون أنه من الصعب التفاوض حول الحدود ضمن المناخ الحالي، أما الاقتصاد فهو حول العلاقات، فأوروبا لم تغير حدودها، بل غيرت علاقاتها، ونتيجة لذلك، أصبحت هناك أوروبا موحدة، تختلف تماماً عن أوروبا التي كانت موجودة طوال الفترة السابقة منذ آلاف السنين.
• مستقبل كاديما كحزب:
لا يمكن تسيير دفة الحكومة باستطلاعات الرأي العام، ويمكن قراءة نتائج استطلاعات الرأي العام، ولكنها ليست العامل الحاسم في اتخاذ القرار. والحقيقة تتمثل في أن التحالف الذي يتزعمه كاديما له أغلبية مؤثرة داخل البرلمان الإسرائيلي، وفي أي تصويت برلماني سوف تكون النتيجة لصالح كاديما بنسبة 6 إلى ثمانية فقط، وبالتالي لا أحد في إسرائيل يريد الانتخابات حالياً.
• مدى عدالة تقرير فينوغراد:
من الجوانب الممتازة في إسرائيل، أنه عند دخولها في أي حرب، وبغض النظر عن النصر أو الهزيمة، فإنه يتم دائماً تكوين لجنة تحقيق، وذلك من أجل التعرف على الأخطاء التي تم ارتكابها، لأنه لا حرب بلا أخطاء، والحرب نفسها تمثل خطأ كبيراً ينتج المزيد من الأخطاء الأخرى. ومن ثم لابد من التحقيق واكتشاف الأخطاء وذلك لأن الحرب نفسها تمثل تنافساً بين الأخطاء طالما أن الذي يرتكب أخطاء أقل سوف يكون هو الطرف الرابح.
لقد عينت الحكومة الإسرائيلية لجنة التحقيق، للتحقيق مع الجميع بما في ذلك الحكومة نفسها، ومن ثم فإن النتائج في التقرير تتميز بالعدالة والنزاهة.
• توجهات وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس إزاء الحل السياسي:
يقدر الإسرائيليون زيارة كوندوليزا رايس الأخيرة إلى الشرق الأوسط لأنها ساعدت على إبقاء الأمل من أجل السلام في ظل ظروف محبطة، ويعتبر شيئاً هاماً، وذلك لأن عملية الإبقاء في بعض الأحيان تمثل في حد ذاتها نوعاً من التقدم.
يرى الإسرائيليون ضرورة عدم ترك الحوار الفلسطيني يتوقف، ويجب أن تكون هناك أذناً صاغية لما يقوله السعوديون والجامعة العربية، وبرغم (عدم وجود أوركسترا في الشرق الأوسط، إلا أنه يوجد نوع من الموسيقا الجيدة) وذلك لأنه طوال المئة عام الماضية لم نسمع زعماء وقادة عرب هامون مثل ملك السعودية يقول بأن زمن استراتيجية الحرب قد انتهى، وأن زمن استراتيجية السلام قد أتى.
وعموماً، يمكن اعتبار الآراء التي طرحها شيمون بيريز أمام الخبير ديفيد ماكوفيسكي بمثابة تسريبات متعمدة تحاول الكشف عن النوايا الإسرائيلية إزاء مبادرة السلام العربية، وذلك لعدة أسباب أبرزها:
- ان شيمون بيريز يمثل نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، ومجال اختصاصه هو الشؤون العربية، وذلك منذ أيام رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق (المغدور) اسحاق رابين، وتلعب آراء شيمون بيريز حول العرب دوراً هاماً داخل إسرائيل.
- ديفيد ماكوفيسكي الذي حاور شيمون بيريز يمثل النظير المقابل لشيمون بيريز داخل امريكا، وذلك على أساس اعتبارات أن بيريز هو مرجعية الشؤون العربية داخل إسرائيل، وديفيد ماكوفيسكي هو مرجعية الشؤون العربية داخل منظمات اللوبي الإسرائيلي واليهود الأمريكيين.
- الإشارات التي يريد الإسرائيليون إرسالها إلى العرب حول مبادرة السلام العربية هي إشارات تتضمن الآتي:
• ضرورة فصل المسار الفلسطيني عن المفاوضات، أي أن لا تتطرق المفاوضات إلى (القضية الفلسطينية).. وذلك لأن حركة فتح قادرة على إنجاز ذلك منفردة مع إسرائيل، وسوف تنفذ ذلك بعد التغلب على حركة حماس.
• ضرورة أن يتطرق التفاوض مع العرب على موضوع حدود إسرائيل، لأن إسرائيل لا تريد تحديد حدودها في الوقت الحالي، وفقط يجب أن يتركز التفاوض على الجانب الاقتصادي الذي يهدف إلى تحقيق التعاون بين إسرائيل والدول العربية.
• يجب على الجامعة العربية أن تلزم كل العرب بإصدار قرار جماعي يعترف بإسرائيل، وذلك حتى يتم التفاوض تحت مظلة الاعتراف المتبادل بين إسرائيل والعرب.
• إن حزب كاديما باق في الحكومة وعلى العرب أن لا يتوقعوا أي تغيير في الحكومة الإسرائيلية إلا عند حلول موعد الانتخابات الإسرائيلية القادمة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد