وسام مجري لفنان سوري
حصل منذ أيام، الإعلامي وفنان التصوير الضوئي السوري بهجت اسكندر المقيم بالمجر على وسام الاستحقاق المجري من مرتبة فارس تقديراً لأعماله الفنية الإبداعية. كما حصل خلال مسيرته الفنية على أكثر من مئة جائزة في المجر وخارجها.
وكان الفنان اسكندر أثناء زيارته لسورية ومشاركته في مهرجان جبلة الثقافي الأول في عام 2004قد قال:
إن هواية التصوير وممارستي لهذه المهنة تأتي صدى لرغبة قديمة لازمتني منذ الطفولة سعياً وراء فهم عالم التصوير والغوص عميقاً في أسراره وخباياه، وظل الحلم يراودني بامتلاك آلة تصوير، ولكن الإمكانات حالت دون تحقيق ذلك، وظلت هذه الرغبة دفينة في أعماقي إلى أن ذهبت إلى هنغاريا بقصد الدراسة وكانت أول هدية اشتريتها لنفسي من منحتي الدراسية كاميرا روسية من نوع «Zenet» وفي حينها صممت أن أقوم بالعملية التصويرية بمراحلها كلها بنفسي بما يتضمنها التحميض وطبع الصور..
فآلة التصوير استهوتني وأخذتني إلى عالمي الداخلي الخاص وأنقذتني في مرحلة الشباب من الضياع والدخول في متاهات أنا في غنى عنها في بلد كان كل شيء فيه جديد وغريب.
ويقول بأن أجمل الصور التي التقطتها حسب قناعتي هي بالأسود والأبيض حيث أرى أن هذين اللونين يملكان ألواناً داخلية نفسانية متعددة، ويعطيان حدة في المعالم أكثر من التصوير بالألوان، فعندما أنظر إلى أي صورة من تلك الصور تجرني في نفق عميق يحثني على معرفة المضمون، وعند قيامي بتصوير أي إنسان أحاول التحدث معه لمدة معينة خلالها أراقب الأشياء التي يمكن أن آخذها من شخصيته وماذا يجري بداخله من خلال لغة عيونه وحركة شفاهه وقسمات وجهه وحركة جسمه، وأتحين الفرصة المناسبة لالتقاط الحالات العفوية وأبتعد قدر الإمكان عن وضعيات التصنّع أمام الكاميرا.
وأود أن أشير هنا إلى أن المواضيع التي حققت لي شهرة في هنغاريا، بالدرجة الأولى، هي صور الأسود والأبيض والتي تروي قصصاً عن المجتمع والحياة الإنسانية وجانب المعاناة الحياتية لجماعة من الناس الأبرياء غير المسؤولين عن وضعهم وقدرتهم، أصورهم ليس من أجل اغتنام الفرصة لأظهر فقرهم أو جهلهم بل لإيصال رسالة إلى المجتمع المسؤول كي ينظر ويرى تلك الحالات الموجودة من حوله. فقراءة الصور هي عبارة عن قراءة حروف فكل صورة ألتقطها تحمل وراءها قصة معينة يمكن قراءتها من خلال رموز تبدو واضحة من معالم الصورة.
وحول أهمية التوثيق عبر التصوير الضوئي ذكر: إن جمال سورية وقوتها تكمن بطبيعتها الجميلة ووجود الحضارات القديمة مثل تدمر وأوغاريت.. والقلاع المختلفة إضافة للحياة الاجتماعية والجوانب التراثية الفنية، وكل هذه تحتاج إلى توثيق من خلال تصوير كل مدينة وقرية بحاراتها وأزقتها وشوارعها وطبيعتها وآثارها والاهتمام بجميع جوانب حياة السكان ولباسهم لتعريف الأجيال الحالية والقادمة بغنى الحياة السورية، فحسب رأيي نحن لانهتم لابالتاريخ ولابالجغرافيا، لذلك لابد من الإشارة الى ضرورة الاهتمام بالتراث الشعبي وتوثيقه كي لايضيع في زحمة موضة «العولمة» والحضارات التي تحاول فرض نفسها .. فمثلاً الهنغاريون يهتمون بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي يتخوفون من طمس شخصيتهم وهويتهم الخاصة في زخم الحضارة الأوروبية فهم غير مستعدين للتنازل ولابأي شكل من الأشكال عن الهوية الشخصية وطريقة العيش وأغانيهم الشعبية ورقصاتهم الفلكلورية... وهنا تكمن أهمية التوثيق التراثي لأنه ذاكرة الشعوب.
وحين يحتضن الفنان الكاميرا بين يديه ويلامسها بأصابعه ويلتقط الصور يعيش في حالة فريدة وخاصة يصفها قائلاً : في هذه اللحظات أنسى نفسي وأعيش مع كل ما أراه من خلال بؤرة العدسة حيث يتحول كل انتباهي وأحاسيسي وتركيزي بموضوع الكادر الذي أصوره وحينها لاأعود أشعر ولاأكترث بماحولي وأحس بنشوة غريبة عندما يكون بيني وبين موضوع الصورة تجاوب فهو يعطيني الإرشادات ماذا أختار وعلى أي شيء أركز؟.. وبطبعي أكره الصور الجامدة ولذلك أحاول تحريك الجامد في صور الطبيعة فمثلاً عند سقوط نقطة الماء في ماء ساكن تحدث حركة هنا ألتقط صورتي.
ويرى اسكندر أن لغة العصر هي اللغة المرئية وأكبر مثال على ذلك تلك الضجة التي أثارتها صورة التعذيب في سجون «أبو غريب» العراقية والتي قلبت المفاهيم والأشياء خلال نصف ساعة ولو كتب عن ذلك سنوات وسنوات لن تستطيع الكتابة أن تؤثر التأثير الذي عكسته تلك الصور على الرأي العالمي.
***
- ولد الفنان اسكندر عام 1943 في قرية البرازين التابعة لمدينة جبلة سافر الى هنغاريا منذ عام 1967 بقصد إكمال التحصيل العلمي، حصل على شهادة في الهندسة المعمارية عام 1971 وفي عام 1976 حصل على شهادة أستاذ مهندس، عمل لدى شركات مجرية عديدة كمهندس، ومثّل إحدى الشركات لعدة سنوات في المغرب والجزائر وحاليا يعيش ويعمل في مدينة كشكميت والتي لاتبعد سوى 80 كم عن العاصمة بودابست، مارس هواية التصوير منذ عام 1968 وشارك في معارض فنية هنغارية وعالمية بالاضافة الى أكثر من 250 معرضاً شخصياً ومنذ عام 1990 افتتح في مدينة كشكميت صالة عرض خاصة لتصوير الأعمال الدعائية والأزياء والموضة والكتالوجات الخاصة بالشركات بالإضافة للتصوير لبعض الجرائد والمجلات عرضت صوره في بلدان عدة منها كندا، أمريكا، يوغسلافيا، الجزائر، رومانيا، الدانمارك ، نيوزلاندا، فرنسا وفي بلده الأم سورية الفنان السوري المغترب بهجت اسكندر.
عاطف عفيف
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد